ليوإي: أستاذ مساعد بقسم التاريخ في جامعة شنغهاي
تعرضت المجلة الفرنسية "تشارلي هيبدو" قبل أيام إلى هجوم إرهابي. وكان الرد الفرنسي المباشر على العملية الإرهابية، بأنها إستهداف لحرية النشر. لكن مع ذلك، ووراء الجدل، يجب أن نفكر في كيفية وقوع الأحداث الإرهابية، وتأثيرات الإرهاب على الحياة اليومية للناس؟
منذ أحداث 11 سبتمبر، صُنف الإرهاب على أنه الخطر الأكبر في عصر العولمة. وخلال مناقشة "الموجة الرابعة من الإرهاب"، نُظر إلى الدين على أنه دافع أساسي للإرهاب. وهذا على علاقة بخلفية الصحوة الدينية في العالم منذ سبعينات القرن العشرين. وتحت تركيز إعلامي مكثف، أصبح الإسلام أحد الأهداف التي توجه إليها سهام الإتهام.
تقدم الأوساط الأكاديمية الدولية جملة من التفاسير لعلاقة الإرهاب بالدين، مثل مواجهة القومية الدينية للقومية العلمانية، التمرد العالمي، إلخ. وسبق لي أن أشرت إلى أن الأسس الدينية التي نشأ منها هذا النوع من الإرهاب تكمن في الأصولية، بما في ذلك القيادة الكاريزمية، التنظيمات الشمولية، والغيببيات وغيرها من الخصائص. وقد حفز الدين تطور الإرهاب، ووفر له شبكة تنظم وأيديولوجيا. وبعبارة أمارتيا سان الحاصل على جائزة نوبل،فإن العنف يعكس "وهم الهوية".
لكن، مع ذلك يبقى الإرهاب في النهاية سلوكا سياسيا، ينبع من خلفيته الإجتماعية والمنظومة الدولية. ويجسد ظهور الإرهاب فقدان السياسة العادية لفاعليتها. ويعود سبب نشوئه إلى ما ترتب عن العولمة والحداثة من عدم عدالة إجتماعية وعدم توازن في النظام الدولي. ولسوء حظه، أصبح العالم العربي الإسلامي نقطة تقاطع لهذه المتناقضات. حيث أدى إستغلال الإرهاب للدين، إلى إغتراب الدين وتطرفه. في ذات الوقت، تجب الإشارة إلى أن الإرهاب قد تجسد في مختلف تقاليد الأديان، بما في ذلك، اليهودية، المسيحية، البوذية وغيرها، وليس الإسلام إستثناء في هذا.
يمكننا أن نعرف الإرهاب كخطر نشأ في بيئة العولمة ومابعد الحداثة. ويعد الفقر سبب تكون الفشل والسخط، وهو من يمد العنف بالموارد البشرية، ويسهل تنقله الإتصالات العابرة للحدود والحركة السكانية. وعندما يتحول إخراج الكبت عادة، ويُستعمل كأداة سياسية لصناعة الأثر الإجتماعي، يصبح العنف خطرا نظاميا يزعج الحياة اليومية للناس العاديين.
عكس فشل الحرب العالمية على الإرهاب في العراق وأفغانستان، عدم فاعلية الوسائل العسكرية. ومن الربيع العربي إلى صعود داعش، تبين بأن الديمقراطية ليست علاجا سحريا لأي داء. كما جسد تمدد الإرهاب من الشرق الأوسط إلى أوروبا تدويل القضية وتعقدها. ويمكننا القول بأن الإرهاب قد أصبح كابوس عصر العولمة.
لكن، هل فعلا أنه لا يمكننا تجنب الإرهاب ؟ هذا الكابوس من الصعب إزالته في الحين، لكن مخاطره يمكن إدارتها بفاعلية.
تكمن مشكلة المجتمع الغربي في تعوده على النظر إلى تعارض الإسلام والغرب، الدين والعلمانية، المحافظة الدينية والحرية والديمقراطية، وغيرها من القضايا الأخرى، ويقوم بتضخيم هذه القضايا عبر وسائل الإعلام. وداخل هذه البيئة بالضبط ولدت نظرية صراع الحضارات. وقد طرح ستيبان من جامعة كولومبيا في هذا الإطار قضية "إزدواجية خطاب التسامح". كما أن خطاب حوار الحضارات الذي أصبح رائجا نسبيا، يتركز محتواه الرئيسي على التفاعل بين الدين والسياسة، والدين والعلمانية.
جوهر المعالجة الفعالة، هو المعالجة الدقيقة للمشاكل الدقيقة. ولما كانت التعددية الثقافية ينظر إليها كتقليد أساسي في أوروبا، ولما كان المسلمون يمثلون الأقلية الكبرى داخل المجتمع الأوروبي، وجب على مختلف الدول تأسيس آليات فعالة لدفع إندماج هذه الأقلية مع المجتمع المحلي، ووزارة الهجرة والأمن يجب أن تتخذا إجراءات الضمانات الأمنية اللازمة. من جهة أخرى، حرية النشر بصفتها قيمة كونية يجب الحفاظ عليها، لكن يجب تعديل درجتها، خاصة في مواجهة قضية بالغة الحساسية مثل الإسلام، ومن الضروري أن تحظى المقدسات الدينية بالإحترام الكافي.
وفي الحقيقة، في هذا الهجوم الإرهابي، لم تكن فرنسا وحدها من لحقها الأذى، بل والإسلام كذلك.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn