نجاح الغواصة الصينية "فندوتشه" في تجاوز حاجز الـ 10 آلاف متر في عمق المحيط

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/  2020:12:04.16:55

في 28 نوفمبر أكملت الغواصة الصينية المأهولة "فندوتشه" (المناظل) للأعماق مهمة اختبار الغوص في قاع المحيط بعمق 10 آلاف متر بنجاح وعادت إلى سانيا في مقاطعة هاينان.

في 10 أكتوبر انطلقت هذه الغواصة من ميناء نانشان في خليج ياتشو بمدينة سانيا وتوجهت إلى خندق ماريانا غرب المحيط الهادئ لتجربة الغوص على عمق 10 آلاف متر.

في 27 أكتوبر تجاوز غطسها حاجز العشرة آلاف متر لأول مرة. وفي 10 نوفمبر حققت رقما قياسيا جديدا للغوص المأهول بالنسبة للصين حيث بلغت عمق الـ 10909 مترا. في 13 نوفمبر، تم الانتهاء من أول عملية مشتركة في العالم لغواصة مأهولة ومركبة هبوط في قاع البحر على عمق عشرة آلاف متر وقد تم بث فيديو مباشر لذلك. واعتبارا من 19 نوفمبر نفذت هذه الغواصة 13 غطسة في خندق ماريانا، تجاوزت 8 منها حاجز العشرة آلاف متر.

غواصة "فندوتشه" هي أول غواصة مأهولة في العالم استطاعت أن تحمل ثلاثة أشخاص على متنها وتصل إلى عمق العشرة آلاف متر. وتتمتع بدرجة عالية من التوطين في العديد من التقنيات الرئيسية ومجالات المواد المهمة، إذ أن معدل توطين المكونات الأساسية تجاوز الـ 96.5 بالمائة.

مقاومة الضغط العالي

للغطس في عُمق عشرة آلاف متر، فإن أول صعوبة يجب التغلب عليها هي الضغط الهائل لمياه المحيط. خندق ماريانا مظلم تمامًا ودرجات الحرارة فيه منخفضة للغاية، مما يجعله أحد أقسى المناطق الطبيعية على وجه الأرض. على عمق 10 آلاف متر في هذا الخندق يقترب ضغط الماء من 1100 بارومتر "وحدة قياس الضغط الجوي" وهو ما يعادل دوس ألفي فيل أفريقي على ظهر إنسان. كيف يمكن للغواصة "فندوتشه" أن تغوص بكامل هذه الحرية على عمق 10 آلاف متر إذن؟

يكمن المفتاح في المقصورة. حيث أن المقصورة المأهولة هي المكون الأساسي والرئيسي للغواصة في هذا العمق، وهي ضمان للأجهزة وحاجز أمن وسلام للبشر لدخول عمق هكذا، كما أنها تمثل المستوى التقني للغواصة المأهولة في بلد ما.

في ظل ظروف الضغط الشديد على عمق 10 آلاف متر، ووفقا للحجم المستهدف ومتطلبات السماكة الخاصة بهذه الغواصة، فإن المواد المستخدمة في الغواصات العميقة في الماضي لم تعد تلبي المعايير. لقد تعاون معهد أبحاث المعادن التابع للأكاديمية الصينية للعلوم مع العديد من الشركات المحلية وتغلبوا على الصعوبات التقنية الرئيسية من خلال سلسلة من التحقيقات والعروض التوضيحية والتجارب البحثية. حيث نجحت في خلق مادة سبائك التيتانيوم المبتكرة الفريدة Ti62A في حل مشاكل القوة والمتانة وقابلية اللحام التي تواجهها مواد المقصورة المأهولة.

دقة التحكم

إن أعماق البحار سوداء قاتمة وبيئة التضاريس فيها معقدة للغاية. ولتجنب خطر الاصطدام بالخور، يجب أن تعتمد هذه الغواصة على القيادة الدقيقة لنظام التحكم.

ولتحقيق هذه الغاية، قام الباحثون العلميون من الأكاديمية الصينية للعلوم بإجراء سلسلة من المشاكل التقنية في البيئة المعقدة لهذا الخندق البحري، مما مكّن نظام التحكم للغواصة "فندوتشه" من تحقيق تشخيص ذكي للأخطاء عبر الإنترنت وذلك استنادًا إلى البيانات والتنبؤ بالنموذج، والتحكم المتسامح الذي يعتمد على توزيع التحكم عبر الإنترنت وتجنب الاصطدام المستقل في قاع البحر.

وقال تشاو يانغ، الباحث في معهد شنيانغ للأتمتة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم ونائب كبير مصممي هذه الغواصة: "تسمح خوارزميات تحسين الشبكة العصبية التي صممناها لـ "فندوتشه" تلقائيا بمطابقة تضاريس الغوص والملاحة الثابتة، وتحديد المواقع في قاع البحر. ومن بين هذه التحسينات وصلت مؤشرات أداء التحكم في الملاحة الأفقية والعمودية للغواصة إلى المستوى الدولي المتقدم".

بالإضافة إلى ذلك قام الباحثون أيضا بتركيب زوج من "الأذرع" المرنة والقوية للغاية لغواصة "فندوتشه". وقد أضاف قائلا: "تحتوي كل مجموعة من المعالجات على 7 مفاصل والتي يمكنها تحقيق 6 درجات من التحكم في الحركة، مع قدرة حمل تزيد عن 60 كغم، والتي يمكن أن تغطي سلة العينات ومنطقة العمل الأمامية، ولديها قدرات عمل قوية." بهذه الأذرع أكملت فندوتشه بنجاح المهام الدقيقة لأخذ عينات من الصخور والرواسب والتنوع البيولوجي البحري. وسدت الفجوة في تطبيق الصين للمعالاجات الهيدروليكية للغوص بعمق عشرة آلاف متر تحت سطح البحر.

"أذن الألف ميل "

"أعزائي المشاهدين ، إن قاع المحيط الذي يبلغ عمقه 10 آلاف متر لا يصدق. آمل أن نتمكن من إظهار هذا القاع من خلال شاشات غواصتنا. في الساعة 8:12 من يوم 10 نوفمبر نجحت هذه الغواصة المأهولة في الرسو في قاع خندق ماريانا البحري بنجاح. وقد شارك الغواصاون الثلاثة مشاعرهم من خلال نظام الاتصال الصوتي تحت الماء لأول مرة.

باعتباره الجسر الوحيد للتواصل بين هذه الغواصة والسفينة الأم ديسكفري 1، فإن نظام الاتصال الصوتي هذا تحت الماء يحقق النقل الفوري للصوت والصور التي يتم مشاهدتها من هذا العمق السحيق إلى السفينة الأم. بالمقارنة مع الجيلين السابقين من الغواصات المأهولة "جيالونغ" و "شنهاي يونغشي (محارب أعماق البحار)، فقد حقق النظام الصوتي لفندوتشه توطينا كاملا.

وبالإضافة إلى نقل الصوت والصورة، فقد ساعد النظام الصوتي أيضًا هذه الغواصة على العمل بدقة في هذا القاع. على سبيل المثال نظام الملاحة المتكامل والذي يجمع بين قياس سرعة دوبلر الصوتي مع السونار لتحديد المواقع ومعدات الملاحة بالقصور الذاتي، يوفر دقة عالية في تحديد المواقع تحت الماء والملاحة للرحلات والمهمات البحرية.

وقال ليو يه ياو كبير المهندسين في معهد الصوتيات بالأكاديمية الصينية للعلوم وهو أحد الغواصين الثلاثة على متن غواصة فندوتشه. "خلال عملية الغوص يوم 16 نوفمبر، وبمساعدة نظام الملاحة المتكامل ومعدات السونار، وفي غضون نصف ساعة فقط نجحت الغواصة في استرداد ثلاثة أجهزة أخذ عينات تحت الماء وُضعت سابقا على عمق 10 آلاف متر في المحيط متجاوزة بذلك صوت الماء، وفي نفس الوقت يقوم جهاز الاتصال بإرسال الصور التي تم أخذ عينات منها أيضا إلى السفينة الأم".