رام الله 12 أبريل 2021 (شينخوا) تقضي الشابة روان رأفت من مدينة القدس الشرقية ساعات طويلة يوميا أمام طاولة مستديرة في صالة منزلها لصناعة المجوهرات الفلسطينية التقليدية ببراعة وحرفية عالية في محاولة لحمايتها من الاندثار.
وتتنوع المجوهرات التي تصنعها روان (39 عاما) باستخدام النحاس والفضة ما بين أقراط الأذن التي تأخذ شكل جرس وسلاسل توضع في الرقبة تحمل "طلاسم" لدرء العين والحسد والسحر.
وتبدي الشابة الثلاثينية سعادتها بما تصنع وتقوم بنشر منتجاتها على مواقع التواصل الاجتماعي ((فيسبوك)) أو ((انستجرام)) بهدف إطلاع أصدقائها على منتجاتها والبيع لمن يريد لكسب الرزق.
وتقول روان بينما تقوم بتشكيل قطعة نحاسية لعمل قرط لإحدى زبائنها في ظل إقبال كبير من قبل متابعيها، "فوجئت بأن جميع المنتجات التي صنعتها قد بيعت، رغم أنها باهظة الثمن".
وتضيف الشابة التي تبيع أي منتج تصنعه مقابل 100 دولار أمريكي، أن المرأة الفلسطينية "تحب المنتجات التي تصنعها كونها تختلف عن غيرها من الموجودة في السوق الفلسطيني سواء المحلي أو المستورد من الخارج".
ولم يكن الاختلاف عن بقية المنتجات هدف روان الأصلي بقدر ما هو إحياء المجوهرات الفلسطينية التقليدية في تأكيد على التمسك بالعادات والتقاليد الموروثة من الأجداد قبل مئات السنين.
وتقول الشابة التي تقطن الجزء الشرقي من القدس الذي يريده الفلسطينيون عاصمة لدولتهم، إن الشعب الفلسطيني يعيش في ظل "صراع مستمر مع إسرائيل من أعوام عديدة وبسببه تأثرت الصورة التي نعيشها (شعب محتل يعاني من الفقر وقلة الإبداع) أمام المجتمع الدولي".
ودفعت هذه الصورة السلبية، روان للعمل على تغييرها من خلال صناعة المجوهرات التقليدية الفلسطينية في محاولة لإحياء التراث الفلسطيني المفقود وسط الصراع المستمر.
وتوضح الشابة الحاصلة على شهادة في الفنون الجميلة "ليس هناك شك في أن الصراعات العسكرية والسياسية والاقتصادية مع إسرائيل أثرت سلبا على جميع جوانب حياتنا في الأراضي الفلسطينية".
وأصبحت السنوات الأخيرة صعبة للغاية بالنسبة للشعب الفلسطيني وتجاوزت نسبة البطالة في الأراضي الفلسطينية التي تشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة 28.5 في المائة، كما ارتفعت معدلات الفقر.
وتشير روان إلى أن "الأجداد الفلسطينيين عاشوا حياة هادئة مليئة بالطاقة الإيجابية والاستقرار"، لافتة إلى أن الغالبية منهم سواء الرجال والنساء كانوا يرتدون المجوهرات رغم أنهم كانوا يعملون في مجال الزراعة.
وبحسب الشابة الثلاثينية، فقد أصبح الوضع الآن مختلفا تماما عن الماضي، مؤكدة أنها غير مستعدة للتخلي عن حلمها في إحياء صناعة المجوهرات التقليدية الفلسطينية وتطويرها في المستقبل.
وعملت روان على مدار أشهر ماضية في البحث عن أنواع مختلفة من المعادن وتأثيرها على المجتمع الفلسطيني خاصة الأطفال والنساء في محاولة لمساعدتهم في التخلص من الطاقة السلبية.
وتقول، إن "معظم المجوهرات التقليدية كانت غالبا تأخذ شكل المربع أو المثلث ويسكب عليها المعدن لمساعدة الناس على التخلص من الطاقة السلبية والتعب والحزن والكآبة من أجسادهم".
وتضيف روان، أن "النحاس يدعم الأنسجة وخلايا الدم الحمراء واستخدمت الأساور المصنوعة من مادة النحاس قديما في علاج التهابات المفاصل والأمراض الجلدية والجروح ما شجعني على إحياء صناعة المجوهرات لكلا الجنسين".
ولكن رغم الطلب المتزايد على السلع والمنتجات المصنعة يدويا، فإن التوسع في المبيعات ليس سهلا، لاسيما في ظل نقص المواد الخام وارتفاع أسعار الأدوات، بحسب روان.
وتقول، "أتوجه إلى المدن الإسرائيلية من أجل شراء مواد أولية، وأحيانًا يتم منعني من الشراء أو منعي من حمل كميات كبيرة، وهذه الخطوة تعيق عملي لأسابيع متعددة".
وتصر الشابة الفلسطينية على مواجهة الصعاب ومواصلة مشروعها وبث الطاقة الإيجابية من خلال تشجيع المجتمع الفلسطيني على ارتداء مثل هذه المجوهرات التقليدية.
وتطمح روان إلى إنشاء علامة تجارية عالمية من شأنها أن تحدد عالم تراث المجوهرات التقليدية الفلسطينية التي تعكس صورة مختلفة للفلسطينيين الذين يفضلون العيش في استقرار.
وتقول، إن الخطوة ليست "أمرا صعب المنال ويجب علينا أن نفخر بتاريخنا ونسعى جاهدين لحمايته من الانقراض وتعريف الناس به".