برشلونة أول مارس 2019 / من السيارات المؤتمتة إلى العمليات الجراحية عن بعد، جرى تصور سيناريوهات مستقبلية هنا في مؤتمر برشلونة العالمي للجوال لعام 2019، حيث وُضعت تكنولوجيا الجيل الخامس "5 جي" في دائرة الضوء.
وحتى يصبح التغيير ممكنا، فإن البنية التحتية الرقمية، وهي عملية بناء الشبكة المسماة 5 جي في المرحلة التالية، أمر ضروري لتمكين انترنت فائق السرعة يربط كل شيء من كل مكان.
في إطار عملية البناء، فإن المنافسة العادلة، وكذلك التعاون القوي، بين مشغلي شبكات الهاتف الجوال في جميع أنحاء العالم تعتبر عنصرا حاسما في تحويل الرؤية إلى واقع ملموس، كما يقول خبراء.
-- المنافسة تدفع الابتكار
بحلول عام 2025، من المتوقع أن يستثمر مشغلو شبكات الهواتف النقالة ما بين 300 و500 مليار يورو (341.67 مليار و569.46 مليار دولار أمريكي) في طرح شبكات الـ "5 جي" في جميع أنحاء أوروبا، وباعتبارها صناعة ستنتج أكثر من 4 في المائة من الناتج الاقتصادي بأكمله، وفقا لـ "جي إس أم أيه"، وهي منظمة تمثل أكثر من 750 شركة من المشغلين والموردين المشاركين في مؤتمر برشلونة.
وقالت المنظمة في بيان قبل انطلاق مؤتمر برشلونة بوقت قصير إن "الإجراءات التي تعطل توريد المعدات لقطاعات مختلفة من الشبكة (الوصول والنقل والأساس) ستزيد التكاليف على مشغلي الشبكات والشركات والمواطنين في أوروبا؛ ما يؤخر نشر شبكة 5 جي لسنوات في جميع أنحاء أوروبا".
في الأساس، تدعو "جي إس أم أيه" إلى السماح لعدد أكبر، وليس أقل، من الضالعين بالصناعة للمشاركة في عملية تقديم العطاءات والمساعدة في بناء البنية التحتية.
وذكرت أن "المنافسة بين موردي المعدات كانت محركا رئيسيا للابتكار؛ فالحد أو عرقلة نشر شبكة 5 جي أو الحاجة إلى إجراء تغييرات في البنية التحتية الحالية لشبكة الـ 4 جي، أمور تخاطر بترك المستهلكين والشركات الأوروبية خلفا؛ ما سينقل الاستثمار والابتكار إلى تلك الدول التي يجري فيها أولا بناء شبكة 5 جي وبشكل أسرع، مما يؤثر على الوظائف والنمو".
وتعتبر كل من شركات (هواوي) الصينية و(إريكسون) السويدية و(نوكيا) الفنلندية أكبر ثلاثة موردين لمعدات الاتصالات، في حين أن (زي تي إي) الصينية و(سامسونج) الكورية الجنوبية لديهما حصة سوقية أقل، وفقا لشركة مجموعة "ديل أورو" للأبحاث.
وقال نيك ريد، الرئيس التنفيذي لشركة (فودافون)، وهي إحدى أكبر مشغلي شبكات الهواتف المحمولة في العالم، إنه "في حال حصرنا الخيارات بشركتين اثنتين فقط، أعتقد أن هذا وضع غير صحي ليس فقط بالنسبة لنا كصناعة، وإنما أيضا للبنية التحتية الوطنية في البلاد".
-- لا دليل على ارتكاب مخالفات
وتم تسليط الضوء هنا على المناقشات حول المنافسة الشاملة بسبب محاولات الولايات المتحدة الأخيرة لدفع شركة (هواوي)، وهي شركة ذات ملكية خاصة رائدة في مجال بناء شبكات الـ 5 جي، للخروج من السوق، على الرغم من عدم وجود أدلة على ارتكاب الشركة لمخالفات مزعومة تجاه عملائها.
وصرح ستيفان تيرال، المدير التنفيذي للبحوث والتحليلات ومستشار البنية التحتية لشبكات الهاتف النقال واقتصاديات المشغل في شركة "آي أتش إس ماركيت"، لوكالة أنباء ((شينخوا)) أثناء حضوره مؤتمر برشلونة، بأنه "مثل أي شخص آخر في هذه الصناعة، أتابع نتائج تلك التحقيقات. لقد أخبرني العديد من مزودي الخدمة عدة مرات أنهم لم يعثروا على أي مخالفة".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، كتب روبرت هانيغان، الرئيس السابق لمقر الاتصالات الحكومية في بريطانيا، في صحيفة ((فاينانشيال تايمز))، أن "التأكيدات بأن أي تكنولوجيا صينية في أي جزء من شبكة الـ 5 جي تمثل خطرا غير مقبول هي هراء".
وفي 20 فبراير، قال سياران مارتن، الرئيس التنفيذي لمركز الأمن الالكتروني الوطني في بريطانيا، في بروكسل، إن الرقابة على "هواوي" تجري بشكل مناسب وحتى المشاكل التي تم تحديدها مع الشركة لا تشير إلى أية عدائية.
وأضاف مارتن "كما قلنا آنذاك، ونكرر اليوم، فإن هذه المشكلات تتعلق بمستوى الأمن السيبراني؛ فهي ليست مؤشرات لنشاط معاد من قبل الصين".
وقال جيفري دي.ساكس، وهو خبير اقتصادي مشهور عالميا من جامعة كولومبيا، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "قرارا واضحا من جانب المملكة المتحدة للمضي قدما مع هواوي، في حال تأكيده، يعد صفقة كبيرة جدا جدا".
وتابع ساكس أنه "سيكون له أثر هائل في جميع أنحاء العالم في التصدي لمحاولة الولايات المتحدة لعزل شركة هواوي".
-- التعاون المفيد
بالعودة إلى الصين، حافظت شركتا "إريكسون" و"نوكيا"، وهما أكبر منافسين أجنبيين لـ "هواوي"، على تعاون مع شركات صينية.
وفي يوم الثلاثاء، أعلنت "إريكسون" عن ميناء ذكي لشبكة 5 جي في ميناء تشينغداو مع شركة (تشاينا يونيكوم)، وهي واحدة من أكبر مشغلي شبكات الهواتف المحمولة في الصين. وتعتبر الشركة قوية بشكل خاص في مجال اتصالات الهواتف النقالة بالصين، مع سيطرتها على قرابة نصف السوق.
وفي نوفمبر من عام 2018، أعلنت "نوكيا"، عن ثلاث اتفاقيات إطارية منفصلة بقيمة إجمالية تزيد على ملياري يورو (2.28 مليار دولار) مع "تشاينا موبايل" و"تشاينا تيليكوم" و"تشاينا يونيكوم"، وجميعها شركات مملوكة للدولة.
وقال أندريه بيلوزيروف، كبير مستشاري رئيس موظفي المعلومات في حكومة مدينة موسكو، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن وجود تعدد الشركاء يعد أيضا نهجا قيميا بالنسبة لمدينة موسكو.
وأضاف بيلوزيروف "نحن نعمل مع شركات مختلفة، بما في ذلك هواوي. وليس لدينا أي خوف فيما يتعلق بشركة أو بأخرى. عند اختيار الشركاء، نقوم بتقييم جودة وموثوقية المنتجات التي ينتجونها والخدمات التي يقدمونها".
وتابع "نعتقد أن التعاون الدولي في مجال تطوير تكنولوجيات جديدة مكلفة أمر ضروري ومفيد للغاية".