د. تمارا برّو، باحثة في الشأن الصيني
ترتبط دولة الامارات العربية المتحدة مع الصين بعلاقات استراتيجية شاملة. وحققت العلاقات بين البلدين منذ العام 1984، تاريخ بدء العلاقات الدبلوماسية بينهما، تطوراً كبيراً على جميع الأصعدة عززتها الزيارة الأخيرة لولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الصين في شهر7 من العام 2019. وتعتبر اليوم دولة الامارات العربية ثاني أكبر شريك تجاري للصين في العالم، وأكبر شريك في المنطقة العربية، وتضم الامارات أكبر عدد من المواطنين الصينيين في منطقة الخليج العربي، وتصدر أكثر من 15% من نفطها الخام إلى الصين، ويمر من خلالها أكثر من نصف حاجة الصين من النفط الخام سنوياً.
منذ بدء انتشار فيروس كورونا المستجد في الصين أعربت دولة الامارات العربية المتحدة عن تضامنها مع الصين والشعب الصيني، حيث أشار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي استعداد بلاده لتقديم الدعم للصين،وبأن دولة الامارات لديها الثقة بأن الصين قادرة على أن تتجاوز هذه الأزمة.
كما قال وزير الصحة الاماراتي عبد الرحمن بن محمد العويس أن الصين واحدة من أهم حلفائنا السياسيين والاقتصاديين. وأضاف بأن الرحلات الى بكين ستستمر من أجل ضمان استمرار السياحة والتجارة. ففي الوقت الذي أوقفت فيه العديد من شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى الصين، عندما كانت الأخيرة تحارب فيروس كورونا المستجد، أبقت دولة الامارات العربية رحلاتها إلى بكين. وبالرغم من اكتشاف اصابات بفيروس كورونا لصينيين في الامارات، فإن الأخيرة لم تغلق مطاراتها وأراضيها أمامهم ــ كما فعلت الكثير من الدول ـــ بل على العكس قامت بمعالجة الأشخاص المصابين.
أرسلت الامارات العربية امدادات طبية إلى الصين مرات عديدة، وكتعبير عن التضامن أيضاًتم في دبي إضاءة برج خليفة وبرج العرب بالعلم الصيني، وفي أبوظبي أضيئت مباني الكابيتال جيت وسوق أبوظبي العالمي وفندق قصر الامارات وجسر الشيخ زايد ومبنى شركة بترول أبوظبي الوطنية" أدنوك" بألوان العلم الصيني.
بالمقابل أعرب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن تقديره للمساعدات الاماراتية، وأشار إلى أن المساعدات المتكررة للصين تعبر عن عمق الصداقة بين الجانبين الاماراتي والصيني، ويظهر المستوى العالي للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين.
وبدوره صرحّ السفير الصيني في دولة الامارات أن المساعدات المرسلة الى الصين تشير إلى أن الصين والامارات تتعاونان للتغلب على الصعوبات في السراء والضراء.
وتقديراً للمساعدات التي أرسلتها دولة الامارات العربية الى الصين، أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال محادثة هاتفية مع نظيره الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن الصين مستعدة لتقديم المساعدة لدولة الامارات قدر استطاعتها من أجل مساعدتها في مكافحة فيروس كورونا.
إضافة إلى تقديم المساعدات الطبية، أجرى أطباء في أبوظبي محادثات مع خبراء وأطباء في مقاطعة تشجيانغ الصينية للمساعدة في تعزيز كفاحهم ضد فيروس كورونا والاستفادة من التجربة الصينية. ومن ناحية أخرى، تم تشغيل أول مركز لاختبار فيروس كورونا في أبوظبي، وأطلق عليه اسم "هويان"، بالاشتراك بين مجموعة G42الإماراتية وشركة BGI، أكبر مزوّد للتسلسل الجيني في الصين.
هذه المواقف الاماراتية التي طبقت المثل الصيني القائل عند الشدائد يُعرف الصديق، عززت من محبة الصين للامارات دولة وشعباً، وستدفع بالعلاقات بين البلدين قدماً على نحو غير مسبوق. وما من شك أن التعاون الصيني الاماراتي سيتضاعف بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا المستجد، خاصة في ظل الآثار السلبية التي سيتركها الفيروس على الاقتصاد العالمي، وتأثيره على النفط الذي شهدت أسعاره أدنى مستوياتها منذ 18 عاماً.