الدوحة 12 مايو 2016 /ألقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي اليوم (الخميس) كلمة الجانب الصيني في الاجتماع الوزاري السابع لمنتدى التعاون الصيني العربي الذي انعقد بالدوحة تحت شعار " البناء المشترك للحزام الاقتصادي وطريق الحرير وتعميق التعاون الاستراتيجي بين الصين والدول العربية".
فيما يلي النص الكامل لكلمة وانغ يي في الاجتماع:
معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية القطري المحترم،
معالي الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية المحترم،
الزملاء من الوفود العربية، أصحاب السعادة .... أهلا وسهلا.
يسعدني كثيرا أن التقي مع أصدقائي العرب في الدوحة، ويطيب لي أن أعبر باسم الحكومة الصينية عن التهاني الحارة لعقد هذا الاجتماع، وجزيل الشكر للحكومة القطرية على حفاوة الاستقبال، وفائق الاحترام للجهود الجبارة المبذولة من قبل الأمانة العامة للجامعة العربية .
اجتمعنا في بكين قبل عامين حيث طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة التشارك الصيني العربي في بناء "الحزام والطريق" التي لاقت تجاوبا حارا لدى الأصدقاء العرب، وعلى مدى العامين الماضيين وبفضل جهود الجانبين المشتركة أظهرت علاقات التعاون الاستراتيجي الصيني العربي حيويتها وديناميتها وأصدرت الصين لأول مرة وثيقة لسياساتها تجاه الدول العربية وقامت بإقامة أو الارتقاء بعلاقاتها مع تسع دول عربية إلى علاقات الشراكة الاستراتيجية وعقدت أول حوار سياسي استراتيجي رفيع المستوى ووقعت مذكرات تفاهم بشأن التشارك في بناء الحزام والطريق مع خمس دول عربية وانضمت سبع دول عربية إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية كعضو مؤسس.
وقد أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية ككل وبلغت قيمة عقود المقاولة الهندسية الجديدة الموقعة مع الدول العربية 64.6 مليار دولار وتم إنشاء مركزين لتسوية العملة الصينية " رينمينبي" في الدول العربية، وأقام الجانبان صندوقين مشتركين للاستثمار ، وأنهت الصين ومجلس التعاون الخليجي من حيث المبدأ مفاوضات تجارة السلع بشكل حقيقي متفقين على السعي للتوصل لاتفاقية منطقة التجارة الحرة قبل نهاية هذا العام، وتم افتتاح المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا وتم وضع حجر الأساس لأول مختبر وطني صيني عربي مشترك ، إضافة إلى توقيع اتفاق بشأن إنشاء أول جامعة صينية عربية مشتركة. الآن تجاوز عدد الوافدين العرب في الصين 14 ألف نسمة وبلغ عدد الرحلات الجوية بين الصين والدول العربية 183 رحلة كل أسبوع.
إن هذا كشف امكانيات كامنة كبيرة للتعاون الجماعي بين الصين والدول العربية، وكرس قيم السلام والتعاون والانفتاح والتسامح والتنافع والنفع المتبادل والكسب المشترك، وحقق نقلة نوعية لعلاقات التعاون الاستراتيجي الصيني العربي عمقا واتساعا التي أصبحت نموذجا يحتذى به للتعاون بين الدول النامية... قبل قليل معالي وزير الخارجية القطري أشار إلى ذلك وأوافق على ذلك تماما.
يصادف هذا العام الذكرى الستين لانطلاق العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية، وقبل فترة وجيزة ألقى الرئيس شي جين بينغ خطابا مهما أثناء زيارته لمقر جامعة الدول العربية وطرح فيه التشارك الصيني العربي في بناء الحزام والطريق والعمل المشترك على تثبيت الاستقرار وابتكار سبل التعاون ونقل الطاقة الإنتاجية وتعزيز الصداقة، الأمر الذي سجل آية جديدة للعلاقات الصينية العربية .
يعد التشارك في بناء الحزام والطريق منهجا تنفيذيا لإقامة علاقات التعاون الإستراتيجي الصينية العربية ودليل التعاون لدفع نهضة الأمتين الصينية والعربية. يهدف التشارك في بناء الحزام والطريق إلى استبدال القتال بالحوار وتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وربط طرفي قارة آسيا الشرقي والغربي وتعزيز التنمية المشتركة والازدهار وكسر الفرقة والتحيز وتعزيز التواصل والتنافع بين الحضارتين.
كانت الكتب التاريخية الصينية تصف عملية فتح طريق الحرير الصيني بتلمس الطريق المجهول لصعوبة هذه العملية، إذ أنها لا تتطلب تجاوز حواجز طبيعية كجبال وأنهار فحسب بل تتطلب كسر حواجز اجتماعية كالتقسيم والانغلاق ، أما في المسيرة الجديدة للتشارك في بناء الحزام والطريق تكون الدول المطلة على هذا الخط هي الأخرى أمام مسؤولية مهمة لتعزيز التفاهم والتعاون، ويمكن للتشارك الصيني العربي في بناء الحزام والطريق أن يصبح مهارة جديدة لإحلال السلام في الشرق الأوسط.
إن الجانب الصيني يدعم بثبات مساعي الأمة العربية للدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة، قبل قليل معالي وزير الخارجية القطري طرح قضية جدلية في الشرق الأوسط هي القضية الفلسطينية ، ونوافق على ذلك ولن نسمح بتهميش قضية فلسطين كونها قضية جدلية للسلام في الشرق الأوسط، ولن نسمح للإذلال والظلم بتبديد حلم السلام مرارا وتكرارا ، إذ أن أكبر تهديد للسلام يكمن في فقدان الأمل .
تدعم الصين بثبات إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة وعلى حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ، يجب احترام روح ومبادئ مبادرة السلام العربية وحل الدولتين، إن عملية السلام يجب أن لا تتوقف وتحتاج آلية إحلال السلام إلى قوة دفع جديدة ، وتدعم الصين اندماج فلسطين في المجتمع الدولي بشكل أكبر وترحب بمبادرة الدول ذات الصلة لعقد اجتماع المجموعة الدولية لدعم القضية الفلسطينية والقيام بطرح خطة دولية جديدة لإحلال السلام، وتدعم جهود الجانب الفلسطيني لدفع الامم المتحدة لتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وتدعم جميع الجهود التي من شأنها تهدئة الوضع الفلسطيني- الإسرائيلي وتحقيق التعايش السلمي بين الدولتين. وزير الخارجية الفلسطيني موجود معنا ونثق بأن هذا الاجتماع سيرسل رسالة واضحة أمام العالم بأننا سوف نقف إلى جانب فلسطين.
يحرص الجانب الصيني على تعزيز التنسيق مع الجانب العربي لتسوية الخلافات عبر الحوار والدفع بحل القضايا الساخنة سياسيا، ويلتزم بإيجاد القاسم المشترك الأكبر بين مختلف الأطراف عبر الحوار الشامل مع الأخذ في الاعتبار المصالح الأساسية لشعوب المنطقة والأمن والأمان الدائمين في المنطقة شأنه شأن مقاربة الطب الصيني التقليدي التي تركز على تهيئة بيئة متناغمة داخل الجسم قد لا تنجح على الفور غير أن تداعياتها أقل وفعاليتها أكثر ديمومة .
تدعم الصين جهود الدول العربية في إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط وتدعم عمليات الحوار السياسي في سوريا واليمن وليبيا وتحرص على مواصلة دورها البناء في هذا الصدد، عندما ننخرط في شؤون الشرق الأوسط لا نهتم فقط بشكليات القضايا بل ونعلق أهمية أكبر على توضيح هذه القضايا ، كنا متضررين من استمرار الهيمنة ولن نسلك ذلك الطريق القديم الذي يحقق المصلحة الذاتية على حساب الآخرين بل ونلتزم باستكشاف وتجريب طريق ذي خصائص صينية لحل القضايا الساخنة سياسيا ونحترم بشكل كامل حرية شعوب الدول المختلفة في اختيار طرقهم نحو التنمية.
إن طريق الحرير ممر مهم للتبادل التجاري ورابط مهم للتواصل الثقافي ودافع لنشر الأديان والتواصل فيما بينها، وله تأثير عميق على تطور الأمتين والحضارتين الصينية والعربية ، واليوم إن التشارك الصيني العربي في بناء الحزام والطريق يتطلب الجمع بين الانفتاح الصيني نحو الجهة الغربية والتوجه العربي نحو الشرق وتوظيف مزايا التكامل في الصناعة والموارد وحسن الاستفادة من فرص العملية الصناعية والحوار بين الحضارات فيما يسجل آية جديدة للصداقة الصينية العربية التاريخية .
أولا: تعزيز الترابط والتواصل ودفع التقدم بالجناحين البري والبحري، تقع الدول العربية في منطقة تلاقي الغربي - الحزام والطريق- كان الجمل والسفن الشراعية رمزين للتواصل الصيني العربي في الماضي واليوم لنبدلهما بالسكك الحديدية والموانئ. يدعم الجانب الصيني مشاركة الشركات الصينية في بناء شركة السكك الحديدية في شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا، ويدعم إقامة موانئ توأمة بين المقاطعات الصينية المعنية والمدن العربية التي تمتلك موانئ مهمة كما يحرص الجانب الصيني على العمل سويا مع الدول العربية على دفع الترابط بين الموانئ والصناعات وتطوير موانئ ذات امكانية متميزة في المنطقة إلى قواعد متكاملة للتنمية الاقتصادية والتعاون التجاري والانتاج الصناعي وفقا لنمط ميناء + حديقة صناعية .
ثانيا: إجراء تعاون في الطاقة الإنتاجية والدفع بالعملية الصناعية في الدول العربية. تتمتع الدول العربية بإمكانيات كامنة ضخمة للعملية الصناعية لما لها من سوق كبير يبلغ عدد السكان فيها 400 مليون نسمة ومشاريع بنية تحتية يبلغ قيمتها 4 تريليونات دولار ، في الوقت نفسه فإن الصين تتصدر العالم من حيث كمية إنتاج 220 نوعا من المنتجات الصناعية وتمتلك معدات صناعية حديثة وعملية وتقنيات ناضجة وآمنة، فيما تحافظ الصين على مزاياها التقليدية في مجالات الصلب والحديد والكهرباء وصناعة السيارات والصناعة الكيمياوية وغيرها، وتزداد تنافسيتها بشكل سريع في مجالات السكك الحديدية فائقة السرعة والكهرونووية والملاحة عبر الاقمار الصناعية والطاقة الجديدة وغيرها، ويمكن للدول العربية أن تدخل مسارا سريعا لدفع العملية الصناعية بتكلفة منخفضة وانطلاقة عالية المستوى بدعم المعدات الصينية التي تجمع بين الجودة العالية والسعر المنخفض فضلا عن نقل التكنولوجيا وتدريب الأكفاء ودعم التمويل اللازم. من الممكن سرعة اطلاق المشروعات الصناعية قصيرة المدى والصناعة العملية الأمر الذي لايساهم فقط في تخفيف ضغوط التوظيف بل في كسب التقنيات الصناعية المتقدمة بما يعبد طريقا جديدا واقتصاديا للشعب وللعملية الصناعية.
في العامين المقبلين سيركز الجانب الصيني جهوده على دفع ومناقشة المشاريع التالية : مشروع تطوير محور قناة السويس في مصر ومشروع ميناء في الجزائر وبناء حدائق صناعية في السعودية وعمان والمشروع الصيني السعودي للاستخدام السلمي للطاقة النووية ومشاريع البنية التحتية في قطر وغيرها في دول الخليج. سيقوم الجانب الصيني بحسن استخدام القروض الخاصة للعملية الصناعية في الشرق الأوسط بقيمة 15 مليار دولار وفق مبادئ السوق وهو حريص على الاتصال مع الجانب العربي بشأن سبل استخدام القروض الميسرة بقيمة 10 مليارات دولار وقروض تجارية بقيمة 10 مليارات دولار وتشجيع الجانب العربي على توظيف البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وصندوق طريق الحرير كمنبر لتمويل مشاريع الطاقة والبنية التحتية والتصنيع الراقي.
ثالثا: تعزيز الحوار بين الحضارتين وتوطيد ركائز الثقافية للصداقة الصينية العربية . إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع الجانب العربي على حماية تنوع الحضارات ودفع الاستفادة المتبادلة بين مختلف الحضارات والرفض سويا ربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه. إن الأفكار المتطرفة لا تمثل الدين الإسلامي، ويهتم الجانب الصيني بدور التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب ويدعو إلى التعاون لاقتلاع التطرف والتصدي للأفكار المتطرفة والتحريض الديني بما يكرس سويا طاقة إيجابية للدين الإسلامي الذي يدعو إلى السلام والوئام والمعرفة واقتلاع التطرف.
نحن على استعداد لمساعدة الجانب العربي على تعزيز بناء القدرة على تثبيت الاستقرار وحسن تنفيذ مشاريع التعاون في مجالي إنفاذ القانون وتدريب رجال الشرطة بقيمة 300 مليون دولار ، وعقد اجتماع المائدة المستديرة للحوار بين الحضارتين واقتلاع التطرف والتعاون في مجال أمن الإنترنت.
وخلال العامين المقبلين فإن الجانب الصيني على استعداد لاستقبال 600 مسئول حزبي عربي في الصين وتوفير 6 آلاف منحة تدريبية و6 آلاف منحة دراسية ودعوة 60 شخصية دينية عربية لزيارة الصين ، ومن أجل تعزيز التواصل بشأن مجال الحكم وإدارة البلاد سنقوم خلال العام الجاري بإطلاق ثلاثة مشاريع كبيرة في المجال الثقافي ألا وهي مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية والبرنامج الصيني العربي المشترك لتأهيل مترجمين وإقامة بحوث مشتركة بين المؤسسات الفكرية الصينية العربية .
إن إنشاء منتدى التعاون الصيني العربي خيار استراتيجي من أجل التطور بعيد المدى للعلاقات العربية الصينية وإن التشارك الصيني العربي في بناء الحزام والطريق فرصة استراتيجية لتعزيز بناء المنتدى . يجب علينا تركيز الجهود على التعاون العملي لانتهاز هذه الفرصة والمفتاح يكمن في جعل التواصل والترابط والتعاون في الطاقة الانتاجية والتواصل الثقافي محركا لبناء المنتدى، وهناك البرنامج التنفيذي الذي سيتم إبرامه ويتضمن 36 مجالا ضمن 18 بابا يجب علينا القيام بتبويبها ودفعها بخطوات منتظمة وتأكيد الجهود على التعاون في مجالات الاستثمار والمالية وتسهيل التجارة والطاقة والتصنيع ومكافحة الإرهاب والصحة العامة والتعليم وغيرها .
في هذا الإطار يجب علينا تنفيذ اجراءات مفيدة للشعوب لانتهاز هذه الفرصة، تكمن حيوية المنتدى في مشاركة الجماهير ويجب ادخال ثمار التعاون الى بيوت عامة الناس ويتعين على الجانبين تسريع وتيرة تنفيذ برنامج الشراكة العلمية والتكنولوجية وإقامة مختبرات وطنية مشتركة في مجالات الصحة الإنجابية ومكافحة الأمراض والوقاية منها والإسراع بنقل التكنولوجيا التي تخدم مصلحة الشعوب، ويجب عقد الندوة الصينية العربية لنظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية في أقرب فرصة ممكنة.
سنقوم كذلك بإنشاء خمسة مختبرات وطنية في السنوات المقبلة وكذلك سنعقد الندوة الصينية العربية لنظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية في أقرب وقت ممكن لبحث سبل التعاون من أجل توظيف كامل لدور النظام في مجال مكافحة الكوارث والملاحة والتخطيط العمراني في الدول العربية، ويجب رفع نسبة التغطية لمعاهد كونفوشيوس بما يمكن مزيدا من الشباب العربي من إتقان اللغة الصينية ، كما يجب علينا استكمال آليات منتدى لانتهاز هذه الفرصة.
يجب علينا تركيز الجهود على تفعيل منتدى التعاون في مجال الطاقة والحوار بين الحضارتين ومؤتمر رجال الأعمال و ندوة التعاون في مجال الإعلام ومؤتمر الصداقة وإقامة المهرجانات الفنية مع حسن تنظيم ندوات التعاون الثلاث في مجالات الإذاعة والتلفزيون والصحة ونظام بيدو.
شهد التاريخ انقطاع طريق الحرير وإحيائه أكثر من مرة، وحيويته المستمرة تنبع من سعي المجتمع البشري وراء التبادل المادي والتمازج الثقافي، أما اليوم فسيوصل التشارك في بناء الحزام والطريق علاقات التعاون الصينية العربية إلى آفاق مستقبل مشرق تسوده التنمية المشتركة والرخاء المشترك. حينما يرفرف الشراع تستعد السفينة للإبحار ....لنشهد معا على انطلاق سفينة منتدى التعاون الصيني العربي من الدوحة ولنتطلع إلى إبحار سفينة علاقات التعاون الاستراتيجي الصيني العربي من الخليج نحو المحيط البعيد.
شكرا لكم.