القاهرة 31 مايو 2018 /قبل غروب الشمس بدقائق، تجمع اليوم (الخميس) أكثر من ألف شخص من منطقة واحدة في حي المطرية بالقاهرة لتناول وجبة الإفطار معا.
ويتناول سكان "عزبة الصعايدة" في المطرية الإفطار الجماعي مرة واحدة خلال شهر رمضان من كل عام، في تقليد مستمر منذ ستة أعوام، حسبما قال عبد الفتاح حسن، وهو موظف حكومي وأحد القائمين على إعداد الإفطار، لوكالة أنباء (شينخوا).
ويمتنع المسلمون خلال شهر رمضان، الذي يعتبر أكثر الشهور الإسلامية قدسية، عن تناول الطعام والشراب منذ شروق الشمس حتى غيابها.
ويعتبر شهر رمضان فرصة للمسلمين لإظهار وحدتهم وتعاونهم في شتى المجالات.
وجلس المئات من سكان "عزبة الصعايدة" حول طاولات أقيمت في شارع ضيق وطويل، فيما انشغل عشرات الشباب بوضع الأطعمة والمشروبات المختلفة أمام الصائمين قبل موعد آذان المغرب، وهو الوقت الذي ينهي فيه الصائمون صيامهم كل يوم.
وأضاف حسن، وهو يساعد أخرين في تجهيز الطعام، أن "هذا الإفطار يقربنا أكثر من بعضنا البعض، وهذه العادة توسعت لتشمل الأصدقاء من مناطق أخرى".
وتابع أن "هذا الإفطار يجعلنا نشعر بالمعنى الحقيقي لشهر رمضان، الذي يحث على التضامن، حيث يتعاون معظم السكان في إعداد الوجبات والمشروبات والطاولات".
ورأى حسن، أن "هذا العرف يذيب الحواجز بين الطبقات المجتمعية، ويظهر أن الجميع متساوون، فهنا سترى الطبيب والمهندس والمسؤول الحكومي يعمل مع الآخرين، وينظف الأطباق بعد الإنتهاء من الإفطار".
وحول كيفية الإعداد لهذا الإفطار الجماعي، قال حسن إن "سكان الحي يجمعون الأموال اللازمة لإقامة المائدة قبل حلول رمضان بستة شهور، فيما تقوم نساء الحي بطهي الطعام وتجهيزه في المنازل".
وأردف أنه " بعد جمع المال اللازم، يشتري الرجال الخضروات واللحوم والفواكه، ثم تبدأ النساء في عملهن"، مشيرا إلى أن رجال الحي أنشأوا مطبخا صغيرا في أحد شوارع المنطقة لإعداد الأرز وشوي الدجاج واللحوم، في لفتة منهم للتخفيف عن السيدات.
وأكد حسن، أن أهالي "عزبة الصعايدة" عازمون على المضي في إقامة هذه المائدة كل عام، مضيفا أن الأجيال القادمة ستتوارثها وتورثها لأبنائها.
ويشتهر الشعب المصري بكرمه، وبشكل خاص في شهر رمضان، حيث يكثر المصريون من أعمال الخير خلال هذا هذا الشهر لأسباب دينية واجتماعية.
ويقيم ميسورو الحال موائد يومية، تعرف باسم "موائد الرحمن"، يقدمون من خلالها الطعام والشراب للفقراء وعابري السبيل طوال شهر رمضان.
وفي إحدى زوايا عزبة الصعايدة، كان عادل محمد (36 عاما) الذي يعمل بقالا مشغولا بإعداد عصير التمر هندي في أكواب بلاستيكية.
وقال محمد، وهو يعطي هذه الأكواب لطفل صغير، إنه يعمل على إعداد هذا العصير منذ ساعات الظهيرة، مضيفا أنه أغلق محل بقالته من أجل مساعدة أهالي الحي.
وتابع أن " مثل هذا اليوم يوضح لنا معني التضامن، الذي يجب علي كل مسلم ممارسته في حياته اليومية، ونحن ندعو الفقراء لتناول الطعام معنا، وهناك العديد من أهالي الحي لا يستطيعون المشاركة بالمال في هذا اليوم إلا أنهم يشاركوننا هذه اللحظات الجميلة".
وبالقرب من محمد، جلس علاء أبوسنة الذي يعمل سائق تاكسي أمام الطاولة التي كانت تعج بشتى أنواع الطعام، وقال "إن صديقا لي من الحي دعاني لتناول الإفطار، وهذه أول مرة أعيش هذه اللحظة".
وأضاف أبوسنة، وهو ينتظر آذان المغرب بشغف، أن "هذه العادة رائعة جدا، وتعكس روح المحبة بين المصريين، لقد رأيت مسيحيين يساعدون مسلمين في إعداد الطعام، واتمنى أن تنتشر هذه العادة في كل مصر".