بكين 30 نوفمبر 2014 / بعد قائمة مطولة من الجلسات والمداولات استمرت طوال السنوات الثلاث الماضية، وضع القفل أمس السبت على "محاكمة القرن" بعدما حبس العالم أنفاسه انتظارا للحكم النهائي الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة وقضى بتبرئة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم من تهم قتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير 2011 والفساد المالي.
صحيح أن الأحكام التي صدرت في هذه القضية التي تابعها العالم بأسره، قوبلت بردود أفعال مختلفة من المصريين وأظهرت مدى الانقسام في الآراء حولها، لكن الخبراء الصينيين يرون أن إيجابياتها أكثر من سلبياتها وأن القضية الأهم الآن تكمن في إعلاء مصلحة الوطن والحفاظ على وحدته وتجاوز مرحلة الانقسامات.
فقد قال وو سي كه المبعوث الخاص الصيني السابق إلى الشرق الأوسط إن هذه الأحكام متوقعة وغير مفاجأة, آملا في أن تصبح نقطة تنطلق منها مصر على طريق التسامح والتضامن والمصالحة الاجتماعية عن طريق عقلاني وهادئ.
وأعرب وو عن اعتقاده بأن هذه الأحكام تتطلب من الجميع احترام القانون والنظر إلى العملية السياسية بشكل متسامح وغير انتقامي ليصبح المجتمع المصري أكثر نضجا وهو يمضى على طريق الديمقراطية.
وشاطره دونغ مان يوان, نائب مدير معهد الصين للدراسات الدولية، الرأى في أن هذه الأحكام تغلب عليها الناحية الإيجابية بالنسبة للمجتمع المصري, وتوضح ضرورة مواصلة إتباع طريق العلمانية الذي تسلكه مصر تحت رئاسة عبد الفتاح السيسي وسيجعلها تحظى بدعم من أصدقائها وجيرانها الذين يدعمون العلمانية, وهي تمضي في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها وتشهد فيها تحولات اجتماعية واقتصادية كبرى.
ومن ناحية أخرى، أوضح دونغ أن الحكم التاريخي بتبرئة مبارك ربما يجد صدى إيجابيا في الولايات المتحدة التي ربطتها بمصر علاقات إستراتيجية إبان حقبة مبارك، الأمر الذي سيسهم في استمرار الدعم المقدم للقاهرة من قبل واشنطن وربما يحفز الولايات المتحدة على قيادة حلفاءها الأوروبين لمساندة مصر على نحو يفيد في تعافي الاقتصاد المصري ووقوفه على قدميه وتحقيق الاستقرار الاجتماعي .
لقد بات الحكم الذي صدر على مبارك صفحة من الماضي وهناك حاجة إلى فتح صفحة جديدة يستشرف فيها المصريون النظر إلى المستقبل ولا سيما بعد المحطات التي شهدتها مصر منذ 25 يناير وعمل خلالها المصريون بجد على تشكيل ملامح الدولة التي يطمحون إليها بعدما قاموا بإرساء اللبنة الأولى من خارطة الطريق والمتمثلة في إقرار الدستور الجديد في يناير 2014 ثم إنجاز المحطة الثانية منها وهي انتخابات الرئاسة في مايو 2014 والتي فاز فيها الرئيس السيسي.
ويقول الخبراء الصينيون إن اكتساب الخبرة من الماضي والعمل بجد في الحاضر واستشراف مستقبل أفضل هو السبيل إلى مجابهة الصعوبات والإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المصريين وتتطلب تضافر جهود الجميع للنهوض بالوطن.
ويرون أن العمل بجد على إنجاز المرحلة الثالثة من خارطة الطريق والمتمثلة في الانتخابات البرلمانية هو ما سيمنح المصريين الفرصة لتشيكل مناخ جيد لحياة سياسية نشطة تتكون فيها أحزاب سياسية قوية تطرح برامج ورؤى جديدة وتوحد الصفوف وتنبذ الخلافات وتخدم المواطن والمجتمع وتمثل الشعب في البرلمان لتغدو السبيل الذي يحقق به المصريون آمالهم وتطلعاتهم في بناء دولة ترتكز دعائمها على اقتصاد قوي.
ويشيرون إلى أن تجاوز الانقسامات وتوحيد صفوف المجتمع المصري ضروري لتهيئة بيئة مواتية لتحفيز الانتعاش والتنمية في شتى القطاعات على نحو يصب من ناحية في صالح توفير المزيد من فرص العمل وتحسين مستوى معيشة أبناء الشعب ومن ناحية أخرى في تعزيز ثقة العالم في الوضع الداخلي لتهب علي مصر رياح الاستثمار والنقد الأجنبي المهمين للغاية في تحقيق الخطة التنموية المصرية الحالية.
وفي ظل الأوضاع التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، بات حريا على مصر التي لعبت على مدار التاريخ أدوارا رائدة في نهضة الأمة العربية أن تحول التحديات إلى فرص حيث تثق الأسرة الإقليمية والدولية في قدرة شعبها وقواها السياسية على التغلب على الصعوبات وتحقيق الأمن والآمان.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn