القاهرة 29 مايو 2021 (شينخوا) أكد رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد الخشت، أن مصر والصين لديهما روابط مشتركة على مر التاريخ في مختلف المجالات، انطلاقا من إرثهما الحضاري الموغل في القدم.
وقال الخشت، في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إن المواقف السياسية الصينية تتقاطع مع المحددات القومية المصرية منذ استقلال الصين وقيام جمهوريتها المستقلة في أكتوبر 1949، والتي تلاها قيام ثورة يوليو 1952.
وأضاف أن التقارب بين مصر والصين بدأ عقب قيام ثورتها، حيث حدث التجاذب التلقائي بينهما نتيجة اقتراب الرؤى في الدفاع عن حقوق العالم الثالث ضد قوى الإمبريالية العالمية، والتقى الرئيس جمال عبد الناصر وتشو إن لاي رئيس مجلس الدولة الصيني الراحل مرات عديدة في المحافل الدولية.
ولفت إلى احتفال البلدين هذه الأيام بالذكرى الـ65 للعلاقات الدبلوماسية المصرية-الصينية، مشيرا إلى أن مصر كانت هي أول دولة عربية وأفريقية تعلن اعترافها وتأييدها للصين الشعبية وتبدأ في إقامة علاقات دبلوماسية معها في 30 مايو 1956.
وأشار إلى أن ذلك كان له أبلغ الأثر في تتابع الاعتراف الدولي بها في وقت عصيب كان يخيم فيه مناخ التوتر على العلاقات بين الشرق والغرب أثناء الحرب الباردة.
ونوه رئيس جامعة القاهرة إلى أن تلك العلاقات استمرت قوية عبر مراحل تطور جمهورية مصر العربية بعد الرئيس جمال عبد الناصر، ووصلت إلى ذروتها في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لا سيما أن كثيرا من التقاطعات موجودة بين الدولتين في العديد من القضايا الاستراتيجية على المستوى الإقليمي والدولي.
وأوضح أنه نتيجة هذا التقارب الكبير بين البلدين "كان من الطبيعي أن تصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الكاملة في الاتفاقية التي وقعها زعيما الدولتين عام 2014".
وتابع الخشت، "أدركنا في جامعة القاهرة هذا التلاقي الاستراتيجي، ولذا عملنا على توسيع نطاق التعاون العلمي والبحثي مع الصين على مستوى البرامج الدراسية والشراكات البحثية وتبادل الطلاب والأساتذة".
وأردف رئيس جامعة القاهرة قائلا إنه "من مظاهر هذا التعاون، أثناء زيارتي للصين في نوفمبر 2017 ونوفمبر عام 2018، تم توسيع نطاق التعاون مع جامعة بكين وتوقيع اتفاقية بحثية شاملة مع أكاديمية شنغهاي للعلوم، وذلك في إطار الاستفادة من كبرى المؤسسات البحثية في العالم للارتقاء بعملية البحث العلمي في جامعة القاهرة وتوسيع نطاق توظيف البحوث من أجل خدمة الدولة في عملية التنمية الشاملة".
وقال إنه في العام نفسه تمت المشاركة في برنامج جديد للقيادة الجامعية، كما تم توقيع ثلاث اتفاقيات لدرجات علمية مزدوجة في الليسانس والدراسات العليا مع جامعة شنغهاي جياو تونغ المصنفة 56 على مستوى جامعات العالم، وهي من البرامج العديدة التي تدخل في الفرع الدولي لجامعة القاهرة الذي يجري العمل في إنشائه على قدم وساق.
وأعرب رئيس جامعة القاهرة، عن اعتزازه باختيار الجامعات الدولية المشاركة في منتدى الابتكار والعلوم والحزام والطريق في شنغهاي لشخصه ليكون عضوا دائما بلجنة سياسات العلوم والابتكار بجامعة شنغهاي جياو تونغ، وهي لجنة تعمل في إطار "مبادرة الحزام والطريق" التي سوف تتغير معها خريطة التجارة العالمية.
وشدد على أن مصر سوف تستفيد بشكل مباشر من مبادرة "الحزام والطريق" لأنها سوف تزيد من حجم المرور في قناة السويس، كما تؤدي إلى زيادة الروابط المشتركة بين الشعوب في الاحتكاك والتواصل الحضاري والتعرف على أنماط الحياة والمشاركة فيها.
ولفت إلى أن مبادرة الحزام والطريق من شأنها أن تحقق تقاربا أكثر وذلك على أرضية مشتركة وقيم مشتركة وتنوع إنساني، مؤكدا أن ذلك سوف يدعم إقامة سلام دائم بين الشعوب.
ونبه إلى أنه "كان لجامعة القاهرة السبق في إدراك أهمية اللغة الصينية المتصاعدة، ولذا قررنا في مجلس جامعة القاهرة عام 2018 إدخال اللغة الصينية كلغة ثانية اختيارية في جامعتنا العريقة".
وأكد أن قنوات التشاور بين الجانبين دائما تتسع حول أفاق جديدة للتعاون العلمي وإنشاء درجات علمية مشتركة بين جامعة القاهرة وجامعات الصين، لصنع جسور التواصل بين مصر والصين والبحث عن الروابط المشتركة بين هاتين الحضارتين العريقتين.
وأشاد بقدرة الصين على التطور والتحديث، مشيرا إلى أنه "في الوقت الذي سقطت فيه الاشتراكية في بلدان كثيرة، فإنها لم تسقط في الصين لأنها استطاعت أن تجدد نفسها بعناصر رأسمالية، ومن ثم استطاعت النجاح وتقديم نموذج اقتصادي عملاق".
وتابع قائلا "واليوم نجد أنفسنا أمام قوة عظمى بالمعنى الشامل اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا، وهي قوة عظمى لا تزال صاعدة بقوة، وهذا الصعود بالمعنى الشامل أيضا، خاصة أنها تعزز صعودها بعلاقات دولية ليس فقط على مستوى دول العالم الأول إجمالا، بل تعززه أيضا بعلاقات متعمقة مع دول العالم النامي الذي تتبنى كثيرا من قضاياه العادلة في التنمية".
وأشار إلى ما يجمع الحضارتين المصرية والصينية العريقتين من روابط مشتركة عبر التاريخ على الرغم من ابتعاد المسافات، ولعل من أهمها انفتاح الشخصية على الآخر وإكرام الضيف، واحترام الأكبر سنا، وتقدير الماضي، والتطلع إلى المستقبل.
وأضاف أن مفهوم الدولة المركزية نشأ مبكرا في مصر القديمة مثلما نشأ في الصين، فالدولة هي الإطار الموحد، والدولة هي الهوية الوطنية التي تضفي على الشعب والإقليم والحكومة طابعا متماسكا وروحا واحدة في مواجهة الفوضى والاضمحلال.
وتحتفل مصر والصين في 30 مايو الجاري بمرور 65 عاما على تدشين العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وتعد الصين، أكبر شريك تجاري لمصر، واعتبارا من ديسمبر عام 2020، أصبحت مصر الشريك التجاري الـ49 للصين
وأظهرت نتائج بيانات إحصائية أصدرتها وزارة التجارة الصينية، مؤخرا ارتفاع حجم التجارة بين الصين ومصر بنسبة 10.34 بالمائة على أساس سنوي، ليصل إلى 14.56 مليار دولار أمريكي في عام 2020.
وسجلت الصادرات الصينية إلى مصر 13.64 مليار دولار أمريكي، بزيادة 11.83 بالمائة على أساس سنوي، في حين وصلت واردات الصين من مصر إلى 0.92 مليار دولار أمريكي، بتراجع بنسبة 7.84 بالمائة.