بكين 16 نوفمبر 2014 /في أعقاب قمة ناجحة ومثمرة لمنتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا -الباسيفيك (الأبيك) في العاصمة الصينية بكين، انطلقت في نهاية هذا الأسبوع قمة مجموعة العشرين في مدينة بريسبان الاسترالية بمشاركة كوكبة من قادة العالم من بينهم الرئيس الصيني شي جين بينغ في وقت لا يزال فيه تعافي الاقتصاد العالمي باهتا رغم خروجه الآن تدريجيا من القاع .
إن انضمام الصين إلى منتدى الأبيك ومجموعة العشرين يمثل بمعنى الكلمة معلما تاريخيا على درب اندماج الصين مع العالم، فمنتدى الأبيك هو أول منظمة للتعاون الإقليمي تنضم إليها الصين فيما تعد مجموعة العشرين التي ساعدت على ظهور الصين بقوة على خشبة المسرح العالمي أول آلية لحوكمة الاقتصاد العالمي تشارك فيها الصين بوصفها مؤسسا وصانعا للقرار وشريكا جوهريا.
وفي الوقت الراهن، بات للصين صوت أقوى ومشاركة أكبر في الحوكمة الاقتصادية العالمية وفي التنسيق والتعاون مع القوى العالمية الكبرى, بل ويتعمق تأثيرها ودورها في صياغة الترتيبات الاقتصادية العالمية مع مرور الزمن.
ولكن الاقتصاد العالمي لا يزال يواجهه عدة عراقيل وهو يمضى في طريقه للانتعاش وذلك يتضح من خلال ما يعترى نموه من هشاشة وخلل حتى بعد مرور ست سنوات على اندلاع الأزمة المالية العالمية، فاقتصادا الولايات المتحدة وأوروبا يشهدان في هذه الآونة انتعاشا ولكنه محدود في ظل التأثير المستمر الناتج عن الأزمة فيما يواجه نمو الاقتصادات الناشئة انخفاضا ليحذر صندوق النقد الدولي من احتمالية استمرار تراجع الاقتصاد, مخفضا توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعام 2014 من 3.6 إلى 3.3 %.
وبالإضافة للوضع الاقتصادي غير المواتي، ثمة توترات يشهدها المجتمع الدولي على الصعيد الجيوسياسي جراء استمرار الأزمة السورية الطاحنة والتهديد الذي يشكله تنظيم (داعش) في العراق وعدم التوصل إلى معالجة تامة للأزمة الأوكرانية وانتشار فيروس الإيبولا , ما يجعل انتعاش الاقتصاد العالمي أمرا صعب المنال.
ونظرا لكونها تمثل ثلثي سكان العالم و90% من إجمالي الناتج المحلي لجميع بلدان العالم و80% من حجم التجارة العالمية، ينبغي على مجموعة العشرين تعميق علاقا ت الشراكة وتعزيز تنسيق السياسات الاقتصادية من أجل إعطاء دفعة كبيرة ومستدامة ومتوازنة للاقتصاد العالمي.
وفي الوقت ذاته, باتت مجموعة العشرين الآن تواجه وضعا جديدا وعليها مواجهة التغيرات والتقلبات في الاقتصاد العالمي، لهذا بدأت تتحول من "آلية الاستجابة للأزمة المالية العالمية" إلى "آلية الحوكمة طويلة الأجل" القائمة على تحسين الوضع الناتج عن الأزمة والتعافي منه تماما.
ويحظي الدور الذي تضطلع به بكين داخل مجموعة العشرين باهتمام سائر أرجاء المعمورة بوصفها عضوا مهما في هذه المنظومة رغم أن الصين تنتقل من مرحلة نمو اقتصادي عالي السرعة إلى نمو متوسط السرعة إثر إجرائها لإصلاحات ضخمة وعميقة في هياكلها الاقتصادية لتلج بها الصين "مرحلة ذات طبيعة جديدة".
وهذا ما أكده مدير إدارة الاقتصاد العالمي بوزارة الخارجية الصينية تشانغ جون، قائلا إن الاقتصاد الصيني يسعى وهو يدخل هذه المرحلة الجديدة إلى اكتساب قوة دفع جديدة عبر الانفتاح والاصلاح , ليضخ مزيدا من القوة الإيجابية في الاقتصاد العالمي وفي التعاون بين أعضاء مجموعة العشرين.
فتحويل الاقتصاد وتعديل هيكله مشكلة لا تواجه الصين فحسب, وإنما جميع أعضاء المجموعة , ولكن الصين تمضي بمرحلتها ذات الطبيعة الجديدة في طليعة تلك الدول، "ولابد أن تكون نموذجا يحتذى به في منطقة آسيا -الباسيفيك وتؤثر في العالم تأثيرا إيجابيا"، هكذا قالت تشن فنغ يين رئيسة المركز العلمي للاقتصاد العالمي بمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة.
ولا بد من ذكر أن الصين تطرح مقترحات وتلتزم بها وتسهم أيضا بنصيب أكبر في المساعي الرامية إلى تحقيق هدف النمو المحدد داخل إطار إستراتيجية النمو الشامل بين أعضاء لمجموعة العشرين. ويثمن أعضاء المجموعة عاليا دور الصين اللافت للنظر في مجالات تشييد البنى التحتية ومكافحة الفساد والتجارة والتوظيف وغيرها.
ومن خلال أداء الصين المتميز في الاقتصاد ، ستسهم في توطيد حق الدول النامية في أن يكون لها صوت أقوى على المسرح العالمي في الأمور ذات الصلة، وستساعد في تحسين وضع احتكار الدول الغربية لشريان الاقتصاد العالمي وبهذا تتشارك مع مزيد من الدول في حصد ثمار التطور عن طريق "النمو الصيني".
ومع تركيز القمة على محاور رئيسية ألا وهي دفع النمو الاقتصادي والتوظيف وتسهيل التجارة وتقوية انتعاش الاقتصاد العالمي وتوفير الطاقة ومواجهة التحديات المستقبلية، يشير المحللون إلى أن النمو الاقتصادي يشكل الموضوع الجوهري للقمة فيما ينبغي التركيز أيضا على تسهيل التجارة وتأمين توافر الطاقة باعتبارهما محركا رئيسيا للصناعات، موضحين أن الصين قالت على لسان وزير ماليتها تشو قوانغ ياو خلال الاجتماع السنوي لصندوق النقد العالمي والبنك الدولي في أكتوبر المنصرم إنها من المتوقع أن تسهم بحصة تتراوح بين 30 و 40 % في نمو اقتصاد المجموعة وذلك عبر إصلاح هياكلها الاقتصادية.
ويرى الخبراء أن الصين ستلعب أهم دور في مجموعة العشرين والاقتصاد العالمي، لافتين إلى أن دور الصين لن يغيرالنظام الأصلي وإنما يحسنه تدريجيا حيث تعلمت الصين كيفية إجراء تعاون جيد مع البلدان ذات الأفكار والمواقف المختلفة عنها بما فيها الولايات المتحدة.
إن الصين تضربا مثالا لمجموعة العشرين بإجراءاتهما العملية، أملا في بناء آلية للارتقاء بقدرة جميع الأطراف على تحقيق التنسيق عبر التعاون بروح المسؤولية والبراغماتية , تفاديا لدخول لعبة "المعادلة الصفرية".
وعند اختتام القمة التاسعة لمجموعة العشرين اليوم (الأحد) في استراليا, ستفتح الصين صفحة جديدة في دبلوماسيتها لتمخر بها عباب البحر سعيا لتحسين كفاءة مجموعة العشرين ودفع الاقتصاد العالمي قدما.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn