تشنغتشو 1 ديسمبر 2014 /مرت عشرة أعوام على إعلان الصين الحرب على فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز عن طريق إعلان إرشادات وقائية ومجموعة سياسات متصلة بالأمر.
وبوجه عام حققت تلك المبادرة نجاحا منذ ذلك الحين لكن الحرب لم تنته بعد.
وبمناسبة اليوم العالمي السابع والعشرين للايدز الموافق اليوم (الاثنين) قام مراسلو وكالة ((شينخوا)) بزيارة قرية تشولو مجددا التي كانت واحدة من القرى المجهولة في مقاطعة خنان وسط الصين.
وتلك القرية متناهية الصغر لدرجة أنها لا تظهر على الخرائط لكنها اجتذبت اهتمام العالم بسبب كثرة عدد السكان المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز ويتعايشون معه.
وأدى الفقر وقلة التعليم للجوء العديد من الأشخاص لبيع دمائهم في السوق السوداء، وهذا العمل الذي يتم في ظروف غير صحية تسبب في إصابة 107 شخصا من 1600 هم سكان القرية بالمرض.
شبح الموت والعار
بلغ معدل الإصابة ذروته في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، حيث سعى سماسرة الدم في السوق السوداء على استمرار إمداد الدم عن طريق تجميع كافة كميات الدم الذي يتم التبرع به ثم فصل البلازما وإعادة حقنها مجددا في أجساد المتبرعين. هذا يعني أن المتبرعين يمكنهم التبرع مرات ومرات وهو عرض مغري للفقراء وغير المتعلمين، لكن هذا العرض مقرون بعواقب خطيرة هي الإصابة بالمرض.
وفي عام 2011 تحدث فيلم "لاف اوف لايف" عن فضيحة بيع الدم في التسعينيات مما جعل تلك القضية تظهر على السطح.
وفي الفيلم أصيبت البطلة تشينغين بالمرض بسبب قيامها ببيع دمها لشراء شامبو لا يقدر على شرائه في ذلك الوقت سوى سكان المدينة.
لكن في الواقع يقوم العديد من المزارعين ببيع دمائهم لشراء الطعام أو سداد مصاريف تعليم أبنائهم.
ودمر وباء الايدز القرية الفقيرة أصلا. ولا يتمكن السكان من العثور على عمل، كما أن تكاليف الرعاية الطبية باهظة وحتى غير المصابين يعانون من البطالة بسبب صلتهم بتلك المنطقة.
وقال أحد سطور الفيلم "بمجرد أن ظهرت تلك الحمى العالمية المسماة بالايدز تسللت إلى قريتنا وكل من أصيب به مات وسقط كأوراق الشجر الذابلة"، وترك هذا السطر صدى في نفس قروي يدعى هان دينغ.
علم دينغ أنه مصاب بالفيروس خلال عملية فحص طبي في عام 1999 وتوفي العديد من الأشخاص حتى بدون أن يعلموا انهم مصابون بالمرض.
وقال "شعرت أن السماء تنهار، لقد اختطفت حياتي مني".
وكان أول من كشف هذا السر "القبيح" هو طبيب يدعى قوي شيان. وبعد ذلك زار زعماء صينيون تلك القرى.
ويضطر المتعايشون مع الإصابة بنقص المناعة البشرية/ الايدز على تحمل وصمة العار المرتبطة عادة بالاصابة بالمرض. وهم يواجهون العزلة والنبذ.
وقال هان إنه في إحدى المرات قام بمنح أحد أقاربه كيسا به موز كهدية لكن الرجل تخلص منها فور مغادرته.
حرب شرسة
وفي عام 2003 قامت نائبة رئيس مجلس الدولة وقتئذ وو يي بزيارة المتعايشين مع الإصابة بنقص المناعة البشرية/ الإيدز في خنان، وخلال العام الحالي تأسست لجنة عمل الإيدز بمجلس الدولة الأمر الذي يعد علامة على حرب واسعة النطاق على المرض في الصين.
وقامت الحكومة المركزية بوضع مجموعة سياسات في عام 2004 مثل توفير علاج مجاني للفيروس للقرويين المصابين بالمرض وسكان المدن من أصحاب الدخل المنخفض. كما قامت أيضا بتوفير فحوصات مجانية لمعرفة ما إذا كان الشخص حاملا للفيروس أم لا وعلاج مجاني للطفل الذي تنقل له أمه المرض وفحص مجاني للرضع ومساعدة مالية للأطفال الذين توفي أحد والديهم بسبب المرض.
وفي نفس العام تم أيضا إطلاق برنامج تجريبي لاستخدام الطب الصيني التقليدي لعلاج المتعايشين مع الإصابة بنقص المناعة البشرية/الإيدز وكان خنان واحدة من خمسة مقاطعات تم إطلاق البرنامج التجريبي بها. وحاليا قدم البرنامج المساعدة لنحو 5 آلاف مصاب في خنان التي يتجاوز تعداد سكانها 100 مليون شخص.
وخلال العشرة أعوام الماضية انخفض معدل الوفيات بين المتعايشين مع الإصابة بنقص المناعة البشرية/الإيدز في خنان من 9.23% إلى 2.9%.
أصيبت وانغ تشيوه لان، 56 عاما من تشانغشي بمحافظة ويشي بإحساس غامر بالعار عندما اكتشفت إصابتها بالمرض لدرجة أنها تجنبت تماما التواصل مع البشر. وإضافة إلى ذلك عانت من الآثار الجانبية المصاحبة للعلاج الغربي ضد الفيروس.
وقالت مستعيدة ذكرى تلك الأيام "رقدت في فراش في انتظار الموت" لكن بعد تلقي علاج بالطب الصيني التقليدي تغيرت حياتها تماما.
نجح الطب الصيني التقليدي في تحسين حياة المرضى عن طريق زيادة خلايا الدم البيضاء التي تعزز الجهاز المناعي وتخفف أعراض المرض مثل الحمى المستمرة وفقدان الوزن والطفح الجلدي.
حياة جديدة
تختلف الحياة في تشولو الآن تماما عما كانت عليه منذ عقد مضى. ويعيش معظم القرويين الآن في مباني من طابقين والعديد من الأجيال الأصغر سنا يقيمون ويعملون في مدن كبرى للمساعدة في إعالة أسرهم في حين حصل المتعايشون مع الإصابة بنقص المناعة البشرية/الإيدز على فرص عمل في المصانع.
لكن العلاج الطبي مجرد جزء من عملية كبيرة. تحتاج قلوب هؤلاء المصابين أيضا لعلاج.
وفي شتى أنحاء العالم يعاني المتعايشون مع الإصابة بنقص المناعة البشرية/الإيدز من الاضطهاد خاصة في المناطق الريفية حيث هناك نقص في المعرفة بالمرض.
وقالت وانغ تشيوه لان "شعرت أنني في مكانة أقل من الآخرين وفكرت في الانتحار، حكم الآخرين عليّ تسبب في إيذائي".
وفي البداية كانت تشعر بالذعر من مجرد الكلام عن مرضها، وقالت "كان الناس يشعرون بكراهية نحوك إن ذكرت مرضك ويصبح الجميع في غاية الحساسية"
وقال طبيب يدعى وو تشونغ رن من محافظة شانغتساي التي يجتاحها الإيدز إن أحد المرضى ذات مرة أجهشت بالبكاء عندما ارتدى قفازات طبية خلال علاجها لأنها ظنت أن هذا يعني أنها مصابة بالمرض.
لكن هان تشي وي وهو طبيب آخر في تشولو قال "الناس الآن أكثر تسامحا حيث أصبحوا يفهمون طبيعة المرض وخف العبء النفسي عن المصابين بالمرض بفضل الرعاية الطبية الملائمة".
وقال هان دينغ إنه فكر في ترك المنطقة لكنه كان ضعيفا للغاية ولا يقدر على العمل الذي يحتاج مجهودا بدنيا. وتعيش أسرته حاليا عن طريق العمل في بيع الدقيق والقمح والبطيخ.
ويشعر هان بالسرور لأن ابنته التي تستعد لخوض امتحان القبول بالجامعة لا تزال تحبه.
وقال "أنا محظوظ، على الأقل لا أزال حيا وآمل أن أظل حيا حتى أشهد يوم زفاف ابنتي".
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn