القاهرة 14 يوليو 2016 / استضاف المتحف المصري بميدان التحرير في القاهرة اليوم (الخميس)، للمرة الأولى برديات الملك خوفو، الذي حكم في عهد الأسرة الرابعة من عصر الدولة الفرعونية القديمة.
وعثر على هذه البرديات التى تعد الأقدم في تاريخ الكتابة المصرية المكتشفة حتى الآن، في ميناء "وادي الجرف"، أقدم ميناء ليس فقط في مصر، إنما في تاريخ الملاحة البحرية العالمية.
وعرضت ست برديات في المتحف المصري اليوم، وذلك من حوالي 30 بردية تعود للملك خوفو صاحب الهرم الأكبر بمحافظة الجيزة (جنوب غرب) القاهرة، حسب الدكتور حسين عبدالبصير المشرف العام على إدارة النشر العلمي بوزارة الآثار.
وتعتبر هذه البرديات "وثيقة مهمة" من عهد الملك خوفو، وتكمن أهميتها في أنها " تؤكد أن مشروع بناء الهرم الأكبر كان مشروعا قوميا، وأن الهرم بناه المصريون القدماء، كما تنفي هذه البرديات أية ادعاءات تتعلق ببناء الأهرامات"، وفقا لعبد البصير.
ومن أهم تلك البرديات؛ بردية يتراوح طولها الأصلي بين 150 سنتيمترا و200 سنتيمتر، تخص أحد كبار الموظفين يدعى "مرر"، الذي شارك في بناء الهرم الأكبر، حيث احتوت على معلومات عن ثلاثة أشهر من حياته الوظيفية.
"هذه البرديات جعلتنا نعرف الكثير من الأمور عن حياة الموظفين في عصر الأسرة الرابعة، منها قيام فريق بحارة ربما لا يتجاوز عدده 40 رجلا يعمل تحت إمرة مرر بنقل كتل الحجر الجيري من محاجر طره على الضفة الشرقية للنيل إلى هرم خوفو عبر نهر النيل وقنواته"، أضاف عبدالبصير.
ويتضمن أغلب هذه البرديات جداول توضح توزيع الحصص اليومية للأطعمة، التي كانت تجلب من مناطق عديدة في دلتا نهر النيل، ما يؤكد مركزية وسيطرة الجهاز الإداري على شئون البلاد في مختلف أنحائها طبقا لتنظيم دقيق وصارم، وفقا لبيان.
ومن بين أهم هذه البرديات واحدة يظهر فيها بوضوح وبخط هيروغليفي مختصر التعداد رقم 13 للماشية في عهد خوفو، والذي كان يتم مرة كل عامين، ما يعني أن حكم هذا الملك امتد إلى نحو 26 عاما، وهو أمر لم يكن معروفا من قبل.
وتعد هذه البرديات الأقدم في تاريخ الكتابة المصرية المكتشفة حتى الآن، إذ إنها أقدم من "برديات الجبلين" التي تعود إلى نهاية الأسرة الرابعة، و"برديات أبوصير" التي تعود إلى نهاية الأسرة الخامسة.
ويقع ميناء "وادي الجرف" الذي اكتشفت فيه هذه البرديات على بعد 24 كيلو مترا جنوب منطقة الزعفرانة حاليا، و119 كيلو مترا من مدينة السويس، في مواجهة ميناء "المرخا" القديم في جنوب شبه جزيرة سيناء، والذي كان يؤدي لمناجم الفيروز ومنطقة سرابيط الخادم.
ومنذ عام 2011 تقوم بعثة مصرية - فرنسية مشتركة برئاسة الفرنسى بيير تالييه والأثري المصري السيد محفوظ بأعمال الحفائر في ميناء وادي الجرف.
وكشفت هذه البعثة عن آثار بالميناء، الذي يعتبر حتى الآن هو أقدم ميناء في تاريخ مصر والملاحة البحرية العالمية، ويمثل مع موقع ميناء "مرسى جواسيس" جنوب سفاجة، وميناء "العين السخنة" جنوب السويس مجموعة الموانئ الفرعونية الأقدم في تاريخ الإنسانية حتى الآن.
وتم بناء ميناء "وادي الجرف" على شاكلة المينائين الآخرين لكن على مساحة أكبر، ومن خلال الأختام الطينية والبرديات والنقوش الصخرية التي تم اكتشافها في هذه المنطقة فمن الممكن تأريخ هذا الموقع بعصر الدولة القديمة.
وعثر فى عام 2013 عند مدخل مغارتين بالميناء على هذه المجموعة الرائعة من البرديات، كانت مدفونة بين الكتل الحجرية التى تم استخدامها لإغلاق المغارة بعد الانتهاء من العمل.
ويبدو أن هذه المغارات كان يتم استخدامها كورش عمل ومخازن وأماكن سكنية، وتؤكد هذه البرديات أن موقع وادي الجرف كان مستخدما خلال عهد الملك خوفو، وأن فريق العمل الذى كان يعمل فى هذا الموقع هو نفسه الذى عمل فى بناء الهرم الأكبر.
والفرعون خوفو ثاني ملوك الأسرة الرابعة، الذي بنى الهرم الأكبر في الجيزة أحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم.
وتبع خوفو الملك سنفرو على العرش، وأمه كانت الملكة حتب حرس.