لقد جذبت الروح المعنوية المرتفعة والهمة العالية التي تميز بها الشعب الصيني في محاربته لفيروس كورونا الجديد (كوفيد-١٩) اهتمام العالم بأسره. فلا النظارات يمكنها إخفاء النظرات الحازمة ولا كمامات الوجه يمكنها إخفاء قوة العزيمة، الكل مشغول، والمتطوعون يعملون ليلا نهارا داخل المدن وخارجها. لكل واحد قصته الخاصة ولمسته المؤثرة في حدود مجال عمله، مما يظهر القوة والعزيمة الصلبة لهؤلاء الأفراد والتي سيظل التاريخ يذكرها إلى الأبد. لذلك عندما يتم اختبار الأمة الصينية فإنها لا ترسل روحا معنوية قوية إلى الداخل الصيني فحسب وإنما تلهم بقية شعوب العالم أيضا.
”أكثر ما يذهلني هو تميز كل صيني بروح المسؤولية القوية وإخلاصه وتفانيه في العمل، وهو على استعداد دائم للمساهمة في مكافحة المرض والسطرة عليه“. شارك بروس إدوارد كبير المستشارين لمدير منظمة الصحة العالمية هذه التفاصيل التي تم ملاحظتها في الصين، مما يكشف منظورا حقيقيا عما يجري على أرض الواقع في الصين: إن الطواقم الطبية والموظفين الذين يعملون في الخطوط الأمامية لمكافحة المرض قد استنفذوا قواهم بالكامل، إنهم متعبون جدا، العديد منهم يغلبهم النعاس على هامش محادثاتهم مع فريق التفتيش، كل صيني عامل تم حشده على أرض المعركة لمحاربة الفيروس، يتحمل المسؤولية الكاملة والمشتركة في التصدي لهذا المرض ومنعه من الإنتشار. وحسب رأيه فإن الفضل في تراجع تفشي الوباء إلى حد كبير يعود إلى مثابرة وتفاني الشعب الصيني. إن الروح المعنوية العالية والعزيمة الصلبة المرسومة على وجوه هؤلاء المكافحين والعاملين والتي أسرت قلوب خبراء منظمة الصحة العالمية هي تجسيد لروح الأمة الصينية.
منذ وقت ليس ببعيد أشارت وكالة بلومبرغ الأمريكية بأن الإجراءات التي اتخذتها الصين مثل الإغلاق المؤقت للمواصلات لمغادرة ووهان أحرزت تقدما إيجابيا، مما يعكس مفهوم ”التضحية بالمصلحة الفردية من أجل الصالح العام“ المتجذر بعمق في الثقافة الصينية. وهذا يتطابق تماما مع شعور بعثة منظمة الصحة العالمية بأنه وبالرغم من أن شوارع مدينة ووهان فارغة إلا أن وراء كل نافذة هناك مواطن يؤدي وظيفته النبيلة في مكافحة الفيروس. سواء الأطباء أو الممرضين الذين يمكنهم النوم في أي مكان من شدة التعب، أو بناة مستشفى هوشنشان ومستشفى شيشنشان الذين يسابقون الزمن أو الذين يعملون في المجمعات السكنية ومندوبي شراء وتوصيل الأغذية والأدوية والذين ينقلون الإمدادات ليلا ونهارا والمتطوعين الذين ينقلون الطواقم الطبية من وإلى العمل، كل هؤلاء الأشخاص العاديون من ضمن عشرات الملايين من العائلات هرعوا إلى الخطوط الأمامية لمحاربة فيروس كوفيد-١٩. إن المشاعر النبيلة والجميلة تجاه الوطن هي الدلالة الروحية للمصير المشترك.
في مواجهة كوفيد-19، ظل الشعب الصيني مؤمنا بقدرته على الفوز عليه مما يدل على روح التفاؤل والمثابرة. في مستشفى فانغتسانغ بووهان يقوم المرضى والممرضون برفع الإبهام دلالة على الرضاء التام، كما يقوم الطاقم الطبي بالرقص بعد خروج المرضى من المستشفى، لا أحد يمكنه أن يتخيل مقدار التعب والإرهاق وراء كل هذا العناء، لكن هذا هو العمود الفقري الذي لا يلين ولا ينحني والذي يجعل من الصين تقف شامخة وفخورة أمام العالم، وقد امتدح الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة غوتيس الشعب الصيني وقال ”لقد قدم مساهمة عظيمة للبشرية جمعاء“ وهذه المساهمة لا يمكن فصلها عن شجاعة الشعب الصيني ومعنوياته المرتفعة.
وطالما شعلة هذه الروح متوهجة في قلب كل مواطن صيني فإن إشعاعها سينير الكون كله. وسواء كان المتطوعون الذين يواجهون في الخطوط الأمامية ويدافعون بصمت من أجل استمرار الحياة اليومية وحماية الإقتصاد، أو الحراس الذين يعملون في جميع جوانب أعمال المكافحة والذين يتبرعون بإرسال الكمامات والمواد الطبية من الخارج، أو الخبراء الصينيين والمتطوعين الذين يسافرون إلى الدول التي تفشى فيها المرض لتقديم المساعدة، كلهم تجمعوا في الداخل والخارج صغارا وكبارا ليشكلوا قوة عظيمة من أجل مساعدة بعضهم البعض في ظل الحرب التي يشنوها للتغلب على فيروس كوفيد-١٩. وقد قالت منظمة الصحة العالمية ”لقد أظهرت الصين عملا جماعيا مذهلا وروحا تعاونية لا مثيل لها“، إن رحابة الصدر التي يتميز بها الشعب الصيني ومعنوياته المرتفعة التي لا يمكن قهرها لا تقتصر فقط على تقديم قصص حية من صميم الفؤاد ولكنها تظهر أيضا القوة الروحية لبناء مجمتع ذو مصير مشترك.
يتفشى كوفيد-19 الآن في العديد من البدان والمناطق، وقد رفعت منظمة الصحة العالمية مستوى الخطر إلى ”مرتفع للغاية“ وفي هذا الوقت بالذات يمكن القول بأن جهود المكافحة والسيطرة على المرض في الصين هي خير مثال يجب على العالم أن يحتذي بها. إن هذه المعركة بين البشر وبين الفيروسات يجب أن يكون فيها الطرف الأول أقوى، وفي هذا الإطار لا غنى عن وعي المجتمع البشري بقدره المشترك، وبأن روح الوحدة والقتال يجب أن يكون متبادلا بين كافة الشعوب. لذلك يجب علينا أن نؤمن بأنه بالإعتماد على قوة المجتمع البشري يمكننا هزيمة المرض وتحقيق تطور التنمية للبشرية جمعاء.