نُظمت ندوة حول "الديبلوماسية الصينية الجديدة والتغيرات الكبرى في العالم" بشكل مشترك بين معهد الصين للدراسات الدولية ومؤسسة الصين للدراسات الدولية في بكين في الآونة الأخيرة، ولخص خبراء محليون مختصون في الدراسات الدولية الوضع الدولي والدبلوماسية الصينية في عام 2017.
كيف تفسر السياسة الداخلية والخارجية لدولة كبرى؟
تعود العلاقات الصينية ـ الامريكية الى طبيعتها. أشار يوان بنغ نائب رئيس معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة إلى أن العالم الخارجي توقع في السابق بتراجع تطور العلاقات الصينية ـ الامريكية في عصر ترامب، بيد أن النتيجة هي عودة العلاقات بين الدولتين الى مسارها. واستفادت هذه العودة من زيارتين رفيعي المستوى ورؤساء لدبلوماسية الدولتين، مثل ما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ، يجب أن نطلق العنان لدور الاستراتيجي لرواد الدبلوماسية في العلاقات بين البلدين. وبالنظر الى تقاطع مصالح متشابكة في تاريخ العلاقات الصينية ـ الامريكية، فإن الاخيرة لن تنحرف عم مسارها ولن تنقلب، بالرغم استمرار وجود عدم اليقين.
أوروبا "جيدة ومستقرة وآمنة وعميقة". يعتقد هوانغ بينغ رئيس معهد اوروبا التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية بأنه بالمقارنة مع عام 2016، يعتبر أداء اوروبا جيدا في عام 2017، حيث كانت بيانات نمو الناتج المحلي الاجمالي والعمالة والتجارة والعجز وغيرها من البيانات كلها جيدة، بالإضافة الى استعادة الاقتصاد عافيته ببطء بعد الازمة. كما تميزت اوروبا بسياسة ثابتة، حيث لم تحلق " البجعة السوداء" في العديد من الانتخابات الأوروبية هذا العام، ولم يفز بعض المرشحين الشعبويين بالانتخابات. كما شهدت اوروبا هذا العام عودة الامن وانخفاض في الهجمات الارهابية والمناقشات الساخنة حول القضايا الامنية، والوضع الامني آخذ في التحسن. وتعميق التكامل الأوروبي -- تعميق الاعتراف بأوروبا.
القدرة التنافسية لروسيا آخذة في الارتفاع. أشار البروفيسور فنغ شاو لي مدير مركز الدراسات الروسية بجامعة هوادونغ لتكوين المعلمين الى أن التحدي الاقتصادي أكثر التحديات التي تواجهها روسيا في الوقت الحاضر، ومع ذلك، التقييم الذي قامت به الوكالات الدولية الموثوقة لروسيا يبين أن بيئة اعمالها والقدرة على الابتكار وحالة الاعتماد على الطاقة قد تحسنت كثيرا. ومن منظور استراتيجي، روسيا تتحرك من الازمة نحو اعادة هيكلة استراتيجية الدولة الكبرى. وعلى الصعيد الدبلوماسي، فإن للدبلوماسية الروسية " النسر برأسين" انجازات وصعوبات خاصة بها: صعوبة الاستمرار في المواجهة مع الغرب لفترة طويلة والسيطرة على المناطق المحيطة. وفي الوقت نفسه، عودة روسيا بقوة الى منطقة الشرق الاوسط وتحقيق التحول الاستراتيجي نجاحا دوليا.
اتجاهات الاقتصاد العالمي: نمو تجاوز التوقعات
أشارت تشن فنغ يينغ باحثة بمعهد الاقتصاد العالمي في المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة إلى أن النمو الاقتصادي العالمي في هذا العام تجاوز التوقعات ويمكن أن يقال إن اتجاه النمو الشامل نحو الانتعاش العالمي. علاوة على ذلك، تجدر الاشارة الى أن هذا العام ما يقود النمو ليس الاسواق الناشئة ولا البلدان النامية، وانما القوى الكبرى بما في ذلك الصين واوروبا والولايات المتحدة. ما يعني أنه في الحالة الطبيعية، يتوقع أن يحقق الاقتصاد العالمي نموا مطردا.
وهناك ظاهرة رئيسية أخرى هي التقنية، أي النمو الاقتصادي مدفوعا بالتكنولوجيا. وفي الوقت الحاضر، يمثل الاقتصاد الرقمي 22٪ من اقتصاد العالم، متجسدا في اقتصاد الإنترنت، حيث يربط نمط "الإنترنت +" بين الصناعة التقليدية والانترنت، ثم انتاج صناعة جديدة مثل الذكاء الاصطناعي الذي سيقدم مساهمات أكبر وأكبر في نمو الاقتصادي العالمي في المستقبل.
الوضع الأمني: بروز الاضطرابات في بعض المناطق
يعتقد البروفيسور منغ شيانغ تشينغ مدير معهد الدراسات الاستراتيجية بجامعة الدفاع الوطني، أن الوضع الأمني الدولي هذا العام تميز أساسا بخمس خصائص جديدة: ـ أولا، بروز الاضطرابات في بضع المناطق أكثر أثر على النظام الامني الدولي. ثانيا، انهيار محتمل لتنظيم " الدولة الاسلامية"، لكن يبقى هناك طريق طويل لنقطعه قبل محاربة الارهاب الدولي. وفي عام 2017، استمرت الخصائص الجديدة للإرهاب: اتجاه اللامركزية، الذئب المنفرد، الانتشار في العالم والمناطق المحيطة بها. ثالثا، تكثيف سباق التسلح الإقليمي وتحول المنافسة العسكرية بين القوى الكبرى إلى أكثر حدة. رابعا، تعزيز القوى الكبرى الانتشار الاستراتيجي للأمن السيبراني والتنمية الآمنة للفضاء السيبراني. خامسا، تحول الصين الى واحدة من المناطق الساخنة الأكثر تركيزا في العالم اليوم. ولاتزال القوى الكبرى تبحث عن المتاعب، على الرغم من تخفيف الوضع في بحر الصين الجنوبي.
ما هو تأثير الوضع الأمني لعام 2017 على المستقبل؟ يشير الى اي نوع من الاتجاه؟ ردا على ذلك، يعتقد البروفيسور منغ شيانغ تشينغ ظهور اتجاه تفاقم الصراعات والاضطرابات الدولية، يزيد من صعوبة الحل. بالإضافة الى ذلك، أحرز التعاون الامني في مجالات غير التقليدية بين الدول الكبرى تقدما، لكن المواجهات في مجالات الأمن التقليدية بحاجة الى ايلاء الاهتمام. والمنافسة واللعب بين الدول الكبرى في المجال الامني يزيد من التأثير على الامن الاقليمي والعالمي.