دمشق 6 فبراير 2020 ( شينخوا) أكد خبيران سوريان اليوم (الخميس) أن وجود القوات التركية في محافظة إدلب ( شمال غرب سوريا ) ، واستقدام المزيد من القوات إلى داخل الأراضي السورية يهدف إلى إعاقة تقدم الجيش السوري في عملياته العسكرية في استعادة السيطرة على المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة المسلحة في ريف إدلب الشرقي ، مستبعدين فكرة تصعيد الصراع بين الجيش السوري والقوات التركية في المرحلة القادمة .
واعتبر الخبيران السوريان أن موقف الجانب الروسي مما يجري الأن في إدلب ، سيكون مع الجيش السوري ، مؤكدين أن روسيا تقف مع الجيش السوري من خلال مشاركة سلاح الطيران الروسي في العملية العسكرية التي بدأت منذ 19 من الشهر الماضي .
وقال العميد المتقاعد هيثم حسون في مقابلة خاصة مع وكالة ((شينخوا)) بدمشق اليوم (الخميس) إن " ما يجري حاليا في المنطقة الشمالية الغربية ، هو محاولات تركية لإعاقة تقدم الجيش السوري " ، مؤكدا أن هذه التحركات من قبل الجانب التركي " لن تؤدي إلى صدام عسكري مباشر بين الجانبين " .
وبين حسون وهو محلل وباحث استراتيجي أن القوات التركية حتى الأن لا تبدي حراكا ولا مقاومة لعمليات التطويق التي ينفذها الجيش السوري في مواقع الاحتلال التركي ، لافتا إلى أن القوات التركية التي تقدمت باتجاه جنوب مدينة سراقببريف إدلب الشرقي خلال الساعات الماضية وفي محيطها قامت بالانسحاب عندما وصلت قوات الجيش السوري إلى مشارف المناطق التي قامت باحتلالها في محاولة لإعاقة تقدم الجيش السوري .
يذكر أن تركيا منذ أيام ترسل تعزيزات عسكرية إلى شمال غرب سوريا ، ودخلت الأحد الماضي تعزيزات تعد الأكبر إلى المنطقة، تضم 240 آلية على الأقل من دبابات وناقلات جند وشاحنات، تمركز معظمها في محيط مدينة سراقب التي تخوض قوات الجيش السوري منذ أيام معارك في محيطها.
ورأى الباحث الاستراتيجي أن الرئيس التركي رجب طيب أرودغان قد يعمد إلى تصعيد الصراع ، مبررا ذلك بفقدان كل الأوراق التي كان يمتلكها في الساحة السورية ، لافتا في الوقت ذاته إلى أن تصعيد المواجهة بين الجيش السوري والقوات التركية في إدلب ، " ستشكل خطرا على تركيا " ، مبينا أن القيادات في تركيا ستقوم بمنع الرئيس التركي من القيام بهذه الخطوة التصعيدية وبهكذا مغامرة " .
ويشار إلى أن الحدود السورية التركية تشهد توترا غير مسبوق بعد مقتل ثمانية عسكريين أتراك بنيران الجيش السوري في إدلب قبل أيام ، في حين طالب الاتحاد الأوروبي من سوريا وروسيا بوقف الغارات الجوية على المدنيين في إدلب، وسط دعوات أممية بخفض التوتر.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية مؤخرا أن قواتها ردت على قصف الجيش السوري ، ودمرت أهدافا تابعة له في إدلب.
وأوقع القصف وفق وزارة الدفاع التركية- 76 قتيلا من قوات الجيش السوري، لكن وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أوردت أن الرد التركي لم يسفر "عن أي إصابة أو ضرر".
وأكد حسون أن موضوع اتفاق سوتشي انتهى بسبب امتناع السلطة والنظام التركي عند تنفيذ تعهداتها بموجب اتفاق سوتشي بإخلاء المنطقة من المسلحين والسلاح الثقيل وإنشاء منطقة منزوعة السلاح ، مؤكدا أن الجانب التركي "لم يلتزم به وكان حريصا فقط على احتلال بعض المواقع بموجب اتفاقات سوتشي ".
وأضاف أن " الحكومة السورية عندما اتخذت قرارا بشن عملية عسكرية في إدلب أعلنت فعليا سقوط هذا الاتفاق " ، لافتا إلى أن الجميع بات يدرك أن هذا الاتفاق أصبح خارج نطاق الحسابات بالنسبة للدولة السورية .
وفي مايو/ أيار 2017، أعلنت تركيا وروسيا وإيران توصلهم إلى اتفاق منطقة خفض التصعيد في إدلب، في إطار اجتماعات أستانا المتعلقة بالشأن السوري.
ورغم تفاهمات لاحقة تم إبرامها لتثبيت وقف النار في إدلب، وآخرها في يناير/كانون الثاني الجاري، فإن قوات الجيش السوري والقوات المتحالفة معها يواصلون تقدمهم باتجاه مدينة سراقب الهدف الثاني للجيش السوري بعد مدينة معرة النعمان .
وتهدف العملية العسكرية إلى تأمين الطريق الدولي الذي يربط دمشق العاصمة مرورا بمحماة وصولا الى حلب شمالا .
وأشار الباحث الاستراتيجي السوري حسون إلى أن الجيش السوري سيستمر في تنفيذ عمليته العسكرية لتحرير كامل محافظة إدلب من الوجود الإرهابي ، ومن الوجود التركي أيضا ، ولا يأخذ بعين الاعتبار نقاط الاحتلال التركي التي يقوم الجيش السوري باستكمال تطويق النقطة الخامسة فيها ، مؤكدا أن القيادة السورية غير معنية بحياة هؤلاء المقاتلين الأتراك الذين استخدمتهم تركيا لاحتلال أراضي سورية .
وحول موقف الجانب الروسي من الصراع بين الجيش السوري والقوات التركية ، قال حسون إن " الجانب الروسي طبعا يؤيد قرار القيادة السورية في تحرير محافظة إدلب من الإرهاب " ، مبينا أن الدليل على ذلك هو" المشاركة الفعالة بسلاح الجو الروسي في العمليات القتالية في ريف ادلب " .
وأوضح أن روسيا تدعو وتطالب الفصائل المسلحة بالانسحاب ، وكذلك تطالب تركيا بتنفيذ تعهداتها بموجب اتفاق سوتشي أي سحب المسلحين باتجاه الحدود السورية التركية .
ومن جانبه اتفق المحلل السياسي السوري الدكتور بسام أبو عبد الله مع من سبقه بالحديث أن الوجود التركي داخل الأراضي السوري هو وجود احتلالي بالنسبة للدولة السورية ، لافتا إلى أن الجانب التركي " لم يلتزم بأي بند من الاتفاقيات السابقة ولازال مستمرا بدعم الإرهابيين طيلة اكثر من 18 شهر " .
واستبعد المحلل السياسي السوري المواجهة والاشتباكات بين الجيش السوري والقوات التركية ، مؤكدا أن كل محاولات القوات التركية من خلال إنشاء نقاط مراقبة او استقدام قوات إضافية إلى داخل الأراضي السورية ، تهدف بشكل واضح لمنع تقدم الجيش السوري .
وأشار الى ان نقاط المراقبة التركية كان يفترض أن تكون لها مهام وهي تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وهي إخراج الجماعات الإرهابية ، مؤكدا أن نقاط المراقبة ليست ميزة وإنما مهمتها تنفيذ اتفاق ، مبينا أن نقاط المراقبة التركية لم تقم بتنفيذ الاتفاق " فهي أصبحت قوات احتلال وقوات دعم للإرهابيين " .
ويشار إلى تركيا أنشأت 12 نقطة مراقبة داخل الأراضي السورية بموجب اتفاق سوتشي وتمكن الجيش السوري خلال عملياته العسكرية الحالية من السيطرة على أكثر من ثلاثة نقاط لحد الان .
الامر الذي دعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى تهديد الجيش السوري وأعطائه مهلة حتى نهاية شهر فبراير/شباط الجاري للانسحاب من المناطق الواقعة خلف نقاط المراقبة العسكرية لجيش بلاده في إدلب.
وأنذر أردوغان بأن تركيا ستجبر قوات النظام على الانسحاب، مؤكدا أن الهجوم الذي استهدف الجنود الأتراك في إدلب هو بداية مرحلة جديدة بالنسبة لبلاده في سوريا.
ورأى المحلل السياسي السوري أبو عبدالله أن ردود الخارجية الروسية والكرملين إزاء ما يحدث في إدلب كانت واضحة ، مؤكدا موقف الجانب الروسي سيكون إلى جانب الدولة السورية ، لافتا إلى أن روسيا تؤيد قرار الدولة السورية بتحرير إدلب من الإرهاب .
وتعد روسيا الحليف الاستراتيجي القوي لسوريا ، وتشارك عبر سلاح الطيران بشن غارات على مواقع المسلحين في عدة مناطق في سوريا ، ولعب الطيران الروسي دورا هاما في قلب موازين القوى على الأرض منذ عام 2015 .