تعليق: تغيرات وتحولات انماط تجارة النفط في السوق العالمية سبب الانخفاض المستمر لأسعار النفط

تشهد أسعار النفط العالمية اتجاه هبوط مستمر منذ أن اعلنت مجالس وزراء دول (أوبك) يوم 27 نوفمبر الماضي عن قرار عدم خفض الإنتاج النفطي. ما هو الدافع وراء قرار (اوبك) عدم خفض الانتاج النفطي؟ هل انخفاض اسعار النفط العالمية يعكس واقعا جديدا في الامدادات النفطية؟ 

قال شو شياو جيه كبير الخبراء وباحث في الاكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أن قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بعدم خفض الانتاج النفطي يدل على أن الانخفاض الحالي في أسعار النفط العالمية في نظر( اوبك) نتيجة اختلالات السوق، ولا علاقة له بامتدادات (اوبك) ، لذلك لا الحاجة لتحمل المسؤولية وضبط مستوى العرض بـ 30 مليون برميل يوميا الذي حدد منذ عام 2012، كما أن خفض انتاج النفط يؤدي فقط الى المزيد من الخسائر في حصة (اوبك) في السوق، وهذا بطبيعة الحال لا يتماشى مع المصالح الشاملة والسياسة القائمة لـ (اوبك). وعليه، يمكن تفهم قرار (اوبك). كما أن استمرار انخفاض اسعار النفط العالمية بعد القرار امر طبيعي.

ويفسر شو شياو جيه اعلان وزير النفط السعودي قبل اجتماع مجالس وزراء دول (أوبك) يوم 27 نوفمبر الماضي، عن عدم تدخل السعودية لتحقيق توازن بسوق النفط، بأن انخفاض اسعار النفط العالمية هي نتيجة زيادة العرض في السوق، لكن، ايا كان وراء هذه الزيادة وكثرة الانتاج يجب أن تحمل المسؤولية. وسينقص الانتاج الغزير مجرد سقوط اسعار النفط العالمية من اجل تحقيق توازن جديد في السوق. مضيفا، أن استنادا الى تحاليل البيانات الحالية، فإن فائض العرض في السنوات الاخيرة سببه النمو الكبير الذي حققته امريكا في انتاج النفط وتراجع كبير في وارداتها النفطية، و" دع السوق ينظم نفسه" هي نظرية فحص السوق لأمريكا. ويهدف قرار (اوبك) بعدم خفض الانتاج الى استخدام قوة السوق لاختبار مستوى التحمل الامريكي في صناعة النفط، بما في ذلك اختبار أدنى تكاليف صناعة النفط الصخري الأمريكية ، واختبار رد فعل الحكومة الامريكية.

" اربعة انماط من الشرق الاوسط " تشكل تدريجيا

قال شو شياو جيه، أن أخر مرة شهدت اسعار النفط العالمية تقلبات كان في المنتصف الثاني من عام 2008 بسبب الازمة المالية، وأن استمرار انخفاض اسعار النفط العالمية في عام 2014 سببه تغيرات وتحولات انماط تجارة النفط في السوق العالمية. باختصار، يشكل سوق النفط العالمي " اربعة انماط من الشرق الاوسط" تدريجيا: أولا، "الشرق الاوسط القديم" مصدر امدادات النفط حاليا. ثانيا، " الشرق الاوسط الجديد" ، المتمثل في أمريكا التي تمثل امريكا الشمالية في تصدير النفط. ثالثا، " حاجة الشرق الاوسط" ، أي أن الشرق الاوسط بحاجة الى الصين والهند واسواق ناشئة في اسيا التي تشكل مراكز الطلب على النفط. رابعا، " خارج منطقة الشرق الأوسط"، أي مراكز امدادات النفط والغاز خارج المنطقة والمتمثلة في روسيا، بحر قزوين، والبرازيل، وشرق أفريقيا وغيرها. وأكد شو شياو جيه، أن " اربعة انماط من الشرق الاوسط" سوف تلعب دورا مهما في هيكل سوق النفط العالمي حاليا ومستقبلا. وأن التغيرات في اسعار النفط العالمية يفسر تراجع مكانة " الشرق الاوسط القديم"،وارتفاع مكانة " الشرق الاوسط الجديد"، وضعف حاجة " حاجة الشرق الاوسط"، بالاضافة الى صدمة منطقة " خارج منطقة الشرق الاوسط " من اسعار النفط. ومن الواضح أن استمرار انخفاض اسعار النفط العالمية قبل تشكيل توازن جديد لا يثير لدهشة اطلاقا.

ويعتقد شو شياو جيه،أن مناقشة ايجابيات وسلبيات التغيرات في أسعار النفط الحالية على الصين سطحي. وأن نمط تجارة النفط الجديد في سوق النفط العالمية يظهر سلسلة من العلاقات الجديدة بين الصين وسوق النفط والغاز الدولي. مضيفا، أن التحليل الصحيح لتأثير التغيرات في اسعار النفط العالمي على عملية الإصلاح والانفتاح في الصين على مدى السنوات الخمس المقبلة وعلى المدى الطويل بحاجة الى نظرة عالمية واعادة فهم اتجاه تنمية النفط والغاز العالمي، والفهم من جديد للعلاقات الصينية مع " اربعة انماط من الشرق الاوسط" بما في ذلك العلاقات بين الصين وروسيا وآسيا الوسطى، غرب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية وعلاقاته مع امدادات الطاقة الى القارة الاوروبية.

ودعا شو شياو جيه الصين الى الاهتمام في تفعيل التعاون الاستراتيجي مع ثلاث اكبر منتجي للنفط ، المملكة العربية السعودية وروسيا وأمريكا. كما دعا إلى أن تتجاوز العلاقات والتعاون بين الصين والمملكة العربية السعودية البترول والتجارة والعلاقات الثنائية وترتقي الى التعاون الاستراتيجي الشامل، والتعاون المتحدد الاطراف وتعزيز التعاون بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي في مجال الطاقة، وتوسيع نقطة الارتكاز الاستراتيجي والقطاعات الاستراتيجية لطريق الحرير البحري في غرب آسيا. مضيفا، أن هذا الاتجاه مهم جدا لترقية التعاون الاستثماري واتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي.