بيروت 3 مارس 2021 (شينخوا) طلب الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم (الأربعاء)، التحقيق في أسباب انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وسط تواصل الاحتجاجات على تدهور الوضع المعيشي والعملة الوطنية في حين نفت "جمعية مصارف لبنان" أي دور للمصارف في ذلك.
وكانت قيمة الليرة اللبنانية هبطت يوم أمس الثلاثاء إلى أدنى مستوى في تاريخها أمام الدولار في السوق الموازية في وقت أحدث انتهاء مهلة رفع رساميل المصارف التي حددها المصرف المركزي في نهاية الشهر الماضي ارتباكا في السوق.
ومع بلوغ سعر الصرف في السوق الموازي سقف 10 آلاف ليرة للدولار بقي السعر الرسمي 1500 ليرة للدولار، كما بقي سعر صرف الدولار 3900 ليرة على منصة المصارف والصرافين للتجار بهدف استيراد بعض السلع الأساسية.
وبعد ليلة احتجاجات غاضبة وأعمال قطع الطرق بالعوائق والإطارات المشتعلة، تنقلت حركة الاحتجاجات اليوم بين المناطق من الشمال إلى الجنوب مرورا بشرق البلاد ذلك ان انخفاض قيمة العملة يرفع أسعار المواد الغذائية والسلع التي كانت قد شهدت سابقا ارتفاعا بنسبة 144 في المائة.
وطلب الرئيس عون من حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، بحسب بيان صدر عن الرئاسة اللبنانية، معرفة أسباب الهبوط من خلال تحقيق تجريه "هيئة التحقيق الخاصة" في المركزي.
كما طلب عون من سلامة احالة نتيجة التحقيق إلى النيابة العامة لملاحقة المتورطين إذا ثبت وجود مضاربات غير مشروعة على الليرة، من جانب أفراد أو مصارف.
وشدد على استعادة جزء من الأموال المحولة سابقا إلى الخارج، من كبار مساهمي المصارف ومدرائها والسياسيين والعاملين في القطاع العام، معتبرا ان "الأولوية تبقى لاستعادة أموال المودعين وحقوق الناس".
ورأى أن "التحويلات للخارج أدت لفقدان قسم كبير من الودائع ما تسبب بضائقة علت معها صرخة الناس عن حق"، مؤكدا مشروعية الاحتجاجات في الشارع "لأنه لا يمكن لإنسان أن يسكت عن حقه ونهب أمواله وإفقاره من دون ردة فعل".
وأكد على أن "حق التظاهر مقدس، ومن واجبات القوى الأمنية حماية المتظاهرين والممتلكات العامة والخاصة، وضمان حق تنقل الناس".
بدورها نفت جمعية مصارف لبنان في بيان صحة الأنباء عن دور للمصارف في ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة في السوق السوداء.
وأكدت أن السيطرة على تفلت الدولار بالسوق السوداء رهن بتطورات سياسة تعيد الثقة إلى اللبنانيين عبر اعتماد سياسات احتوائية من قبل السلطة للسيطرة على العجز المالي الخارجي.
وذكرت جمعية مصارف لبنان أن متطلبات السيولة لدى المصارف من قبل مصرف لبنان المركزي تتعدى مبلغ 3.4 مليار دولار، في حين أن السوق السوداء المحلية لا يتجاوز حجمها بضعة ملايين الدولارات.
وأوضحت الجمعية أن المصارف تعتمد في الحصول على السيولة بالدولار على بيع وحداتها في الخارج إضافة إلى مساهمات نقدية من مستثمرين ومودعين، وان لا حاجة لها للجوء إلى السوق الموازي في لبنان.
وأعادت أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى "الضبابية السياسية" في ظل التخبط والتجاذبات والمناكفات السياسي مع غياب أي جهد جدي لتشكيل حكومة جديدة بعد مرور 7 أشهر من استقالة الحكومة.
ورأت أن من بين الأسباب اضطرار المستوردين للتوجه إلى السوق السوداء لتوفير الدولار النقدي للاستيراد.
ولفتت الى شح الدولار في السوق المحلية بسبب انخفاض حركة الأموال الوافدة مما أدى في العام الماضي إلى عجز في ميزان المدفوعات هو الأكبر بتاريخ لبنان حيث بلغ 10.5 مليار دولار.
وذكرت أن من أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار طباعة النقد بالليرة اللبنانية لتمويل عجز الدولة مشيرة لارتفاع حجم النقد المتداول الى 29242 مليار ليرة في عام 2020 مقابل 9818 مليار في العام 2019.
وأشارت الى عمليات صرف للدولار غير شرعية تتم عبر منصات الكترونية وإلى تخزين الدولار في المنازل في ظل مع انعدام الثقة وتخوف اللبنانيين من المستقبل.
من جهة ثانية، اعتبر اساقفة الكنيسة المارونية اللبنانية أن السلطة السياسية فشلت في معالجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة بسبب تمنعها عن تشكيل حكومة من ذوي الاختصاص غير الحزبيين.
وأشار الاساقفة في بيان عقب اجتماعهم الشهري برئاسة البطريرك بشاره الراعي، الى أنه يتعين على السلطة السياسية بوجه الأزمة المعيشية تحصين المؤسسات العسكرية الحامية للبلد والوحدة الوطنية والسلم الأهلي، عبر إقرار موازنات لتعزيز ضباط وأفراد الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية.
ويشهد لبنان أزمات اقتصادية ومالية ومعيشية وصحية متشابكة أدت لارتفاع معدل الفقر إلى أكثر من 50 في المائة وإلى تفاقم البطالة والتضخم وتآكل الرواتب والمدخرات وسط تراجع احتياطي النقد الأجنبي مع تجميد المصارف للسحوبات النقدية بالدولار وتقييدها بالعملة المحلية.
ولم يتمكن لبنان منذ استقالة حكومة حسان دياب على خلفية كارثة انفجار مرفأ بيروت في 10 أغسطس الماضي، من تشكيل حكومة جديدة بسبب خلافات القوى السياسية على عدد الوزراء والحصص الوزارية.
ووسط الشغور الحكومي، تشترط المساعدات الدولية للبنان لإخراجه من أزمته الاقتصادية ، تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين تستطيع تنفيذ إصلاحات إدارية واقتصادية ومالية.