هز العاصمة التركية انقرة يوم 10 اكتوبر الجاري انفجار شديد في محطة القطار في اسوأ هجمات ارهابية وقعت في تركيا في السنوات الاخيرة، ولكن لم يعلن أي فرد او منظمة بمسؤوليتها عن الحادث. ووصفت الحكومة التركية في وقت سابق بأنه عمل ارهابي، واتهمت المجموعات المسلحة الكردية المناهضة للحكومة أو مسلحين من تنظيم " الدولة الاسلامية" بالوقوف وراء الهجوم، في حين اتهم حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد الحكومة التركية بأنها لفقت الحادث لحزب العمال الكردستاني بهدف الفوز في الانتخابات البرلمانية في الشهر المقبل.
على العموم، الاحتمال الاكبر أن يكون الهجوم الارهابي على محطة القطار في انقرة على علاقة بتنظيم " الدولة الاسلامية". من ناحية، تنفيذ تنظيم " الدولة الاسلامية " هجمات ارهابية انتقاما ومحاولة اجبار تركيا على ضبط سياسة مكافحة تنظيم " الدولة الاسلامية" الحالية، ومن ناحية اخرى، زيادة حدة النزاع بين الحكومة التركية والمعارضة الكردية، ينطوي على اشراك قوة المعارضين الاكراد، والحد من التهديدات المسلحين الاكراد في الحرب في سوريا، والتي يمكن وصفها بأنها المصلحة المزدوجة لـتنظيم " الدولة الاسلامية".
الفوضى الناجمة عن الاضطرابات السياسية
شهدت تركيا عدة هجمات ارهابية هذا العام ، و معظم منفذي هذه الهجمات الإرهابية من القوى الدينية المتطرفة. وهذا يتطلب من الحكومة التركية النظر بشكل جدي في سياساتها الداخلية والخارجية.
أولا، سياسة تركيا غير المناسبة تجاه الازمة السورية
منذ اندلاع الحرب الاهلية في سوريا وتركيا تدعم المعارضة السورية وتسمح لأنصار المعارضة دخول سوريا من خلال حدودها، وأصبحت تركيا افضل قناة مرور المتشددين من جميع دول العالم الى سوريا ، بالإضافة الى انها تحولت الى ممر وصول المال الى المعارضة السورية المسلحة، ونقل الاسلحة، لكن الحكومة التركية ليس لديها القدرة على تحديد هوية المشاركين في القتال الى جانب المعارضة المسلحة السورية، اذا هم عناصر من تنظيم " الدولة الاسلامية" وغيرها من المنظمات الارهابية الاخرى.
ثانيا، موقف تركيا الغامض من المتطرفين الدينيين
ساهم موقف تركيا الغامض من المتطرفين الدينيين النمو السريع للمنظمات الارهابية مثل تنظيم " الدولة الاسلامية"، ولكن ادراك تركيا خطر الارهاب واستحالة السيطرة على هذه المنظمات جاء متأخر جدا، كما أن تركيا ليس فقط لم تحقق حلم توسع النفوذ التركية في منطقة الشرق الاوسط ، وإنما بات الوضع في تركيا يشكل تهديد خطيرا للأمن الداخلي ايضا .
علاوة على ذلك، اصبح الموقف التركي من اكراد حافزا. وإذا لم تصل الحكومة التركية الى حل جيد للمشكلة الكردية ، لا يستبعد أن يتوسع نطاق الصراع المسلح بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، وتوسيع خطر نشوب حرب اهلية ايضا، وهذا سيعطي للمتطرفين الدينيين في الخارج فرصة نقل الفوضى في الشرق الاوسط الى تركيا ايضا.
العلاقة بين تركيا وأمريكا وأوروبا تواجه ازمة صعبة
العلاقة بين تركيا والغرب طالما كانت غامضة ومبهمة. وخلال هذا العام وبناءا على طلب امريكا ودول غربية اخرى، بدأت تركيا تشدد في اجراءات مكافحة المتطرفين الدينيين، وهذا يتلقى الانتقام الجنوني ايضا، وفي هذا السياق تواجه العلاقات بين تركيا والغرب خيارات صعبة.
من ناحية، اصبح استمرار الحرب ضد المنظمات الدينية المتطرفة " البطاطا الساخنة" في يد الحكومة التركية. حيث أن تركيا يمكن ان تحصل على دعم دولي بقيادة امريكا اذا ما استمرت في مكافحة القوى الدينية المتطرفة. لكن انتقام تنظيم " الدولة الاسلامية " وبعض المنظمات الاخرى لا مفر منه، وستزيد الهجمات الارهابية العنيفة في تركيا على المدى القصير، مما يؤدي الى تدهور الوضع الامني الداخلي في تركيا . وفي نفس الوقت، سيتم تخفيف الضغط العسكري الذي يواجهه حزب العمال الكردستاني في سوريا، وإن كان هذا قد يزيد من ميل الاكراد الى الانفصال ،و ينبغي على الحكومة التركية التفكير في هذا كله .
من ناحية أخرى، اصبح تغيير سياسة تركيا تجاه الازمة في سوريا حساس للغاية. ففي ظل النتائج السلبية التي جلبتها الحرب الاهلية في سوريا، مثل ازمة اللاجئين، وتوسيع قنوات تنظيم " الدولة الاسلامية" ، وما الى ذلك ، قرر اوباما تعليق تدريب المعارضة السورية المسلحة، وبدأ خطة تليين موقفها من سوريا. أما تركيا، فإنها تلقي اللوم على امريكا بشأن سياستها تجاه سوريا منذ العام الماضي ، الأمر الذي اثار استياء امريكا من تركيا، والانسحاب من نشر صواريخ باتريوت في تركيا، الذي سيجعل نظام الدفاع الجوي التركي في حالة ضيق، والآن، هل تركيا ستسعى الى سياسة مواكبة امريكا في سوريا، أو الحفاظ على استقلاليتها في السياسة تجاه الازمة السورية ، هذا سوف يؤثر على الاتجاه المستقبلي للعلاقات الامريكية ـ التركية.
وفي الوقت نفسه، تشهد العلاقات التركية ـ الروسية تحولا دقيقا مؤخرا. فبعد ارسال روسيا قواتها الجوية لضرب مواقع تنظيم " الدولة الاسلامية"في سوريا، حافظت تركيا على درجة عالية من اليقظة، حيث هددت بإسقاط أي طائرة روسية قد تخترق مجالها الجوي ، ولكن بعد الهجمات الارهابية العنيفة التي هزت انقرة ، قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه لرئيس التركي، معربا عن رغبة روسيا في التعاون مع الحكومة التركية فيما يخصّ محاربة المجموعات الإرهابية، ولكن الحكومة التركية لم ترد علنا. وقد يقلل تعاون تركيا مع روسيا في مكافحة خطر الارهاب من خطر الارهاب، ولكن سيجعل تركيا خائنة في عيون الدول الغربية، وسيزيد العلاقات المتوترة بين تركيا وأمريكا وأوروبا سوءا.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn