طرابلس 27 يونيو 2017 / عقب الخسائر التي مني بها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق وسوريا، وانحسار قواته وفقدانه لعدد كبير على مستوى القادة والأفراد، بدأت فرضيات تحركاته في ليبيا تطفوا على السطح مجددا، خاصة وأن البلاد لا تزال على وقع التفكك والانقسام السياسي، الذي لم تظهر أي مؤشرات على تقلص تأثيراته، مع تنامي نفوذ شبكات تهريب البشر والسلاح .
ورأى النائب في البرلمان الليبي محمد عبد الله في حديث خاص مع وكالة أنباء ((شينخوا)) موخرا أن "البلاد لا تزال هدفاً مهماً لتنظيم الدولة، خاصة وأن الاتفاق السياسي تأخرت عملية تطبيقه، في ظل استمرار تعنت الأطراف الليبية في تعديله، وإنهاء حالة الجمود التي تتسع تأثيراتها يوما بعد آخر، وبالتالي فإن الظروف لا تزال مواتية أمام التنظيم، ليتحرك من جديد، على الرغم من الخسائر التي منى بها في شرق البلاد وغربها" .
ودعا عبد الله جميع السياسيين إلى "فهم الواقع الليبي بطريقة مختلفة وواقعية، بعيدا على الانغلاق والإصرار على مواقف ومكاسب سياسية ضيقة، لأن هذا الأمر يكلفهم الكثير من الوقت الثمين"، مؤكدا أن استمرار الانقسام يعني نجاح تنظيم داعش وأخواته في إعادة تشكيل ونشر فلوله من المواقع الرخوة خاصة في جنوب البلاد وفي البلدات القريبة من العاصمة طرابلس.
وتمكنت قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر من السيطرة على شرق البلاد وجنوبها باستثناء بعض الجيوب، وطرد الجماعات الإرهابية على رأسها داعش وأنصار الشريعة والمليشيات المتحالفة معهما. كما تمكنت قوات عملية البنيان المرصوص التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في ديسمبر 2016، من تحرير مدينة سرت 450 كلم شرق العاصمة طرابلس من قبضة داعش.
وحول سرت، قدم أبو بكر البغدادي عضو المركز الإعلامي لعملية البنيان المرصوص، تفسيرات محتملة، لإمكانية تحركات التنظيم من جديد.
وقال "تنظيم داعش خسر سرت شر هزيمة، ولا توجد لديه فرصة في التحرك داخلها، لكن ذلك لا يعني أن التنظيم لن يحاول التحرك مجددا، خاصة وأن فلوله الهاربة، لا تزال تتحرك بضواحي سرت".
وتابع البغدادي في تصريح لـ((شينخوا)) عبر الهاتف أن أحد عناصر المقبوض عليهم مؤخرا" "اعترف بأن التنظيم لا يزال يتحرك على شكل مجموعات في المناطق الممتدة من سرت إلى الجفرة وحتى بني وليد، متنقلاً بين الأودية والهضاب والمناطق الجبلية، التي لا يوجد بها مظاهر لحياة، سوى رعاة الأغنام ، لكنها الطريقة الوحيدة المتاحة أمامهم".
وتابع أن هناك معلومات انتزعت من المقبوض عليهم من عناصر التنظيم عقب تحرير سرت، تفيد بأن "قادة التنظيم عقدوا اجتماعا سريا جنوب البلاد جمع العناصر الفارين من بنغازي وسرت، وأبدوا رغبتهم في الهجوم على طرابلس ومصراتة، ومحاولة تجميع فلولهم الهاربة، لشن هجمات جديدة والسيطرة على مواقع جديدة".
والمجموعة التي هربت من سرت، وكانت طرفا في اجتماع الجنوب، تدعى مجموعة ديوان الهجرة والحدود، وهي المسؤولة عن تجنيد عناصر التنظيم، وقد هربت من سرت ، قبيل عملية تطويقها من قبل قوات البنيان المرصوص وتحريرها نهاية العام الماضي. وتقدر أعداد الفلول الهاربة من سرت لداعش، بأنها تتخطى 200 فرد، بحسب تقارير أمنية ليبية وأمريكية.
وتتحرك هذه الفلول على شكل مجموعات من خمسة إلى عشرة أشخاص، على متن سيارات دفع رباعي في المناطق الوعرة والدروب الصحراوية جنوب البلاد وفي ضواحي سرت الجنوبية والشرقية.
وساهم التدخل الجوي الأمريكي في تحرير مدينة سرت من قبضة داعش نهاية العام الماضي، حيث نفذت القوات الأمريكية أكثر من 500 ضربة جوية، استهدفت مواقع ومقرات ومعسكرات التنظيم في سرت، ومهدت الطريق لقوات المجلس الرئاسي في حسم المعركة، التي تجاوزت ثمانية أشهر.
وأكد العميد النجمي الناكوع ، آمر جهاز الحرس الرئاسي في مقابلة مع ((شينخوا)) مؤخرا، استمرار التعاون بين ليبيا وأمريكا، في مجال مكافحة الإرهاب ، وهو أساس الاجتماع الذي عقد مع قائد الأفريكوم.
وأجرى الجنرال توماس فالدهاوسر قائد القوات الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) والسفير الأمريكي لدى طرابلس بيتر بوت، زيارة رسمية إلى العاصمة الليبية منتصف مايو الماضي، التقى فيها رئيس المجلس الرئاسي وعددا من القادة العسكريين والأمنيين في ليبيا.
وجدد الوفد الأمريكي دعمه للمجلس الرئاسي في حربه ضد تنظيم الدولة وتقديم كافة المساعدات للقضاء على التنظيم نهائيا، بالإضافة إلى استعداد واشنطن لتدريب القوات الليبية.
ومع الهجمات التي تبناها داعش في أوروبا مؤخرا، يؤكد مصدر أمني رفيع المستوى بوزارة الداخلية بحكومة الوفاق، وجود ارتباط بين خلايا داعش في أوروبا والمتواجدة في ليبيا.
قال المصدر الذي رفض الإفصاح عن هويته، في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا))، في الهجمات التي تعرضت لها بريطانيا ومدن أوروبية مؤخرا، توجد روابط بين منفذيها، وبين عدد من قادة المتشددين في ليبيا، ولعل واقعة هجوم مانشستر، أظهر عملية الترتيب لمنفذ الهجوم، وزيارته المتكررة للبلاد قبل الهجوم بأسابيع، وهو قطعاً يأتي في إطار دعم أطراف لمثل هؤلاء الإرهابيين".
وتوقع أن يكون "هناك دعم مالي وأيضا لوجستي، على مستوى تقديم المشورة في تصنيع قنابل ومواد متفجرة منزلية الصنع، لتجنب نقل أي مواد عبر الحدود".
وأشار إلى أن "التحقيقات المكثفة التي تجريها قوة الردع الخاصة لمكافحة الإرهاب في ليبيا، مع عدد من المقبوض عليهم بمن فيهم شقيق منذ هجوم مانشستر، أظهرت عزم التنظيم تنفيذ هجمات داخل ليبيا وفي عواصم غربية وعربية، وهو ما يعكس العلاقة المشتركة بين داعش ليبيا وفروعه في دول أجنبية".
وشهدت مدينة مانشستر البريطانية هجوما دمويا قبل أسابيع قليلة، عندما استهدف انتحاري ليبي يدعى سليمان العبيدي (23 عاماً) أعلن ولائه لداعش ، حفلاً موسيقياً أقيم بضواحيها، أدى إلى مقتل 25 شخصاً وإصابة أكثر من 100 بجروح.