بغداد 28 إبريل 2022 (شينخوا) تواصل تركيا عملياتها العسكرية شمالي العراق ضد عناصر حزب العمال الكردستاني التركي المعارض على الرغم من رفض العراق لها واستدعاء السفير التركي وتسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة.
وبدأت القوات التركية في 18 أبريل الجاري عملية عسكرية واسعة النطاق ضد حزب العمال شمالي العراق بهدف القضاء على التهديد الأمني الذي يشكله هذا الحزب لأمنها القومي.
وأعلن العراق استنكاره للعملية واستدعى السفير التركي وسلمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة وطالب تركيا بـ"الكف عن الخروقات المرفوضة وسحب كل قواتها من الأراضي العراقية، مؤكدا أنه" يمتلك الحق القانوني باتخاذ الإجراءات الضرورية والمناسبة وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة، وقواعد القانون الدولي إزاء أعمال عدائية وأحادية الجانب تجري دون التنسيق معه.
لكن تركيا أعلنت وعلى لسان رئيسها رجب طيب أردوغان دعم العراق لهذه العملية وقدم شكره للحكومة العراقية ولحكومة إقليم كردستان شمالي العراق على دعمهما للعملية التي تشنها قواته شمالي العراق ضد الإرهاب.
ورد العراق على الرئيس التركي بالنفي القاطع أن تكون العملية تمت بالتنسيق معه، مشددا على رفضه انتهاك سيادته من قبل أي دولة.
وقال مصدر في وزارة الخارجية العراقية لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لا يوجد تناقض بالموقف العراقي من العملية العسكرية التركية الأخيرة بشأن الموافقة عليها قبل انطلاقها، وهنا انفي ذلك وبشكل قاطع".
وأضاف "الرد الرسمي كان عبر بيان وصف العملية العسكرية بأنها عمل عدواني ينتهك السيادة العراقية وطالبنا تركيا بسحب قواتها والكف عن انتهاك سيادة العراق لأن هذه الأعمال تخالف كل القوانين وتسيء لحسن الجوار".
وأكد أن العراق على استعداد للتعاون مع تركيا ومع كل دول الجوار بشأن مكافحة الإرهاب ولن يسمح بأن تكون أراضيه منطلقا للعدوان على أي دولة.
وأوضح أن العراق يواصل العمل عبر القنوات الدبلوماسية على إنهاء هذه العملية ووقف أي عمل يهدد سلامة مواطنيه وأرضه.
وانتقد الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر العملية التركية وحذر من تكرارها وأنه لن يسكت لأن العراق دولة ذات سيادة كاملة ولن يقبل بالتعدي وزعزعة الأمن في أراضيه.
لكن بعض الخبراء يرون أن بعض الجهات العراقية مرتاحة من العملية التركية ضد عناصر حزب العمال، على الرغم من إدانتها واستنكارها لهذه العملية.
وقال الدكتور ناظم علي عبدالله الخبير لدى المنتدى العربي لتحليل الدراسات الاستراتيجية لـ((شينخوا)) "رغم أن تركيا نفذت الكثير من العمليات العسكرية شمالي العراق سابقا لكن العملية الأخيرة اختلفت كثيرا عن سابقاتها من خلال الحصول على دعم الحكومة العراقية المركزية وحكومة إقليم كردستان، وإن كان هناك استنكار واستدعاء للسفير التركي في بغداد".
واستدل عبدالله على وجود تنسيق بين البلدين بالزيارة التي قام بها مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان شمالي العراق للعاصمة التركية انقرة ولقائه مع الرئيس اردوغان قبل يومين من بدء العملية.
وأضاف "إن ترحيب بارزاني بالتعاون الأمني مع تركيا، بالتزامن مع بدء العملية العسكرية التركية ضد حزب العمال اعتبر مباركة من قبل إقليم كردستان لهذه العملية.
وأوضح أن هذه المؤشرات تدل على وجود تنسيق تركي عراقي بشأن العملية لتطويق عناصر حزب العمال والذي اشتبك مؤخرا مع الجيش العراقي ببعض مناطق سنجار بعد إزالة الجيش العراقي لنقطة عسكرية تابعة للحزب المذكور وصور تعود للزعيم الكردي التركي عبدالله اوجلان.
وبين أن تواجد حزب العمال في العراق أصبح تأثيره واضحا على العلاقة التي تحكم الأطراف الثلاثة ( تركيا، العراق، إقليم كردستان)، داعيا إلى تعاون هذه الأطراف للتخلص من خطره.
وأضاف "أن تركيا دولة إقليمية فعالة بالشأن العراقي، وحكومة الإقليم لا تستطيع مجاراتها كونها النافذة الوحيدة لها نحو العالم الخارجي فهي تستقبل صادراتها من الطاقة دون موافقة الحكومة العراقية، فالإقليم محكوم بالتعاون مع انقرة، لذلك فعلت تركيا كل أدواتها هذه المرة واستخدمت كافة وسائلها السياسية والاقتصادية والعسكرية لمحاصرة حزب العمال وطرده من مناطق نفوذه شمالي العراق".
واختتم "أن حزب العمال الكردستاني مصنف كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا وليس من مصلحة العراق أو إقليم كردستان أن يحتضن تنظيما إرهابيا على أراضيه يهدد دول الجوار".
وشنت تركيا أول عملية عسكرية ضد عناصر حزب العمال في المناطق الجبلية شمالي العراق في مايو عام 1983 بالاتفاق مع الحكومة العراقية في زمن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.
ووقع العراق وتركيا عام 1955 اتفاقية يسمح بموجبها العراق للقوات التركية بدخول أراضيه بعمق (20 كلم) لملاحقة عناصر حزب العمال التركي وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق استغلت تركيا هذه الاتفاقية وأقامت قواعد عسكرية لها داخل الأراضي العراقية.
ورغم أن تركيا تشن عمليات عسكرية داخل الأراضي العراقية منذ عام 1983 ضد عناصر حزب العمال الكردستاني المعارض لها، إلا أن العملية الأخيرة تعتبر الأخطر لما يمر به العراق من خلافات داخلية وصراعات على تشكيل حكومة جديدة.
وقال المحلل السياسي علي الموسى لـ((شينخوا)) "إن تركيا تبرر عملياتها العسكرية شمالي العراق بمحاربة حزب العمال، ولكن هذه الحجة غير قانونية ومخالفة للقوانين الدولية فضلا عن كونها تعد خرقا للسيادة العراقية".
ويرى الموسى أن العملية الأخيرة من أخطر العمليات التي تشنها تركيا كونها استغلت حالة الفوضى والتناحر السياسي بين الأطراف السياسية العراقية وعدم تشكيل حكومة جديدة كما تأتي في ظرف حساس يمر به العالم بأسره وليس العراق.
وأضاف "أن البعض يصنف هذه العملية بأنها اجتياح عسكري يعزز من التواجد التركي شمالي العراق ويوسع نطاقه لتكون تركيا لاعبا أساسيا بالعراق تشارك واشنطن وطهران بفرض إرادتها لخدمة مصالحها الاستراتيجية وأمنها القومي".