في الصباح الباكر ذهبت السيدة تشاو شيوينغ البالغة من العمر 61 سنة إلى مركز خدمة الرعاية الصحية بالمجمع السكني الذي تقطن فيه في مدينة نانجينغ بمقاطعة جيانغسو، حيث استلمت الأدوية من هذا المركز، وأثناء عودتها إلى منزلها اشترت الخضار. لم تأخذ هذه الأشياء إلى المنزل، بل أرسلتها إلى منزل الجدة خه في نفس المجمع السكني. الجدة خه البالغة من 84 عاما هي مسنة تعيش بمفردها، وتساعدها السيدة تشاو شيوينغ في الحصول على الأدوية مرتين في الشهر.
عندما تخرج تشاو شيوينغ من منزل الجدة خه تقوم بتخزين ساعات الخدمات التطوعية الخاصة بها على حسابها البنكي الموجودة في برنامج "بنك الوقت" المثبّت على تطبيق ويتشات في هاتفها الذكي، وبهذا الخصوص قالت: "أكثر وقت سجّلته تجاوز ثلاثة آلاف ساعة، جزء منه أقوم باستبداله ببعض الأساسيات المعيشية اليومية، أما الباقي فيمكنني استبداله بخدمات التدليك وخدمات الوقاية من الأمراض".
يزيد عمر أكثر من عشرين بالمائة من سكان شارع ياوهوا في الحي الذي تعيش فيه السيدة تشاو بمدينة نانجينغ، عن ستين عاما. لذلك أخذ هذا الشارع زمام المبادرة وقام باستكشاف نموذج جديد يتمثل في الدعم المتبادل لكبار السن لبعضهم البعض حيث يقوم الأصغر سنا منهم بخدمة الأكبر سنا، ويتم تسجيل ساعات خدمة الرعاية المُقدمة في خانة "بنك الوقت" على حساب الويتشات.
يعتمد نموذج "بنك الوقت" على فكرة "الأصغر سنا يحتسبون توقيت الخدمات التي يقدمونها، مقابل استفادة رعاية كبار السن من هذه الخدمات" والعمل على تشجيع المتطوعين وتوجيههم لتقديم خدمات لرعاية من هم أكبر منهم سنا، ووفقا لتسجيل "وقت الخدمة المُقدمة لرعاية كبار السن" على حساب الويتشات وذلك طبعا لقواعد معينة، يمكن للمتطوع أن يقوم باستبدال وقت الخدمة التي يقدمها مقابل خدمات معينة عندما يريد ذلك.
وقالت وانغ شياو هوا مديرة "بنك الوقت" في المجمع السكني بشارع ياوهوا للصحفي، بأنه إلى غاية الآن استقبلوا 7666 متطوعا قاموا بتسجيل أوقات خدماتهم التطوعية والتي وصلت إلى حوالي 420 ألف ساعة، مع العلم أنهم قدموا خدمات لأكثر من 690 ألف مرة.
كما أضافت قائلة بأن نموذج "بنك الوقت" قد دخل نسخته الثالثة من عام 2019، وتمت ترقيته على البرامج الصغيرة لتطبيق الويتشات الصيني. يمكن للمتطوعين التسجيل عبر الإنترنت والتقدم بطلب لتقديم خدمات تطوعية، والاستعلام عن ساعات الخدمة. بينما يقوم المشرفون على هذا النموذج بالتحقق من صحّة البيانات المقدمة وذلك بناء على المعطيات الشخصية لكل متطوع مثل العمر والجنس ومكان الإقامة وما إلى ذلك، وهذا لا يحسّن حماس المتطوعين للخدمة فحسب، بل يحسّن أيضا من كفاءة الخدمات المُقدمة.
من أجل حل المشكلة المتمثلة في عدم كفاءة كبار السن في استخدام الهواتف الذكية، تم تعديل البرنامج المصغر لكي يتناسب مع تقدم العمر وذلك من خلال جعله يتميز بواجهة واضحة وخطوط مُكَّبرة وعمليات مبسطة. وقال وي ينغباو رئيس "بنك الوقت" في شارع ياوهوا بأنه يتم تنفيذ أنشطة تعليمية متعلقة بهذا البرنامج، بالإضافة إلى اتباع طريقة المحاسبة اليدوية التقليدية أيضا.
في أكتوبر 2021 ومن أجل زيادة تعزيز تطوير صناعة رعاية المسنين، قامت العديد من الإدارات في الصين بصياغة خطة عمل مشتركة للفترة (2021-2025)، لتطوير قطاع الخدمات الصحية الذكية المتعلقة برعاية المسنين. واقترحت هذه الخطة مهام عديدة مثل تعزيز دعم تكنولوجيا المعلومات وتعزيز جودة المنصات والارتقاء بها، وإثراء الخدمات الصحية الذكية وتوسيع المجالات الذكية لرعاية المسنين، وتعزيز التطبيق المتكامل لجيل جديد من تكنولوجيا المعلومات والأجهزة الذكية لرعاية هذه الفئة من الشعب داخل المنازل والمجمعات السكنية والمؤسسات الأخرى وتطبيق خدمات ذكية مثل "الإنترنت بلس لرعاية المسنين" والمساعدة المتبادلة و"بنك الوقت" لرعاية المسنين.
في الوقت الحاضر تعلمت مدينة بكين ومقاطعة خبي وأماكن أخرى في الصين من هذه التجربة الناجحة لنموذج "بنك الوقت" من أجل حشد الناس للمشاركة في الخدمات التطوعية لرعاية المسنين وإدارة المجمعات السكنية. في يناير من هذا العام أشار تقرير عمل لحكومة بلدية بكين بأن تطوير نموذج "بنك الوقت" لمساعدة كبار السن لرعاية بعضهم البعض يعتبر أولوية ضمن برنامج أعمال حكومة المدينة، حيث يمكن للمتطوعين تخزين "ساعة من عُملة الوقت" في حسابهم بـ"بنك الوقت" مقابل ساعة واحدة من خدمات الرعاية التي يقدمونها. ويمكن استبدال العملة الوقتية بخدمات تتعلق بخدمات المعاشات التقاعدية ذات الصلة، كما يمكن تقديم هدايا للأقارب، أما إذا تم تخزين أكثر من عشرة آلاف ساعة خدمة تطوعية، فيمكن للشخص الانخراط في خدمة المؤسسات التقاعدية العامة.
وبالإضافة إلى "بنك الوقت"، تستكشف جميع المناطق بنشاط أشكالا ونماذج جديدة لإثراء خدمات رعاية المسنين: مثل تطوير منصات ذكية وتحديد الأماكن المتواجدين فيها وتحسين نموذج خدمة طبيب الأسرة، وقيام الممرضة أو الطبيب بفحص المسن في منزله بعد أن يطلب الخدمة الصحية عبر الانترنت، وإنشاء المزيد من أنظمة خدمة رعاية المسنين الذكية الأخرى القائمة على التكنولوجيا وتعزيز التنمية عالية الجودة المتعلقة برعاية كبار السن وتحسين الشعور بالسعادة لدى هذه الفئة من المجتمع.