بقلم طاهر قابيل، جريدة أخبار اليوم المصرية
منذ زيارتى الأولى لبلد «التنيين» لم تدهشنى ناطحات السحاب والشوارع الواسعة والنظافة واللون الأخضر المنتشر فى كل مكان وشبكة مترو الأنفاق التى تقع محطاتها أسفل أو بالقرب من المولات والأماكن التجارية.. ولكن ما جذبنى هو المواطن الصينى وخاصة المرأة التى تعمل يدا بيد بجوار الرجل.. فالصينيون يؤمنون بقدسية الوطن والحفاظ عليه وعدم التفرقة بسبب اللون أو العقيدة.. فالجميع هناك لا يعرف سوى الالتزام واحترام الآخر وكرم الضيافة والإخلاص فى العمل سواء كان بسيطا او مقابله المادى قليلا جدا.
كنت على ثقة أنهم سوف ينتصرون على الضيف الغريب الذى ظهر بعنف فى «ووهان» وانتشر فى العديد من المقاطعات وسافر الى دول أخرى.. فالانتصار على الأعداء لا يأتى صدفة بل يتحقق بالتخطيط الجيد والاستعداد وتكاتف المقاتلين وبذل الغالى والنفيس لتحقيقه.. وأسعدتنى زيارة الرئيس الصينى إلى «ووهان» الأسبوع الماضى وقوله إن الصين كلها حتما ستنتصر بعد انحسار الفيرووس.. فبنظرة على ما حدث فقد تم استهلاك ٤٫٦ مليون بدلة واقية و٩ ملايين كمامة و٦٠ مليون قناع جراحى.. فالحكومة المركزية وكل مقاطعات الصين تحركت من البداية وتم بناء مستشفيات مؤقتة ووحدة علاجية التى قل عددها لتحسن الأوضاع وتراجع الأعداد الكبيرة بالإجراءات الوقائية التى اتخذوها وأوقفوا بها انتشار واحد من أكثر الفيروسات سرعة فى الانتشار بأكبر دول العالم من حيث الكثافة السكانية.
الصينيون حققوا المستحيل ونجحوا فى السيطرة على الفيروس وقريبا سيعلنون نهايته.. ففى الأيام الأخيرة اصبح تسجل الاصابات بالعشرات بعد ان كانت بالآلاف فسكان مدينة «ووهان» ومقاطعة «هوبى» صمدوا لأنهم لم يكافحوا الفيروس بانفسهم ولانفسهم بل كان فى ظهرهم وإلى جانبهم خطوة بخطوة الصين كلها حكومة وشعبا وتدفقت التبرعات من كل القطاعات وأعضاء الحزب الحاكم والأفراد وجاء المتطوعون والفرق الطبية من كل المقاطعات عايشوا «العزل» لحظة بلحظة وكافحوا الفيروس.
الصين أرسلت مساعدات وفرقا طبية للدول التى تسجل حالات انتشار كبيرة وشاركت خبراتها مع دول عديدة وأخيرا تبرعت لمنظمة الصحة العالمية بـ ٢٠ مليون دولار للمساعدة فى المكافحة على مستوى العالم لسلامة البشرية علماً بأن اقتصادها تأثر بشكل كبير.
ما حدث مع «كورونا» من الصينين درسا لكيفية مواجهة العدو وتحقيق الانتصار عليه فمع الجهود المخلصة لا يوجد مستحيل.. وكان ولا يزال للاعلام الصينىى دورا فى نشر الحقائق باستخدام الوسائل المختلفة التقليدية والحديثة لنقل الواقع بعيدا عن التهويل والخراب الذى تمارسه دول و«اخوان الشر» ووكلات الانباء المغرضة.