إعداد وتحرير: د. فايزة
15 مايو 2020/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ أكد عبد الله مجيل سفير جيبوتي ورئيس مجلس السفراء الافارقة في بكين، أن الصين اثبتت خلال أزمة تفشي فيروس كوفيد -19 بأنها على استعداد تام في تلبية احتياجات اكثر من 1.4 مليار صيني ومئات الآلاف من الاجانب المقيمين في الصين بكل سلاسة وكفاءة، وقد أعطت استراتيجية "غلق المدينة" التي نفذتها الصين على اقليم هوبي بأكمله بسكانه الذين يصل تعدادهم الى 56 مليون نسمة، وبناء مستشفى ميداني في غضون عشرة أيام فقط نتائج ابهرت العالم، حيث استطاعت الصين احتواء ومكافحة تفشي الفيروس،وشهدت تراجع كبير في عدد الحالات الايجابية بلغت صفر حالة، في حين ازدادت اعداد المصابين في سائر أرجاء العالم بنحو 13 ضعفا في غضون اسبوعين، خاصة في الدول الديمقراطية التي تواجه صعوبة في اتخاذ اجراءات مماثلة في مكافحة فيروس كوفيد -19 في الصين.
كما أكد عبد الله مجيل في مقابلة صحفية مكتوبة مع صحيفة الشعب اليومية اونلاين مؤخرا، أن وضع تفشي فيروس كوفيد -19 في جيبوتي " تحت السيطرة" بسبب الاجراءات الهامة التي نفذتها الدولة وقنوات الاتصال الواضحة والتعاون القائم على التكنولوجيا بين الحكومة والمواطنيين. موضحا التدابير التي اتخذتها جيبوتي للوقاية والسيطرة على الفيروس قائلا:" انصبت جهود جيبوتي في مكافحة فيروس كوفيد -19 على احتوائه بطريقة سريعة و ممنهجة، حيث بدأت باغلاق المدن بين بعضها البعض بعد إعلان أول حالة مؤكدة، علاوة على ذلك البدء الفوري في تجهيز المستشفيات المؤقتة لاستقبال المصابين بالفيروس. وتم اعلام المواطنين وتوعيتهم بشأن المرض،واعراضه مثل الحمى والصداع وطرق العدوى، والاماكن التي تتوفر فيها المستشفيات والخدمات الطبية الملائمة لاستقبالهم سواء كان ذلك لإجراء المزيد من الفحوصات أو للعلاج. وتنفيذ اجراءات نظام التقصي والتتبع بطريقة صارمة ودقيقة لتحديد حالات الاصابة المحتملة وعزل الاصابات المؤكدة. كما تم إيقاف جميع وسائل النقل العام مع السماح فقط لبعض السيارات التي تحمل تصاريح خاصة للحركة في الشوارع ،و منع الناس من دخول المدينة أو الخروج منها ، عن طريق الجو أو السكك الحديدية أو الطرق."
حول التحديات التي تواجهها جيبوتي في مكافحة تفشي فيروس كوفيد -19 ، قال عبد الله مجيل ، إن الاجراءات والتدابير المذكورة اعلاه قد طبقت باحترافية عالية جدا. لكن التحدي الاكبر الذي تواجهه الدولة هو عدم القدرة على التنبؤ بهذا المرض، وليس واضحا كيف سيتأثر الفيروس بارتفاع درجات الحرارة .كما أن فيروس كوفيد -19 يمثل تحديا لقدرة أنظمة الدولة الصحية، والامر لا يتجاوز قدرة المستشفيات فحسب، بل ايضا قدرة مجالات الرعاية والدعم الاخرى، مثل توافر المستلزمات الطبية وانهاك القوى العاملة.
وأشار عبد الله مجيل إلى أن وصول فيروس كورونا القارة الافريقية متأخرا عن أوروبا وآسيا وأمريكا منح فرصة الى حد ما للدول الافريقية لاتباع استراتيجية استباقية من خلال اتخاذ بعض التدابير الاحترازية للحد من انتشار فيروس كوفيد -19 القادم من الخارج. واشتملت هذه التدابير على مجموعة من الاجراءات طبقتها كل الدول الافريقية تقريبا بشكل جزئي أو كلي، تمثلت في فحص القادمين من الدول التي تشهد تفشي كبير للفيروس، وفرض الحجر الصحي لحين مرور فترة حضانة الفيروس، ومنع التجمعات واغلاق الحدود ، وتعطيل الدراسة بالمدارس والجامعات ، ووقف رحلات الطيران ، بالاضافة الى مجموعة من الاجراءات الاقتصادية لتخفيف اثر هذه الازمة على المواطنين واصحاب الاعمال ، فضلا عن الاهتمام بالتوعية الصحية المقدمة للجمهور لتجنب الاصابة بالفيروس، وتوفير وسائل تواصل الكترونية لتقديم المعلومات الصحيحة والخدمات، وفتح مراكز للحجر الصحي للحالات المشتبه بها.
كما نوه عبد الله مجيل بالمساعدات التي قدمتها الحكومة الصينية بشكل سريع ومكافحتها جنبا الى جنب مع الدول الافريقية والشعوب الافريقية، وتقديم الصين حكومة وشعبا دفعات من الامدادات الى القارة على وجه السرعة ومساعدتها. كما تبرعت الصين التي تكافح الوباء في الداخل بكميات كبيرة من مجموعات الاختبار والكمامات الطبية والبدلات الواقية والنظارات الواقية ودروع الوجه وكواشف الحرارة والقفازات الطبية وأغطية الاحذية واجهزة التنفس الاصطناعي وغيرها من الامدادات لدول الافريقية وقد حظيت باشادة كبيرة من الدول الافريقية والاتحاد الافريقي.
حول التدابير التي ستتخذها جيبوتي لتنشيط الاقتصاد المحلي بعد التأثير الناجم عن تفشي فيروس كوفيد -19 ، وما هي إمكانيات زيادة التعاون بينها وبين المجتمع الدولي . قال عبد الله مجيل إن تفشي فيروس كوفيد -19 سوف يفضي الى إنتشار تداعيات اقتصادية كبيرة، انعكاسا لصدمات تلحق بالعرض والطلب تختلف عن الازمات السابقة. منوها الى أنه يتعين وضع سياسات جوهرية توجه لمساعدة الاقتصاد على تجاوز فترة انتشار هذا الوباء، مع الحفاظ على سلامة شبكة العلاقات الاقتصادية والمالية بين العاملين ومؤسسات الاعمال ، لكي يتعافى النشاط متى توارت هذه الفاشية. ومن أجل منع ازمة مؤقتة كهذه من الحاق ضرر دائم بالناس والشركات من خلال فقدان الوظائف وحالات الافلاس. ويمكن استهداف الاسر ومنشآت الاعمال المتضررة من اضطراب العرض وهبوط الطلب لكي تحصل على تحويلات نقدية ،ودعم على الاجور ، وتخفيف ضريبي ، بحيث تقدم المساعدات للناس على تلبية احتياجاتهم ولمؤسسات الاعمال لكي تحافظ على سلامة اوضاعها. مؤكدا أن العلاقات بين جيبوتي والمجتمع الدولي ، في افضل حالاتها ، وهي علاقة استراتيجية شاملة الابعاد ، تركز على مصالح مشتركة في مختلف المجالات.
واشار عبد الله مجيل إلى أن فيروس كوفيد -19 ادخل العالم في أزمة عالمية ودائرة خطر غير مسبوقة في العلاقات الدولية، المالية منها والجغرافية ـ السياسية ، وتداخل هذا الوباء مع تصدير الايديولوجيات، وتسعير النفط وترك المشهد في حال هلع في انتظار الدواء لوقف النزيف في الثقة وفي المنطق . مضيفا ، أن هذا الوباء المفاجئ لا يضيع تحديات هائلة أمام أمن الصحة العامة العالمية فحسب، بل يلقى بظلاله على التوقعات الاقتصادية العالمية والتجارة الدولية وحرية التنقل ، وإن عالم السياسة والاقتصاد الدولي بعد تفشي فيروس كورونا لن يكون مثلما كان قبله، وان النظام العالمي الذي نعيش في اطره الفكرية والسياسية والاقتصادية والادارية يتعرض الى اختبارات جدية تهز كياناته بقوة بين الحين والحين ، تتراوح بين ازمات مالية تعصف باقتصادات دوله، أو أوبئة تتجاوز قدرات العديد من الدول على التعامل معها ولا شك أن حقائق كثيرة ستكشف في الاشهر المقبلة.
وخلص عبد الله مجيل قائلا :" إن الأوان قد حان للوحدة ، وأنه على المجتمع الدولي العمل والتضامن لمحاربة فيروس كوفيد -19 ونتائجه المدمرة وللحد من انتشاره ، وعدم استخدام الوباء في المواقف السياسية، والتضامن الصادق على المستوى العالمي، والتوقف عن تسييس فيروس كوفيد -19، وتجنب الوصم، سواء كان وصم الافراد أو الدول."