بكين 12 سبتمبر 2015/ يعد التعامل مع تأثيرات تغير المناخ معركة شرسة تشارك فيها جميع الدول، صغيرة كانت أم كبيرة، غنية كانت أم فقيرة.
وخلال زيارة الدولة المرتقبة التي سيقوم بها إلى الولايات المتحدة في أواخر سبتمبر الجاري، من المرجح أن يظهر الرئيس الصيني شي جين بينغ ومضيفه الأمريكي باراك أوباما تطلعا أقوى إلى وعزيمة أكبر تجاه مساعدة كوكبنا، بالتعاون مع البلدان الأخرى، للفوز في معركة الحياة أو الموت.
-- رغبة مشتركة
وقال ناثانيل أهرينز، مدير قسم الشؤون الصينية بجامعة ماريلاند الأمريكية ، إن "هناك تعاونا متزايدا بين البلدين (الصين والولايات المتحدة) في قضايا المناخ"، مؤكدا على أنه "عامل إيجابي" لزيارة شي المرتقبة.
ومن ناحية أخرى، أعرب سفير الصين لدى الولايات المتحدة تسوي تيان كاي عن اعتقاده بأن معالجة تغير المناخ "أولوية" للبلدين في المرحلة الراهنة.
فالصين، التي تعد أكبر دولة نامية في العالم، تحتاج إلى التعامل مع تلوث الهواء المحلي، أما الولايات المتحدة، التي تعتبر أكبر دولة متقدمة، تعاني بشكل متكرر من ظروف جوية قاسية مثل نوبات الجفاف والأعاصير.
ونظرا للخوف من احتمالية ارتفاع هذا المزيج من الظواهر الجوية القاسية إلى أربعة أضعاف في القرن القادم إذا ما واصلت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ارتفاعها بمعدلها الحالي، فإن تهيئة مناخ ملائم للأجيال القادمة صار يمثل دون شك رغبة مشتركة لكل من الصين والولايات المتحدة، صاحبتا أكبر انبعاثات من غازات الاحتباس الحراري في العالم.
كما تهدف مكافحة تغير المناخ إلى بناء مجتمع ذي مصير مشترك، إذ أن جميع الجهود المبذولة بشأن تغير المناخ تتجاوز الحدود الوطنية.
وقبل انعقاد مؤتمر أممي حول المناخ في وقت لاحق من العام الجاري في باريس بفرنسا، اتفقت الصين والولايات المتحدة على أن تعملا معا على التخفيف مما وصفتاه بأنه "أحد أعظم التهديدات التي تواجه البشرية".
وقد خرج اللقاء الأخير الذي تم بين شي وأوباما على هامش قمة أبيك عام 2014 في بكين، خرج، من بين أشياء أخرى، ببيان مشترك حول تغير المناخ، أعلن فيه البلدان أهداف كل منهما لما بعد عام 2020 من أجل التصدى لمسألة تغير المناخ.
وذكر البيان أن البلدين سيدفعان بشكل مشترك مفاوضات تغير المناخ الدولية من أجل التوصل إلى اتفاق جديد كما هو مخطط له في باريس.
ويخلق هذا الإعلان "فرصة عظيمة" لدفع عملية التحول إلى طاقة منخفضة الكربون في كلا البلدين ويجعل من تطوير الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة "نقطة ساخنة" في التعاون الثنائي، هكذا قال خبير في شؤون الطاقة خلال مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)).
وأكد ليو تشو، الباحث الزميل في جامعة هارفارد الذي تتركز أبحاثه على انبعاثات الكربون وعلوم الاستدامة ، أن "التخفيف من حدة تغير المناخ لا تتعلق فقط بالإجراءات التي تمنعنا من الإضرار بكوكب الأرض، ولكن الأهم منذ ذلك أنها تتعلق بكيفية إيجاد طريق للتنمية المستدامة".
-- تعهدات فردية
فقد أعلنت الصين والولايات المتحدة بشكل منفرد أهدافهما فيما يتعلق بخفض الإنبعاثات.
في يونيو، تعهدت الصين "بمساهمات معتزمة محددة وطنيا " وجرئية لخفض إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة من إجمالي الناتج المحلي بما يتراوح بين 60 و65 في المائة مقارنة بمستوى عام 2005 وذلك بحلول عام 2030، وفقا لوثيقة قدمت إلى أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ
ويعتزم ثاني أكبر اقتصاد في العالم بلوغ ذروة انبعاثاته من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 تقريبا وسيبذل قصار جهده لبلوغ هذه الذروة مبكرا وفقا لوثيقة المساهمات المعتزمة المحددة وطنيا.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي قد صرح يوم الثلاثاء في مؤتمر صحفي يومي بأن الصين مستعدة للعمل مع جميع الأطراف لمساعدة قمة باريس على التوصل إلى اتفاق شامل ومتوازن حول مبدأ مسؤوليات مشتركة ولكن متفاوته، والانصاف ، وقدرات جميع الأطراف.
وأضاف هونغ قائلا "ولأنه لم يتبق الكثير على حلول موعد انعقاد القمة، فإنه من الضرورة بمكان أن تعمل جميع الأطراف على تسريع المفاوضات بأقصى قدر من المصداقية من أجل بناء توافقات إلى أبعد مدى".
ومن جانبها أعلنت إدارة أوباما في أغسطس المنصرم النسخة النهائية والأشد صرامة من "خطتها الخاصة بالطاقة النظيفة" التي قال الرئيس إنها ستخفض تلوث الكربون المنبعث من محطات الطاقة بواقع الثلث خلال السنوات الـ15 القادمة، ما يجعل ذلك "أهم خطوة واحدة تتخذها الولايات المتحدة في مكافحة تغير المناخ".
وقوبلت الخطة، رغم معارضة أعضاء الكونغرس من الحزب الجمهوري الذين قالوا إن هذا القرار سيعرقل الولايات المعتمدة على تعدين الفحم وسيرفع من أسعار الكهرباء، قوبل بترحيب من مديرة الوكالة الأمريكية لحماية البيئة جينا مكارثي التي قالت إنه بموجبها ستنخفض الغازات ذات الصلة بتغير المناخ بمعدل أسعر مما كان عليه من قبل.
-- تحديات قادمة
وارتكازا على الجهود المشتركة والمنفصلة السالف ذكرها، يتعلق أحد التحديات الرئيسية التي تواجه التعاون الصيني - الأمريكي المستقبلي في مجال تغير المناخ بالطريقة التي يمكن أن تضمن بها الدولتان الخروج بنتائج متكافئة الكسب بالنسبة لكل من التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.
وذكر ليو "لا توجد طريق مختصرة"، مؤكدا على ضرورة أن تواصل الدولتان العمل على الابتكار التكنولوجي، والتعليم، وتحسين الكفاءة.
وحقيقة أن الدول النامية ستعمل حتما على التوفيق بين خطى تنميتها وتحقيق خفض في انبعاثات الكربون لا تجعل فقط مبدأ مسؤوليات مشتركة ولكن متفاوتة مبدأ مبررا، وإنما تدعو أيضا الدول المتقدمة إلى تقديم الدعم المالي والتكنولوجي اللازم لنظيراتها من الدول النامية.
وعلى هذا الصعيد، يرى ليو أن التعاون الوثيق بين الباحثين الصينيين والأمريكيين أمر حاسم من أجل "تقييم الوضع التفصيلي للتكنولوجيا وانبعاثات الكربون"، وبناء عليه تحويل التكنولوجيا والأموال من الدول المتقدمة إلى الدول النامية دعما لجهود التخفيف من حدة الانبعاثات.
ومن ناحية أخرى، أعرب السفير تسوي عن اعتقاده بأنه يتعين على البلدين أن تدركا أن مكافحة تغير المناخ لن تعوق، في الواقع، النمو وإنما ستولد المزيد من الوظائف والفرص وستحقق المزيد من التعاون العملي.
وعلى سبيل المثال، يمكن أن تلبى الشركات الصينية الطلب الأمريكي على اللوحات الشمسية وتوربينات الرياح، فيما يمكن أن تلبى المنتجات والخبرة الأمريكية حاجة الصين إلى بناء المزيد من محطات الطاقة النووية وتطبيق المزيد من تكنولوجيا الفحم النظيف وزيادة استكشاف الغاز الطبيعي واستهلاكه.
وبوجه عام، ستشهد زيارة الرئيس شي المرتقبة للولايات المتحدة دراسة البلدين معا لجهد يرمي إلى مساعدة العالم على الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بصورة أكثر فعالية.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn