سياتل، الولايات المتحدة 22 سبتمبر 2015 / دعا الرئيس الصيني الزائر شى جين بينغ يوم الثلاثاء أكبر اقتصادين فى العالم إلى قراءة النوايا الاستراتيجية لبعضهما بعضا بصورة صحيحة وإدارة خلافاتهما بشكل ملائم وفعال.
وكجزء من مقترحاته الخاصة ببناء نمط جديد للعلاقات بين الدول الكبرى بين الصين والولايات المتحدة اقترح شى أيضا أن تعزز الدولتان بثبات التعاون الذى يحقق الربح للجانبين وتعزيز الصداقة بين الشعبين على نحو موسع .
وقال الرئيس في مأدبة ترحيب له في سياتل، بولاية واشنطن "إننا نريد ان نرى المزيد من التفاهم والثقة والقليل من التباعد والشك من أجل منع الفهم الخاطئ والحساب الخاطئ."
واضاف الرئيس انه "لا يوجد ما يسمى بفخ ثوسيديدس في العالم. ولكن اذا اخطأت الدول الكبرى مرة تلو مرة فى الحساب الاستراتيجي فقد تخلق مثل هذه الفخاخ لنفسها."
وقد وصل شي إلى سياتل، محور التكنولوجيا والطيران في الساحل الغربي للولايات المتحدة صباح يوم الثلاثاء مستهلا أول زيارة دولة يقوم بها للولايات المتحدة .
ورد الرئيس أيضا على مخاوف المجتمع الدولي إزاء الوضع الاقتصادي الحالي في الصين وطريق التنمية الذي ستتبعه، في خطبته الرئيسية عن سياسات الصين التي ألقاها في مأدبة الترحيب التي أقامتها حكومة ولاية واشنطن ومجموعات من الأصدقاء الامريكيين .
وقال شي إن الصين ستظل ملتزمة بالنمو الاقتصادي المطرد والإصلاح والانفتاح وحكم القانون ومحاربة الفساد وطريق التنمية السلمية.
وتعهد الرئيس بأن "الاقتصاد الصيني سيمضى على مسار مطرد بنمو سريع إلى حد ما .. وأن مفتاح تنمية الصين هو الاصلاح ... ولن تغلق الصين بابها المفتوح أبدا أمام العالم الخارجي."
أولوية سياسة الصين الخارجية
قال شي في مأدبة الترحيب إن بناء نمط جديد للعلاقات بين الدول الكبرى يتسم بعدم الصراع وعدم المواجهة والاحترام المتبادل والتعاون المربح للجانبين، يمثل الأولوية في سياسة الصين الخارجية.
وأضاف شي انه من اجل قراءة أى من الطرفين النوايا الإستراتيجية للطرف الآخر على نحو صحيح، يجب على البلدين ان يضعا تقديرهما بدقة على أساس الحقائق حتى لا يقعا ضحية الشائعات والشك والتحيز الذاتى .
وقال الرئيس "اننا نريد ان نعمق التفاهم المشترك مع الولايات المتحدة بشأن التوجه الاستراتيجي وطريق التنمية لكل منا".
ومن اجل إدارة الخلافات بين البلدين بشكل مناسب وفعال، اقترح الرئيس ان يحترم البلدان بعضهما بعضا وان يسعيا لبناء أرضية مشتركة مع تنحية الخلافات واتباع أسلوب بناء لتعزيز التفاهم وتوسيع التوافقات، وألا يدخرا جهدا لتحويل الخلافات إلى مجالات تعاون.
وقال الرئيس إن البلدين يجب أن يدفعا بحزم التعاون المربح للجانبين, مشيرا إلى ان التعاون يتطلب مواءمة مشتركة لمصالح ومخاوف بعضهم بعضا والسعى وراء أكبر أرضية مشتركة من المصالح المتقاربة.
وأضاف شي "إذا تعاونت الصين والولايات المتحدة جيدا, يمكن ان تصبحا حجر الأساس للاستقرار العالمي ومعززا للسلام العالمي." وسيؤدي دخولهما في صراع او مواجهة إلى كارثة لكلا البلدين والعالم كله."
وفيما يتعلق بتبادلات الأفراد أعلن شي في المأدبة ان الصين تدعم مبادرة ارسال اجمالي 50 الف طالب امريكي وصيني للدراسة كل فى الدولة المقابلة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، قائلا إن البلدين ستبدآن عام السياحة بين الصين والولايات المتحدة في عام 2016.
وأكد شي أن "الصين ستهىء من جانبها ظروفا اكثر ملاءمة لتبادلات الأفراد الأوثق"
الاقتصاد ينمو
لتهدئة مخاوف المستثمرين الدوليين بشأن الوضع الاقتصادى الحالى للصين، شرح شى سياسات الحكومة التى تتراوح من الإصلاح الاقتصادى إلى سوق الأسهم وسعر صرف الرنيمنبى .
وقال شى إن اقتصاد الصين سوف يظل على مسار مطرد مع تحقيق نمو سريع إلى حد ما . وبالرغم من ان الاقتصاد حقق نموا بنسبة 7 فى المائة فى النصف الاول من العام فإنه لا يزال واحدا من أعلى المعدلات فى العالم .
وأضاف الرئيس " ان هذا لم يتحقق بسهولة بسبب الوضع المعقد والمتقلب فى الاقتصاد العالمى ".
وقال " فى الوقت الحاضر تواجه كل الاقتصادات مصاعب ويتعرض اقتصادنا أيضا لضغوط هبوطية. لكن هذه مجرد مشكلة فى مسار التقدم ".
وأكد " اننا سوف نتخذ خطوات منسقة لتحقيق نمو مستقر وتعميق الاصلاح وتعديل الهيكل وتحسين المعيشة ومنع المخاطر مع تقوية وابتكار قواعد كلية لإبقاء النمو فى مسار متوسط إلى عالى السرعة ".
وقال شى ان الصين لديها معدلات ادخار عالية وطاقة استهلاكية ضخمة وسكان يتمتعون بقدرة على العمل الشاق وارتفاع نسبة الطبقة المتوسطة. وان هذا يخلق مجالا ضخما لقطاع الخدمات ويقدم سوقا هائلة بطاقات كبيرة.
وفى حديثه عن الارتفاعات والانخفاضات غير العادية فى سوق الاوراق المالية الصينية واجراءات الحكومة لتحقيق الاستقرار فى السوق، قال شى ان واجب الحكومة هو ضمان نظام سوق مفتوح ونزيه وعادل ومنع نشوء حالات ذعر كبير.
وقال " ان سوق الأسهم الصينية وصلت الآن الى مرحلة التعافى الذاتى والتعديل الذاتى " .
وفى يوم 11 أغسطس تحركت الصين لتحسين آلية سعر التعادل المركزى للرنمينبى بما يفسح المجال لدور أكبر للسوق فى تحديد سعر الصرف .
وأكد شى انه " بسبب الوضع الاقتصادى والمالى فى الداخل والخارج، ليس هناك أساس لاستمرار تخفيض قيمة الرنمينبى ". واضاف" اننا ضد التخفيض التنافسى أو حرب العملات. ولن نخفض سعر صرف الرنمينبى لتحفيز التصدير" .
واضاف ان" تطوير سوق رأس المال وتحسين آلية التسعير القائمة على السوق لسعر صرف الرنمينبى هو اتجاه اصلاحاتنا. ولن يتغير هذا بسبب التقلبات الاخيرة فى بورصة الأسهم أو سوق النقد الاجنبى ".
وأشار الرئيس إلى أن أساس التنمية فى الصين يكمن فى الإصلاح وان الصين لن تغلق ابدا بابها المفتوح امام العالم الخارجى.
واضاف " ان علينا التحلى بالاصرار والشجاعة للضغط قدما ودفع تنفيذ الإصلاح. وسوف نتمسك باتجاه اصلاح اقتصاد السوق" .
وتعهد شى أيضا أن تعالج الصين المخاوف المشروعة للمستثمرين الاجانب فى الوقت المناسب مع حماية حقوقهم ومصالحهم المشروعة والعمل بجدية لتهيئة بيئة منفتحة وشفافة للسياسات والقانون وبيئة ادارية فعالة وبيئة أعمال تحقق المساواة فى السوق.
حكم القانون
وتعهد الرئيس بأن تنسق الصين جهودها من اجل تعزيز حكم القانون فى الحوكمة والادارة ووضع بناء الاقتصاد والحكومة والمجتمع على اساس صلب من حكم القانون وبناء ثقة اكبر فى النظام القضائى وضمان احترام حقوق الانسان ودعمها على نحو فعال .
وأكد شى ان الصين مدافع قوى عن الأمن الالكترونى كما أنها ضحية اختراق الشبكات .
وقال الرئيس " ان الحكومة الصينية لن تشارك بأي شكل من الأشكال فى سرقة تجارية أو تشجع أو تدعم مثل هذه المحاولات من جانب أى أحد "، مشيرا الى ان كلا من السرقة التجارية الالكترونية واختراق الشبكات الحكومية هو جريمة يتعين معاقبتها بما يتماشى مع القانون والمعاهدات الدولية ذات الصلة .
وتابع " ان المجتمع الدولى يجب ان يعمل سويا، على اساس الاحترام المتبادل والثقة المشتركة، من اجل بناء فضاء الكترونى سلمى وآمن ومنفتح وتعاونى".
وأضاف " ان الصين على استعداد لإنشاء آلية حوار مشترك عالى المستوى مع الولايات المتحدة حول مكافحة الجريمة الالكترونية".
وبالاضافة الى ذلك قال ان الصين تعترف بالدور الايجابى الذى لعبته المنظمات الاجنبية التى لا تسعى الى تحقيق الربح .
وطالما ان انشطتها تحقق المنفعة للشعب الصينى فإن الصين لن تقيد أو تحظر عملياتها ولكن سوف تحمى عملياتها عن طريق التشريع وتحمى حقوقها ومصالحها الشرعية .
واضاف " وبدورها فإن المنظمات الاجنبية التى لا تسعى الى الربح فى الصين تحتاج الى التقيد بالقانون الصينى وتنفيذ الانشطة بما يتماشى مع القانون " .
وقال الرئيس ان الصين سوف تواصل الكفاح ضد الفساد ولكنه لا علاقة لذلك بالصراع على السلطة .
واضاف شى " ان هذا لا يشبه ما تشاهدونه فى (الدراما التلفزيونية السياسية الشعبية الأمريكية) منزل من ورق"، وهو ما أثار عاصفة من الضحك بين الحاضرين .
وأشار إلى أن الصين على استعداد للتعاون عن قرب مع المجتمع الدولى فى مكافحة الفساد وملاحقة الهاربين .
وذكر "ان الشعب الصينى يتطلع للولايات المتحدة للدعم والتنسيق حتى تمنع العناصر الفاسدة من التمتع بـ"ملاذ آمن" فى الخارج".
لا هيمنة أو توسع
قال شى ان الصين تتبع دائما سياسة للدفاع تعد دفاعية بطبيعتها واستراتيجية عسكرية تتسم بالدفاع النشط.
وقال الرئيس للحاضرين "مهما حققت الصين من تنمية فإنها لن تسعى أبدا للتوسع " .
واضاف ان الصين على استعداد للعمل مع دول اخرى من اجل بناء نمط جديد للعلاقات الدولية فى القلب منه التعاون المربح لأطرافه.
واشار الى ان الصين كانت مشاركا وبانيا ومساهما فى النظام الدولى الحالى وانها تقف بحزم من اجل نظام دولى يرتكز على اهداف ومبادئ ميثاق الامم المتحدة.
وقال ان عددا كبيرا من الدول خاصة الدول النامية ترغب فى رؤية نظام دولى اكثر عدالة ومساواة, ولكن لهذا لايعنى أنها ترغب فى حل النظام كله او البدء فى بنائه من جديد. بل ان ما تريده هو اصلاح النظام وتحسينه ليتماشى مع الزمن .
واكد شى ان مبادرة الصين بشأن "الحزام والطريق" واقامة صندوق طريق الحرير واقتراحها بإنشاء بنك آسيوى للاستثمار فى البنية الاساسية كلها تهدف الى المساعدة فى التنمية المشتركة لكل الدول وليس السعى الى نوع من مجالات النفوذ السياسى.
واضاف " ان الصين استفادت من المجتمع الدولى فى التنمية وقدمت فى المقابل إسهاماتها للتنمية العالمية ".
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn