روابط ذات العلاقة
بعد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين زيارة جماعية إلى الصين. ما دفع بعض المعلقين إلى القول بأن الأزمات الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تعيشها أوروبا، قد جعلت القادة الأوروبيين أكثر إيمانا بضرورة التعان والحوار بين الصين والاتحاد الأوروبي. ورأت وسائل إعلام أجنبية أن زيارة الدولة التي قام بها ماكرون إلى الصين تؤكد على أن أوروبا لن تذهب في طريق "الانفصام" عن الصين على الطريقة الأمريكية.
وقال موقع صحيفة "إلموندو" الإسبانية، إن الصين تبدي اهتماما بالتواصل مع جميع الدول وترحب بزعماء مختلف الدول لزيارتها. مشيرة إلى أن "كل الطرق باتت تؤدي إلى بكين".
وخلال اجتماع غير رسمي مع الرئيس إيمانويل ماكرون، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ: " نحن لدينا ثقة تامة في آفاق التنمية الصينية، ونرحب بفرنسا لمواصلة المشاركة بنشاط في معرض قوانغتشو، ومعرض شنغهاي للاستيراد، ومعرض الصين الدولي لتجارة الخدمات، والتوسع أكثر داخل السوق الصينية."
ويعكس اختيار مقاطعة قوانغدونغ لإجراء اجتماع غير رسمي بين شي وماكرون، عزم الصين على مواصلة الإنفتاح عالي المستوى على الخارج. وباعتبارها قاطرة الإصلاح والانفتاح في الصين، تتوقع البيانات غير المكتملة بأن يصل حجم التجارة الخارجية في قوانغدونغ إلى مستوى جديد خلال عام 2022، وتحافظ على مركزها الأول للعام الـ37 على التوالي. كما تمثل مقاطعة قوانغدونغ حوالي خمس إجمالي تجارة الصين مع فرنسا.
في هذا الصدد، قال السفير الصيني لدى فرنسا، لو شا يه، في مقابلة خاصة مع صحيفة "يوروب تايمز" مؤخرًا، إن أحدث الإحصاءات الفرنسية تظهر أن تجارة السلع بين الصين وفرنسا قد تجاوزت 100 مليار يورو لأول مرة في عام 2022، بزيادة سنوية تقدر بـ 14.6٪ .
وقام شي وماكرون في 6 أبريل الجاري، بتوقيع عددا من وثائق التعاون الثنائي في مجالات الزراعة والغذاء والعلوم والتكنولوجيا والطيران والطاقة النووية المدنية والتنمية المستدامة والثقافة. من بينها، إعلان شركة إيرباص الفرنسية لصناعة الطائرات في نفس اليوم عن توقيع عقد شراء صيني لـ 160 طائرة، بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 20 مليار دولار أمريكي، إلى جانب إعلان عزمها فتح خط إنتاج جديد في تيانجين.
من بكين إلى قوانغتشو، شملت نقاشات شي وماكرون عدة جوانب من العلاقات الثنائية، وأبديا رغبتهما في تطوير العلاقات المستقبلية بطريقة شاملة، وفتح آفاق جديدة للتعاون الصيني الفرنسي.
ويرى مراقبون بأن الاقتراح الصيني حول تبادل الثقة والمنفعة والتعاون المربح للجانبين قد أظهر جاذبية قوية. وأن التحسن الشامل للإقتصاد الصيني، يعطي زخما قويا لتعافي الاقتصاد العالمي.
خلال هذه الزيارات، لم يتطرق الرئيس شي جين بينغ والقادة الأجانب إلى الصداقة والتعاون بين البلدين فحسب، بل ناقشوا أيضا موضوعات أوسع، حول العلاقات الثنائية والإستقلالية الإستراتيجية.
وخلال لقاءه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أكد شي على الالتزام بالشراكة الاستراتيجية الشاملة والمستقرة بين البلدين ونهج التعاون والمصالح المتبادلة.
في ذات الوقت، تعرب الصين عن احترامها ودعمها للاختيارات المستقلة التي تتخذها الشعوب. وخلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، أشار الرئيس شي جين بينغ إلى إن تطوير العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي يتطلب من الاتحاد الأوروبي الالتزام بالاستقلالية الاستراتيجية. وعبّر عن أمله في أن تلعب إسبانيا دورًا نشطًا في تعزيز الحوار والتعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي.
وأثناء التقاءه مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين ، أكد الرئيس شي جين بينغ على ضرورة احترام حق جميع شعوب العالم في اختيار مسار تنميتها بشكل مستقل. وعلى النأي بالعلاقات الثنائية بين الصين ودول العالم عن خطاب الإستهداف أو التبعية أو تدخل طرف ثالث.
وشدد شي على أن الاستقلالية الإستراتيجية، تتحقق من خلال الاعتماد على الذات وعدم التماهي مع الآخرين.
من جانبه، قال ماكرون إن الجانب الفرنسي يلتزم بدبلوماسية مستقلة، ويدافع عن الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي ويعارض المواجهة والانقسام وكذلك المواجهة بين المعسكرات.
ويرى خبراء أن زيارة الرئيس ماكرون للصين، قد أثبتت أنه بإمكان الصين وفرنسا مواصلة تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، إلى جانب فتح مجالات جديدة في التعاون بين البلدين خارج المجالات التقليدية.
من جهة أخرى، مثلت الأزمة الأوكرانية إحدى المحاور المهمة في الإجتماع الصيني الفرنسي الأوروبي. حيث عبرت الأطراف الثلاثة عن عدم رغبتها في أن ترى الأزمة وتخرج عن نطاق السيطرة، وعن سعيها لتقليل أو حتى تجنب التأثيرات غير المباشر للأزمة الأوكرانية.
وردا على محاولات بعض الأطراف ربط الأزمة الأوكرانية بالعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، أوضح الرئيس شي جين بينغ، بأن الأزمة الأوكرانية ليست قضية بين الصين والاتحاد الأوروبي. وأن الصين ستواصل لعب دور نشط في تعزيز محادثات السلام ودعم الاتحاد الأوروبي في رؤيته من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة الأوكرانية، إنطلاقا من مصالحه الجوهرية وطويلة المدى، وتعزيز إنشاء إطار أمني أوروبي متوازن وفعال ومستدام.
وثمنت إسبانيا بشكل إيجابي موقف الصين بشأن التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية، وأعربت عن تقديرها للدور البناء الذي تلعبه الصين في هذا الجانب.