روابط ذات العلاقة
بدعوة من وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا والنرويج، بدأ تشين قانغ وزير الخارجية الصيني بجولة الى اوروبا في الفترة من 8 إلى 12 مايو الجاري، والتي تعد أول زيارة يقوم بها تشين قانغ لأوروبا بعد توليه منصب وزير الخارجية. وبحسب التحليل، تعد هذه الزيارة استمرارا للزخم من التبادلات الوثيقة رفيعة المستوى بين الصين والاتحاد الأوروبي في الأشهر الأخيرة. وفي ظل الوضع العالمي المتغير، تأمل الصين أن تساعد التبادلات المتعمقة بين الجانبين الجانب الاوروبي في تكوين فهم موضوعي وشامل للصين، وإيجاد طريقة للتفاعل بشكل مشترك والتكيف مع الوضع الجديد.
كل منها تركيزه الخاص
أشار الرأي العام والمحللون إلى أن زيارة تشين قانغ جاءت بعد الزيارات السابقة لكثير من الشخصيات الأوروبية الى الصين، وأن اختيار الوجهات له أولويات واضحة، لكل منها تركيزه الخاص.
"هذا يدل على أن دبلوماسية الصين مع أوروبا لها نمط ثلاثي الأبعاد شامل ومتعدد المستويات، وجميع العوامل في الاعتبار". وأشار فينغ تشونغ بينغ، معهد الدراسات الأوروبية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إلى أنها تشمل المستوى المتعدد الأطراف تجاه الاتحاد الأوروبي، وأيضًا المستوى الثنائي للدول الأعضاء، مع الأخذ في اعتبار التغطية والتوازن بين مناطق مختلفة مثل أوروبا الوسطى والغربية، جنوب أوروبا وشمال أوروبا.
يعتقد تسوي هونغ جيان، مدير قسم الدراسات الأوروبية في معهد الصين للدراسات الدولية، أن الصين كشريك استراتيجي شامل لألمانيا وفرنسا، حافظت دائمًا على تقليد التبادلات الروتينية والمشاورات عالية التردد بين الوكالات الدبلوماسية. وتهدف زيارة تشين قانغ إلى ألمانيا وفرنسا إلى نقطتين اسا سيتين هما، التنفيذ والتبادل. كما تستند الزيارة الى النرويج بشكل أساسي على اعتباري الزخم والتمثيل. أولاً، شهدت العلاقات بين الصين والنرويج استقرارا نسبيا في السنوات الأخيرة، ولدى الجانب النرويجي فهم أفضل للقضايا التي تتعلق بالمصالح الجوهرية للصين ومخاوفها الرئيسية. ثانيًا، النرويج هي الدولة الممثلة لشمال أوروبا، كما أن شمال أوروبا كمنطقة هو أيضًا جزء مهم من دبلوماسية الصين تجاه أوروبا، والحفاظ على التفاعلات رفيعة المستوى بين الصين والنرويج سيساعد على زيادة تنشيط العلاقات الثنائية بين البلدين والصين ودول الشمال.
زيادة الإجماع
تعتقد وسائل الإعلام الفرنسية والألمانية أن الأزمة الأوكرانية تبرز بشكل خاص بين مواضيع المقابلة. لكن قبل أيام قليلة، ذكرت بعض وسائل الإعلام البريطانية أن الاتحاد الأوروبي اقترح للمرة الأولى فرض عقوبات على بعض الشركات الصينية العاملة في مجال الأعمال الروسية، وقد يكون لهذه الخطوة تأثير على العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي.
"إن الصين وأوروبا في حالة توافق متزايد، والتفاعل بين الجانبين يتطور بشكل عام في اتجاه أكثر إيجابية." قال تسوي هونغ جيان، لكن في الوقت نفسه، تنظر أوروبا إلى العلاقة بين الجانبين من منظور واقعي بشكل متزايد. وإن اقتراح "العقوبات" هذه المرة، لا يهدف إلى التعاون مع الولايات المتحدة فحسب، بل يُظهر أيضًا أن الاتحاد الأوروبي ككيان لديه القدرة على ممارسة تأثير على العلاقة بين القوى الكبرى من خلال العقوبات والوسائل الأخرى.
أشار فنغ تشونغ بينغ إلى أن الأزمة الاوكرانية لا تزال موضوعاً ساحقاً بالنسبة لأوروبا، خاصة أوروبا الوسطى والشرقية. حيث أن الجميع يريدون نهاية مبكرة للنزاع، وفي نفس الوقت لا يريدون أن تدعم الدول الأخرى روسيا وتجاوز العقوبات الأوروبية. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالقضايا المتعلقة بالأزمة الأوكرانية، يحتاج بعض السياسيين الأوروبيين إلى الحفاظ على موقف الاحترام المتبادل مع الصين والنظر في القضية بشكل شامل وموضوعي، ولا ينبغي أن يتوقعوا أن تتعاون الصين وهم يدلون بملاحظات تتجاهل الحقائق وفرض عقوبات غير قانونية. وهذا لا يصلح للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي.
طريق التعايش
يصادف هذا العام الذكرى العشرين للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والاتحاد الأوروبي. وإن أكثر المواضيع حساسية خلال زيارة تشين قانغ، هي مناقشة الدوائر السياسية الاوروبية حول سياستها تجاه الصين وعلاقاتها مع الصين، والاستعداد لتحديث وتعديل وثيقة "التوقعات الاستراتيجية بين الصين والاتحاد الأوروبي" الصادرة في عام 2019.
أشار فينغ تشونغ بينغ إلى أن السبب وراء سعي الاتحاد الأوروبي لتعديل سياساته ينبع من اعتقاده بأن الصين تتغير. لكن، تعتقد الصين أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون لديه فهم موضوعي وشامل وإيجابي لتغيرات الصين.
"سواء كانت تصريحات ماكرون أو بعض قادة الاتحاد الأوروبي إيجابية خلال فترة الاخيرة، إلا أن جميعهم يستعدون لتعديل السياسة القادم تجاه الصين أو النظر في تشكيل الاتجاه." وقال تسوي هونغ جيان، إن الصين تأمل في مساعدة أوروبا على التخلص من التفاهم الذاتي والأحادي الجانب من خلال التبادلات المتعمقة بين الجانبين، وإيجاد نموذج للعلاقات المستقبلية والتفاعل بين الصين وأوروبا للتكيف مع الوضع الجديد. ويعكس هذا أيضاً، اهمية الزيارة الحالية التي يقوم بها تشين قانغ إلى اوروبا.