بكين 27 يوليو 2020 (شينخوا) انطلقت مركبة الفضاء الصينية "تيانون-1" في رحلة طويلة تكتنفها مخاطر كبيرة وتحديات جمة، قاصدة المريخ، الكوكب الأحمر المجاور للأرض.
وتهدف مهمة الصين الأولى لاستكشاف المريخ والتي تحمل اسم "تيانون-1" (بمعنى أسئلة للسماء) إلى الدوران حول كوكب المريخ والهبوط عليه والتجول فيه وذلك خلال مهمة واحدة، ما سيمثل إنجازا غير مسبوق.
وقال قنغ يان، مسؤول بمركز استكشاف القمر وبرنامج الفضاء التابع لمصلحة الفضاء الوطنية الصينية، إن كوكب المريخ سيمثل جوهر استكشاف الصين للفضاء العميق، وإن المهمة إلى المريخ تتمتع بنقطة انطلاق أقوى نظرا لأن الصين وضعت أسسا جيدة وراكمت العديد من الخبرات من خلال برنامجها لاستكشاف القمر.
وتعد الصين وافدا متأخرا في استكشاف الكواكب. ويعتقد خبراء الفضاء الصينيون أن هدف الاستكشاف يجب أن يكون قابلا للتحقيق، لكنه لن يكون سهلا للغاية.
وأضاف قنغ "نأمل أن تكون المهمة مبتكرة وتساعد على دفع التنمية العلمية والتكنولوجية للأمام".
بيد أن التحديات التي تواجه المهمة غير مسبوقة أيضا.
ورغم أن الصين أحرزت سلسلة من النجاحات في استكشاف القمر من خلال أربعة مسابير تم إرسالها إلى القمر، إلا أن مهمة استكشاف كوكب المريخ تطرح صعوبات جديدة بالنسبة لمصممي مركبات الفضاء الصينيين.
وأوضح قنغ أن أحد أكبر الاختلافات بين القمر والمريخ هو أن القمر ليس لديه غلاف جوي ولكن المريخ لديه غلاف جوي رقيق. والهبوط على سطح القمر لا يتطلب شكلا ديناميكيا أو مظلة. ويرغب المهندسون في استخدام الغلاف الجوي لكوكب المريخ للمساعدة في إبطاء سرعة المركبة الفضائية، لكنهم لا يمتلكون سوى معلومات محدودة حول ذلك الغلاف الجوي غير المستقر.
كما أن اختلاف الجاذبية يستدعي كذلك وجود اختلافات في التصميم بين مركبة التجوال على المريخ ونظيرتها على القمر. وتختلف كذلك ألواح الطاقة الشمسية لمسبار كوكب المريخ عن ألواح الطاقة الشمسية لمسابير القمر نظرا لاختلاف شدة الضوء.
كما يساور مصممي المسبار القلق بشأن العواصف الرملية على المريخ، وحاولوا تقليل خطر الضرر الناجم عن الرمال والأتربة إلى أقل قدر ممكن.
وأردف قنغ أن متوسط المسافة بين الأرض والقمر تبلغ حوالي 380 ألف كيلومتر، بينما تصل المسافة بين الأرض والمريخ إلى 400 مليون كيلومتر، ما يعد تحديا كبيرا لعمليات الاتصال والسيطرة.
واستطرد قائلا "إن مهمة تيانون-1 الصينية تتضمن مركبة مدارية ومركبة تجوال، لذا فإننا نرسل بالفعل مسبارين معا إلى المريخ".
ويتعين على مصممي المركبة الفضائية الأخذ في الاعتبار كافة جوانب التحليق في المدار والهبوط والتجوال خلال مهمة واحدة.
وانطلقت أكثر من 40 مهمة إلى المريخ منذ الستينيات من القرن المنصرم، لكن نصفها فقط حالفه النجاح، إذ يعد معدل النجاح في الهبوط على المريخ ضئيلا، ولم تنجح سوى الولايات المتحدة في القيام بهبوط سلس على المريخ.
وذكر قنغ "ليس لدينا سوى فهم محدود للمريخ. لا يزال هناك العديد من أوجه عدم اليقين بشأن البيئة والمخاطر الكبرى".
وتابع قنع قائلا إن تصميم الشكل الديناميكي الهوائي والمظلة لمسبار كوكب المريخ يختلفان تماما عن نظيريهما لكبسولة عائدة من مركبة فضاء مأهولة إلى الأرض.
وثمة العديد من الخطوات الهامة التي تتطلب من المركبة الفضائية أن تكون موثوقة للغاية.
وأوضح قنغ أن الفريق كان لديه وقت قصير للبحوث والتطوير فضلا عن تحديات في اختبار المركبة الفضائية على الأرض، مضيفا أنه "من الصعب للغاية محاكاة بيئة كوكب المريخ، وأجرينا العديد من الاختبارات الخاصة لمظلة كبسولة الدخول ومركبة التجوال".
ولفت قنغ إلى أنه إذا نجحت الصين في التحليق في المدار حول الكوكب الأحمر والهبوط والتجول عليه من خلال مركبة الفضاء تيانون-1، فإنها ستواجه تحدي جمع عينات وإعادتها خلال المهمة التالية إلى المريخ، بالإضافة إلى استكشاف الكويكبات ونظام جوفيان.