بكين 23 يونيو 2022 (شينخوا) في مساء 23 يونيو، استضاف الرئيس الصيني شي جين بينغ قمة بريكس الـ14 في بكين عبر رابط فيديو.
وفيما يلي النص الكامل لتصريحات الرئيس شي في القمة:
إقامة علاقات الشراكة العالية الجودة وإطلاق مسيرة جديدة لتعاون البريكس
-- كلمة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ
في الاجتماع الـ14 لقادة دول البريكس
(يوم 23 يونيو عام 2022)
أيها الزملاء،
في الوقت الراهن، تتطور التغيرات غير المسبوقة في العالم منذ مائة سنة بشكل متسارع، وما زالت جائحة فيروس كورونا المستجد تتفشى، ويواجه المجتمع البشري تحديات غير مسبوقة، ودخلت التنمية العالمية إلى مرحلة جديدة من الاضطراب والتحول.
يقول الصينيون إنه "لا يصقل الذهب الخالص إلا بالنار". على مدى 16 سنة مضت على إنشاء مجموعة البريكس، ظلت مجموعة البريكس كسفينة كبيرة تركب الرياح والأمواج وتبحر بشجاعة إلى الأمام رغم الأمواج الهائجة والرياح القوية والأمطار الغزيرة، مما كرّس قيما يجب التمسك بها في الدنيا لتبادل التشجيع والتعاون والكسب المشترك. عند مفترق الطرق في التاريخ، ينبغي أن نستعرض الطريق الذي قطعناه، لإعادة تذكير الهدف الأصلي لإنشاء البريكس؛ كما ينبغي أن نعمل معا للمستقبل، ونبذل جهودا مشتركة لإقامة علاقات الشراكة العالية الجودة والأكثر شمولا وكثافة وعملية واستيعابا، ونعمل سويا على إطلاق مسيرة جديدة لتعاون البريكس.
أولا، يتعين علينا التمسك بالتآزر والتساند للحفاظ على السلام والأمن في العالم. عندما ننظر إلى العالم، نجد أن ظلال عقلية الحرب الباردة وسياسة القوة لا تزال تخيم على الأنحاء، وأن التحديات الأمنية التقليدية وغير التقليدية تظهر بلا نهاية. تحاول بعض الدول توسيع التحالفات العسكرية للسعي إلى الأمن المطلق، وتجبر الدول الأخرى على الوقوف إلى جانبها وتثير مواجهة بين التكتلات، وتتجاهل الحقوق والمصالح للدول الأخرى، وتمارس استعلاء الذات بشكل سافر. إذا سمحنا باستمرار هذا التوجه الخطر، فسيصبح العالم أكثر اضطرابا.
يجب على دول البريكس أن تتبادل الدعم في القضايا المتعلقة بمصالحها الجوهرية، وتطبق تعددية الأطراف الحقيقية، وتحافظ على العدالة والإنصاف والتضامن، وترفض الهيمنة والتنمر والانقسام. عقدنا في العام الجاري اجتماع وزراء الخارجية واجتماع الممثلين الرفيعي المستوى للشؤون الأمنية في إطار البريكس، وقمنا بتعميق التعاون في مكافحة الإرهاب والأمن السيبراني، وقمنا بتعزيز التنسيق في الأمم المتحدة وغيرها من الأطر المتعددة الأطراف، وأطلقنا صوتا من أجل العدالة في المحافل الدولية.
طرحتُ مؤخرا مبادرة الأمن العالمي، التي تدعو إلى التمسك بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، وإيجاد طريق جديد للأمن يكرّس الحوار والشراكة والكسب المشترك بدلا من المواجهة والتحالف واللعبة الصفرية، وذلك من منطلق أن البشرية تعيش في مجتمع يكون الأمن فيه غير قابل للتجزئة. إن الجانب الصيني على استعداد لبذل جهود مشتركة مع شركائه في البريكس لترجمة هذه المبادرة على أرض الواقع وتحقيق نتائج ملموسة، بما يضخ طاقة إيجابية واستقرارية في العالم.
ثانيا، يتعين علينا التمسك بالتنمية عبر التعاون، والعمل سويا على مواجهة المخاطر والتحديات. إن تشابك وتفاعل آثار جائحة فيروس كورونا المستجد والأزمة الأوكرانية لأمر أدى إلى اضطراب سلاسل الصناعة والإمداد العالمية والارتفاع المستمر لأسعار السلع الأساسية ومزيد من هشاشة النظامين النقدي والمالي الدوليين، مما ألقى بظلال على التنمية في دول العالم، وتكون الأسواق الناشئة والدول النامية في مقدمة المتضررين. إن الأزمة تؤدي إلى اضطراب وتحفز تحولا، وسبل التعامل مع الأزمة ستقرر ما يتبعها.
قد أطلقنا منذ العام الجاري مبادرة دول البريكس لتعزيز التعاون بشأن سلاسل الإمداد ومبادرة دول البريكس بشأن التجارة والاستثمار من أجل التنمية المستدامة، وأقررنا اتفاق التعاون والمساعدة الإدارية المتبادلة في الشؤون الجمركية واستراتيجية التعاون بشأن الأمن الغذائي، وعقدنا لأول مرة الاجتماع الرفيع المستوى بشأن مواجهة تغير المناخ. وينبغي أن تستفيد دول البريكس استفادة كاملة من هذه المنصات الجديدة لتدعيم الترابط والتواصل لسلاسل الصناعة والإمداد والعمل المشترك لمواجهة التحديات في مجالات الحد من الفقر والزراعة والطاقة والخدمات اللوجستية. ويجب دعم تطوير بنك التنمية الجديد وتعزيز إمكانيته، والعمل على توسيع عضويته بخطوات متزنة، والدفع باستكمال آلية الترتيبات لاحتياطي الطوارئ، وتحصين شبكة الأمان وجدار الحماية في مجال المالية. كما يجب توسيع التعاون بين دول البريكس في المدفوعات العابرة للحدود والتصنيف الائتماني، والارتقاء بمستوى تسهيل التجارة والاستثمار والتمويل.
طرحتُ في العام الماضي مبادرة التنمية العالمية التي تهدف إلى تحريك عملية تنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة والدفع بإقامة المجتمع المشترك للتنمية العالمية. إن الصين على استعداد لبذل جهود مشتركة مع شركائها في البريكس لتنفيذ المبادرة على نحو عميق وعملي، بما يحقق تنمية عالمية أكثر قوة وخضرة وصحة.
ثالثا، يتعين علينا التمسك بالريادة والابتكار لتفعيل إمكانيات التعاون وتحفيز حيويته. من يغتنم الفرص الجديدة للتنمية الاقتصادية مثل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، يواكب تيار العصر. ومن يحاول تشويش التنمية المدفوعة بالابتكار للدول الأخرى باستغلال الوسائل في مجال التكنولوجيا بما فيها الاحتكار والحصار ووضع الحواجز، من أجل الحفاظ على هيمنته، سيجد طريقه مسدودا. يجب أن ندفع باستكمال الحوكمة العالمية للعلوم والتكنولوجيا، بما يعود بفوائد الثمار التكنولوجية على مزيد من الناس. أسرعنا في العام الجاري في بناء قاعدة شيامن للابتكار لشراكة دول البريكس للثورة الصناعية الجديدة، وعقدنا منتدى تطوير الانترنت الصناعي والتصنيع الرقمي ومنتدى البيانات الضخمة للتنمية المستدامة، وتوصلنا إلى إطار شراكة الاقتصاد الرقمي، وأصدرنا مبادرة التعاون بشأن التحول الرقمي لقطاع التصنيع، وأنشأنا شبكة مراكز نقل التكنولوجيا وآلية التعاون الفضائي، الأمر الذي فتح مسارات جديدة لتعزيز المواءمة بين السياسات الصناعية للدول الخمس. كما أنشأنا رابطة التعليم المهني انطلاقا من احتياجات العصر الرقمي للأكفاء، ونظمنا مسابقة المهارات المهنية ومسابقة المرأة للابتكار بغية تكوين مجمع المواهب لتعزيز التعاون في الابتكار وريادة الأعمال.
رابعا، يتعين علينا التمسك بالانفتاح والشمول، وحشد الحكمة والقوة الجماعية. إن مجموعة البريكس ليست ناديا حصريا، ولا "دائرة ضيقة" تقصي الآخرين، بل هي عائلة كبيرة يتبادل الشركاء فيها الدعم والمساعدة للسعي إلى التعاون والكسب المشترك. طرحتُ مفهوم التعاون بشأن "البريكس بلاس" في قمة شيامن للبريكس عام 2017. على مدى 5 سنوات مضت، يتطور نمط "البريكس بلاس" عمقا واتساعا بشكل مستمر، وهو أصبح نموذجا للأسواق الناشئة والدول النامية في إجراء تعاون الجنوب الجنوب وتحقيق التقوية الذاتية عبر الوحدة. في ظل الوضع الجديد، تزداد الضرورة لدول البريكس للسعي وراء التنمية وتعزيز التعاون بأبوابها وأذرعها المفتوحة. وجهنا في العام الجاري وللمرة الأولى دعوة إلى الدول الأخرى لحضور اجتماع وزراء الخارجية لدول البريكس بصفة ضيوف. وتم تحديد مبدأ الانفتاح لمركز البحوث والتطوير للقاح لدول البريكس الذي تم إنشاؤه مؤخرا. كما أقمنا فعاليات متنوعة في إطار "البريكس بلاس" في مجالات التكنولوجيا والابتكار والتواصل الإنساني والتنمية المستدامة وفقا لمبدأ التدرج، مما وفر منصة جديدة للتعاون بين الأسواق الناشئة والدول النامية الغفيرة.
في السنوات الأخيرة، أعربت دول عديدة عن أملها في الانضمام إلى آلية التعاون للبريكس. إن ضخ الدماء الجديدة سيأتي بحيوية جديدة للتعاون في إطار البريكس، وسيزيد من تمثيل دول البريكس وتأثيرتها. قد أجرينا في العام الجاري النقاش في مختلف المناسبات وعلى نحو معمق حول توسيع عضوية البريكس، ومن الضروري المضي قدما في هذه العملية، بما يمكن الشركاء ذوي التطلعات المشتركة من الانضمام إلى العائلة الكبيرة للبريكس في يوم مبكر.
أيها الزملاء!
نحن ممثلو الأسواق الناشئة والدول النامية، فإنه لأمر ذو أهمية بالغة بالنسبة للعالم أن نتخذ الخيار الصحيح ونتخذ خطوات مسؤولة في اللحظة الحاسمة في التاريخ. لنتحد بقلب واحد، ونحشد القوة، ونتقدم إلى الأمام بشجاعة، وندفع بإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، ونعمل سويا على خلق مستقبل جميل للبشرية!
شكرا لكم.