بقلم سحر وو
بكين 22 ديسمبر / قال السفير المصري لدى بكين الدكتور مجدي عامر إن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الصين التي تربطها بمصر علاقات صداقة راسخة تحمل أكثر من مغزي، إذ أنها تأتي إدراكا من مصر لأهمية دور الصين الحيوي والقوي إقليميا ودوليا باعتبارها قوة داعمة للسلام ، وتحمل رسائل عدة من بينها الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى شراكة إستراتيجية شاملة سياسيا واقتصاديا وأن أبواب مصر مفتوحة لكل من يرغب في مشاركتها العمل والاستثمار وخاصة الصين.
وأكد ذلك مجدي عامر، خلال مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) قبيل زيارة السيسي للصين التى تستمر من اليوم (الاثنين) حتى يوم الخميس، قائلا إنه رغم أن الصين باتت الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلا أنها لا تزال تعتبر نفسها دولة نامية وتولى أهمية كبرى لعلاقاتها مع الدول النامية ومساعدتها في تحقيق التنمية والتقدم، مضيفا أن الصين تشجع الدول الصديقة على أن تكون شركاء لها في هذا النجاح من أجل مصلحة الجميع والكسب المشترك، ومصر من جانبها تحقق تقدماً ملموسا على طريق الاستقرار واستعادة الأمن والسير بخطي واسعة من أجل تحقيق التنمية والعمل علي تعافي الاقتصاد.
وذكر السفير المصري أن أهم الثمار المتوقعة لزيارة السيسي هي رفع مستوى الشراكة بين البلدين إلى شراكة إستراتيجية شاملة والتي سيتم في إطارها إبرام الكثير من الاتفاقيات والعقود بين الجانبين، لافتا إلى أن الصين لا تقوم برفع الشراكة إلى هذا المستوى إلا بينها وبين الدول ذات الأهمية المحورية والتي تربطها معها صداقة عميقة.
وحول أوجه التعاون مع الجانب الصيني التي سيتم بحثها خلال الزيارة، قال السفير المصري إنها تشمل قطاعات عديدة من بينها البنية التحتية والسكك الحديدية والطاقة والغاز الطبيعي والطاقات المتجددة والصناعة والزراعة الحديثة وتكنولوجيا الأقمار الصناعية والتجارة، موضحا أن مصر تسعي إلى تعزيز التبادل التجاري وزيادة أعداد السائحين الصينيين الوافدين إليها وتهتم بالتعاون مع الصين في القطاع العسكري وكذا في مجال التعليم والتدريب ومشروعات نقل التكنولوجيا.
أما عن الاتفاقات المتوقع إبرامها، فأشار مجدي عامر إلى أن هناك اتفاقا حول إنشاء خط للسكك الحديدية بين مدينة السلام والعاشر من رمضان وبلبيس والذي سيساعد في ربط العاصمة الحكومية الجديدة بالمدن المجاورة لها ويخدم نحو 5 ملايين مواطن، واتفاقا لتنفيذ خط القطار السريع بين مدينتي القاهرة والإسكندرية، علاوة على اتفاقات لإنشاء محطات توليد كهرباء باستخدام الفحم والطاقة الشمسية وثمة العديد من المشروعات التنموية العملاقة التي وجهت الدعوة إلى الجانب الصيني للمشاركة فيها، مثل مشروع تنمية منطقة قناة السويس الذي يخدم التجارة العالمية، ودعوتها للمشاركة في الصناعات التجميعية والتعدينية خاصة في منطقة المثلث الذهبي.
وفيما يتعلق بتعزيز التنسيق والتشاور حول القضايا الإقليمية والعالمية، شدد السفير المصري على أن مصر ترحب دائما بجهود الصين على الساحة الدولية من أجل حل مشكلات منطقة الشرق الأوسط، والمساعدة في تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، لأن عدم الاستقرار وتزايد التهديدات الإرهابية وتنامي قوي التطرف لن يقتصر تأثيره على منطقة الشرق الأوسط وحدها، بل سيمتد إلى مختلف دول العالم ليهددها ويهدد مصالحها في المنطقة.
وألمح مجدي عامر إلى أنه في ظل توجه مصر الجديد بالانفتاح علي مختلف دول العالم شرقا وغربا ومع الصين علي نحو خاص، جاءت الإرادة السياسية لتوثيق التعاون مع الصين حيث قام مجلس الوزراء بإنشاء "وحدة الصين" من أجل وضع خطوات تنفيذية ملموسة لذلك في شتي المجالات ، فضلاً علي دعم الاستثمارات الصينية في مصر وتشجيعها علي المشاركة في المشروعات الكبري والمشروعات الجديدة، لافتا إلى عقد لقاءات ومشاورات مستمرة بين الجانبين المصري والصيني لحل وتذليل أية عقبات أو مشكلات تواجه الاستثمارات الصينية في مصر وتشجيع المزيد علي بدء مشروعاتهم هناك.
وأضاف أنه يتم أيضاً تشجيع المشروعات المشتركة والقائمة علي التكامل ومشروعات القيمة المضافة والمشروعات كثيفة العمالة من أجل حل مشكلة البطالة ومشروعات البنية التحتية ونقل التكنولوجيا، فالتكامل والكسب المشترك ودعم التنمية يزيد من وشائج التعاون بين البلدين.
وحول استضافة مصر في مارس المقبل للمؤتمر الاقتصادي العالمي، قال السفير إن المؤتمر يهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية إلى الاقتصاد المصري وطرح العديد من المشروعات التي أعدت بدقة وتقدم فرصاً استثمارية هائلة في جميع المجالات، كما أن العديد من البنوك على استعداد لتمويل المشروعات الاستثمارية فى شتي القطاعات طالما توافرت فيها الجدوى الاقتصادية، كما سيتم إعداد دليل للاستثمار فى كل قطاع يكون بمثابة مرجع مهم لدوائر الاستثمار لتسهيل الإجراءات علي المستثمرين.
وأوضح أن مصر بحاجة إلى الاستثمارات الأجنبية في المجالات التي أثبتت فيها الصين تفوقاً واضحاً مثل البنية التحتية والقطارات السريعة والطاقة الجديدة والمتجددة والزراعة واستصلاح الأراضي، وغيرها ، مشيرا إلى أن مشاركة عملاق اقتصادي مثل الصين في هذا المؤتمر تعتبر بلا شك فرصة هائلة للبلدين خاصة مع بدء تعافي الاقتصاد المصري وهو ما برز بوضوح مع قيام مؤسستي "موديز" و"ستاندرد أند بورز" برفع التصنيف الائتماني لمصر.
ومتحدثا عن أن مصر تعتبر بوابة إفريقيا، قال مجدي عامر إن موقع مصر الإستراتيجي في قلب العالم العربي وفي الوسط بين قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا يعد ميزة استثنائية لا تتوافر للكثير من الدول ويمكن أن توفر للمستثمرين الصينيين في مصر الكثير من الوقت وتكاليف النقل، وخاصة مع توافر مختلف طرق النقل الجوي والبحري والبري بين مصر والأسواق في هذه المناطق.
وأضاف السفير أن مصر تربطها علاقات جيدة جدا مع مختلف دول القارة، كما تتربط معها باتفاقيات اقتصادية مثل اتفاقية السوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الأفريقي (الكوميسا)، فهناك اتفاق للإعفاءات الجمركية بين الدول الأعضاء على أساس مبدأ المعاملة بالمثل وللسلع التي يصاحبها شهادة منشأ، وهذا يتيح للسلع المصرية الدخول إلي سوق واسعة يبلغ تعداد سكانها حوالى 400 مليون نسمة، كما يعطي نفس الأفضلية للسلع الصينية المنتجة في مصر. كما وقعت مصر اتفاقا إطاريا مع الاتحاد الاقتصادى والنقدى لدول غرب إفريقيا (الإيموا) وهو ما يمكن السلع الصينية المنتجة في مصر من النفاذ إلى سوق حجم سكانه نحو 70 مليون نسمة.
وعلي الصعيدين العربي والأوروبي، ألمح مجدي عامر إلى السوق العربية المشتركة ووجود اتفاقيات تجارة حرة ثنائية بين مصر والعديد من الدول العربية مثل تونس ولبنان والمغرب والأردن، وكذا اتفاقية المشاركة الأوروبية بين مصر والاتحاد الأوروبي والتي تنص على التحرير التدريجي للسلع المصرية المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي من الجمارك وفقا لمراحل محددة.
وحول مبادرة "الحزام والطريق" التي أعلنها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013، قال السفير إنها هامة للغاية وسوف تفيد مختلف الدول الواقعة على طول الحزام في تنمية اقتصاداتها خاصة وأن الصين تقوم حاليا بعدد من مشروعات الربط البري بين المدن الأمر الذي سيساعد علي تسهيل الانتقالات والتبادلات التجارية بين الدول الواقعة على طول الطريق والحزام براً وبحراً.
وأضاف أن من أهم أهداف إنشاء الصندوق، الذي أعلنت عنه الصين بتمويل قدره40 مليار دولار، مساعدة الدول الواقعة على طول الطريق والحزام في إقامة مشروعات البني التحتية أو تجديد البني التحتية القائمة ومصر تحتاج إلى التعاون في هذا المجال خاصة وهي تبدأ مرحلة جديدة بعد الثورة وتسعي إلى الإسراع في التعافي الاقتصادي.
وأكد السفير المصري أن موقع مصر الإستراتيجي يجعلها نقطة ارتكاز مهمة علي هذا الطريق، ووجود قناة السويس بها وقناة السويس الجديدة سيجعلها ذات أهمية قصوي في التجارة البينية للدول الواقعة علي طول الطريق. كما يشجع الشركات الصينية على المساهمة في مشروعات تطوير الموانيء المصرية لأن هذا يعود بالفائدة على الطرفين.
وفي ضوء ما تذخر به مصر من مواقع سياحية وتاريخية عظيمة وتحطيم السياحة الصينية في الخارج لرقم قياسي هذا العام، قال مجدي عامر إن مصر والصين تتمتعان بمعالم سياحية فريدة تحكي تاريخهما الذي يمتد إلى آلاف السنين، لافتا إلى أن مصر تنظر للسياحة ليس فقط باعتبارها موردا هاما من موارد الدخل القومي، وإنما باعتبارها أيضا أداة هامة للتبادل الثقافي والتبادلات الشعبية وتعميق التفاهم بين الشعوب، ومن هنا تأتي أهمية توثيق علاقات الصداقة وفتح الآفاق لتحقيق المكاسب المشتركة والفوز المشترك، ونعتبره وسيلة هامة لمواجهة التحديات والتهديدات والقضاء على الأفكار المتطرفة والهدامة.
وأعرب السفير عن إعجاب مصر بالمعجزة الاقتصادية التي حققتها الصين والتي ساعدت على رفع مستوى معيشة المواطن وزيادة أعداد السائحين الصينيين إلي مختلف دول العالم حتي تجاوزت أعدادهم مائة مليون سائح، قائلا "نحن في مصر نستهدف زيادة عدد السياح الصينيين القادمين إلى مصر إلي 200000 سائح بحلول عام 2015 أو 2016".
وتابع قائلا "لقد لمسنا في مصر ثقة الصينيين في قدرة الشعب المصري والحكومة المصرية علي حفظ الأمن والاستقرار حيث استمر تدفق السياح الصينيين على المناطق السياحية في مصر طوال العام الماضي، مشيرا إلى أن مصر شهدت العديد من الاحتفاليات والفعاليات السياحية الصينية، ففي قلعة صلاح الدين أقيم مهرجان ثقافي شاركت فيه فرق للفنون الشعبية من مصر والصين احتفالا برأس السنة الصينية، كما أقيم احتفال آخر على شاطيء النيل بالمعادي. علاوة على مشاركة مائتي سائح صيني في "رالي تحدي عبور مصر"، وهو عبارة عن رحلة سفارى بالسيارات انطلقت من منطقة الأهرامات للواحات للبحرية.
وأوضح مجدي عامر أن مصر تقدم حوافز سياحية تتمثل في التنوع الكبير في مختلف أنواع السياحة، فهناك السياحة الثقافية والترفيهية والعلاجية وغيرها ، كما توجد برامج ورحلات متنوعة تناسب مختلف المستويات والفئات. وثمة توجه الآن نحو زيادة عدد رحلات الطيران بين المدن الرئيسية في مصر والصين لخدمة السائحين والمسافرين بين البلدين .ذلك بالإضافة إلى إصدار التأشيرات السياحية في وقت قصير وبدون إجراءات معقدة تيسيرا على المسافرين.
واختتم السفير حديثه قائلا إن هناك الآن إقبال من المصريين على التعرف على حضارة الصين التي تذخر بالكثير من المعالم السياحية المميزة، مؤكدا أن السياحة من أهم الأنشطة التي تقرب بين الشعوب وتقوي علاقات الصداقة والتفاهم.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn