بقلم تشانغ يويه: أستاذ في معهد جيش التحرير للعلاقات الدولية
وصلت الدفعة الأخيرة من جنود كتيبة المشاة التابعة لقوة حفظ السلام الصينية إلى عاصمة جمهورية جنوب السودان جوبا في الثامن من إبريل عام 2015، وبهذا اكتمل وصول عناصر كتيبة المشاة الصينية لدى الأمم المتحدة وقوامها سبعمائة فرد. هذا يعني أن مشاركة الصين في عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة تدخل مرحلة تاريخية جديدة.
مشاركة نشيطة في عمليات حفظ السلام
وفقا لميثاق الأمم المتحدة، تعد عمليات حفظ السلام التي تقودها المنظمة الدولية من إجراءات حفظ السلام العالمي. والصين باعتبارها من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، تشارك في عمليات حفظ السلام الدولية من أجل ضمان الأمن في العالم وتحقيق روح ميثاق الأمم المتحدة.
منذ إرسالها لخمسة مراقبين عسكريين ضمن بعثة لمراقبة الهدنة تابعة للأمم المتحدة لأول مرة في إبريل عام 1990، حققت الصين قفزات تاريخية في المشاركة في عمليات حفظ السلام، حيث ازداد حجم القوات المشاركة من قوة صغيرة إلى قوة كبيرة، وتشعبت مجالات عمل قواتها إلى أكثر من مجال.
وفقا للمشاركة في المجال الإقليمي، توسع انتشار قوات حفظ السلام الصينية ولم يقف عند حدود منطقة الشرق الأوسط، بل امتد إلى إحدى عشرة منطقة أخرى، شاركت فيها بقوات متنوعة شملت الأعمال الهندسية والمركبات والخدمات الطبية وحراسة الأمن والمشاة والمراقبين العسكريين وضباط الأركان. أرسلت الصين قوات لحفظ السلام إلى الصومال في عام 2013 وأرسلت كتيبة جنود مشاة لحفظ السلام بجنوب السودان في عام 2015، ومثل ذلك اختراقاً تاريخياً في المشاركة في عمليات حفظ السلام الدولية، فمن حيث حجم القوات، ارتفعت المشاركة من خمسة مراقبين عسكريين إلى 2720 فردا وسوف يصل العدد إلى ثلاثة آلاف ومائة فرد في نهاية عام 2015.
شاركت الصين حتى الآن في 24 عملية حفظ سلام، وتشارك حالياً في تسع عمليات من أصل ست عشرة عملية تقودها الأمم المتحدة حالياً، وقامت الصين بإرسال 30178 عنصراً من الضباط والجنود لحفظ السلام، وهي تحتل المركز السابع بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من حيث عدد القوات المشاركة في عمليات حفظ السلام الدولية، والصين هي الدولة الأكثر إرسالاً لقوات وفرق حفظ السلام من بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وتأتي الصين في المرتبة السادسة من حيث حصة المساهمة في عمليات حفظ السلام بين أعضاء الأمم المتحدة، وتحتل المرتبة الأولى بين البلدان النامية في هذه الناحية.
لقد أصبحت الصين قوة هامة في حفظ السلام العالمي وركيزة في أعمال حفظ السلام للأمم المتحدة.
الجنود الصينيون
يتميز الجندي الصيني بتحمل أي نوع من المهام الشاقة، والعيش في الظروف القاسية والخطيرة. الجندي الصيني في قوات حفظ السلام ينفذ مهامه بإخلاص واحترافية وروح قتال لا تلين، وهو بذلك يجسد الهمة العالية والتفاني والإخلاص الذي يتمتع به الجندي الصيني في أداء كل المهام. في كمبوديا، تمكن الفريق الهندسي الصيني من بناء جسر في يوم واحد فقط، وفي ليبيا، نجح فريق النقل الصيني في تغطية الأراضي الليبية كاملة لضمان نقل المواد، وفي الصومال، في ظروف ظل درجة حرارة 50 درجة مئوية، تمكن الفريق الهندسي الصيني من بناء مستشفى كبير في أقل من 4 أشهر، وفي جنوبي لبنان حيث القنابل غير المنفجرة، نجح الفريق الهندسي الصيني في التخلص من تلك القنابل وإزالة الألغام خلال خمس سنوات بدون أي خسائر بشرية. وفي أعقاب تفجر الأوضاع الداخلية في سوريا، استطاع ضباط الأركان الصينيون القيام بتجهيز وثائق السفر لمائة وخمسين شخصا من الدول المختلفة في كل المناطق خلال عشر ساعات متواصلة فقط، وهو ما ساعدهم على الخروج من سوريا عبر لبنان بسلام.
تتمسك القوات الصينية خلال مشاركتها في عمليات حفظ السلام الدولية، بقواعد الأمم المتحدة لقوات حفظ السلام والقوانين واللوائح المحلية بشكل مثالي، ويخلو سجل مشاركاتها من أي انتهاكات. وقد أصدر معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام في السويد تقريراً أشار فيه إلى أن قوات حفظ السلام الصينية هي القوات الأكثر مهنية وفعالية وتدريبا وانضباطا. صورة قوات حفظ السلام الصينية الجيدة ترفع فعالية وشرعية عمليات حفظ السلام الدولية.
وتتمسك قوات حفظ السلام الصينية بمفاهيم المساواة والانفتاح والتسامح، تحترم قوات حفظ السلام الأخرى والتقاليد الثقافية والدينية للشعوب المحلية. في إبريل عام 2006، أرسلت الصين فريقا هندسيا إلى لبنان، عندما قام أعضاء الفريق بتبديل مخيمي البعثة الأوكرانية والبعثة النيبالية، حافظوا على الرسوم الدينية الأوكرانية والأنصاب التذكارية النيبالية، فنالوا تقدير وثناء قبل القوات الأوكرانية والقوات النيبالية. وفي مناطق العمليات في أفريقيا، كسبت قوات حفظ السلام الصينية ثقة واحتراماً عاماً بفضل تعامل أفرادها وخدمتها بإخلاص.
حب الشعب والعمل على خدمته من صميم تقاليد الجيش الصيني الممتازة، وقوات حفظ السلام الصينية تتمسك بهذه التقاليد وتعمل بموجبها في مختلف مناطق عملها، فهي تراعي عدم التدخل في الصراعات السياسية المحلية، وتشارك بنشاط في إعادة الإعمار بعد الحرب، وتدفع تنمية الاقتصاد وتطور المجتمع. في إطار "حركة رسول الصحة"، قام الفريق الطبي الصيني في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بتقديم الأدوية والخدمات الصحية للمدارس الابتدائية الفقيرة، وقامت محطة تلفزيونية محلية بتغطية كاملة لهذه الأعمال. وأيضاً، منذ تفشي وباء الإيبولا في أفريقيا عام 2014، ذهب فريق هندسي صيني إلى ليبيريا للمساعدة في بناء المركز الصيني لعلاج الإيبولا، وعمل الفريق لمدة 28 يوماً متواصلة، وعمل أكثر من 16 ساعة يومياً، وقد أكمل مهمة البناء قبل الوقت المحدد بحوالي شهر، حيث نجح في إكمال بناء أول مركز علاجي في ليبيريا، وهو ما جعل رئيسة ليبريا إلين جونسون سيرليف تبدي تقديرها لفريق العمل الطبي الصيني والذي اعتبرته رسول عظيم للشعب والجيش الصيني.
اعتراف كامل من الأمم المتحدة
تحت راية الأمم المتحدة، لا يخشى الجندي الصيني الموت، ويؤدي مهمته ومسؤوليته بكل إخلاص في أماكن النزاعات. حتى الآن، لقي عشرة جنود صينيين مصرعهم أثناء تنفيذ مهامهم في عمليات حفظ السلام الدولية.
حسب إحصاءات من مكتب شؤون حفظ السلام لوزارة الدفاع الصينية، شارك الجنود الصينيون في عمليات حفظ السلام أول مرة عام 1990، وقامت قوات حفظ السلام الصينية ببناء وتشييد 11 ألف كيلومتر من الطرق وأكثر من 300 جسر، وأزالت 9400 لغم وقنبلة غير منفجرة، وعالجت أكثر من149 ألف مرن من ايض، ونقلت 1ر1 مليون طلمؤن والمعدات وبلغ طول مسافة عمليات النقل 12 مليون كيلومتر أي ما يعادل 300 دورة حول الأرض.
عين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 28 أغسطس عام 2007 تشاو جينغ مين قائداً لقوات حفظ السلام للأمم المتحدة في منطقة الصحراء الغربية، أصبح تشاو جينغ مين أول ضابط صيني يتولى منصب قائد رفيع في قوات حفظ السلام للأمم المتحدة. وهذا هو اعتراف من الأمم المتحدة بالمشاركة الصينية الإيجابية في عمليات حفظ السلام الدولية، وهو أيضا بمثابة تقدير لقدرة وأهلية العسكريين الصينيين.
في الخامس من إبريل عام 2011، عندما غادر تشاو جينغ مين مركزه، قال المستشار العسكري للأمين العام للأمم المتحدة بابا كار غاي في رسالة ثناء إلى تشاو جينغ مين: "الجنرال المحترم، خلال فترة تولي منصبك، تعززت الاتصالات والتعاون مع الأطراف المعنية، أفلحت جهودكم في تقليل انتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار بين الأطراف المعنية من 966 في عام 2007 إلى 84 في عام 2010،وهذا ممتاز جداً. إنجازاتك تجسد قدرتك القيادية الممتازة، والعلاقات التي تؤسسها مع الأطراف المعنية تجسد فهمك العميق للحالات المحلية، أعبر عن تهنئة وشكر خالص لك باسم مسؤولي الأمم المتحدة."
في المستقبل، لا شك أن المزيد من الجنود الصينيين سوف يرتدون الخوذات الزرقاء، وسوف يحققون تعهدهم بحفظ سلام العالم بالعرق والدماء. انطلاقاً من الدعم الثابت والمشاركة الإيجابية للصين في عمليات حفظ السلام الدولية، سوف تتحمل مسؤولياتها وواجباتها كدولة كبرى باستمرار، وستسعى دائماً لتحقيق سعادة البشرية.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn