الخرطوم 14 أكتوبر 2014 / بعد الارتفاع المتوالي في سعر صرف الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية, والإعلان رسميا عن انخفاض معدل التضخم الشهري بنسبة غير مسبوقة بلغت 7.2 بالمائة, تسود الأوساط الاقتصادية السودانية حالة من التفاؤل بإمكانية انفراج الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
ومنذ أواخر سبتمبر الماضي, تواصل ارتفاع قيمة العملة الوطنية السودانية (الجنيه) أمام العملات الأجنبية ولاسيما الدولار الأمريكي الذي بلغ في أواخر سبتمبر الماضي 9.1 جنيه مقارنة بـ 9.5 في السابق.
واستمر تراجع الدولار إلى أن وصل قبل يومين إلى نحو 8.8 جنيه, فيما تشير التوقعات إلى أن سعر الدولار في طريقه للانخفاض إلى 8 جنيهات.
وأعلن الجهاز المركزي للإحصاء في السودان الاثنين عن انخفاض معدل التضخم الشهري في البلاد إلى 39.2 في المائة خلال الشهر الماضي مقارنة بـ 46.4 في المائة في الشهر الذي سبقه, أي بنسبة انخفاض بلغت 7.2 في المائة.
وأرجعت اسيا محمد خليل مدير إدارة التجارة الداخلية والأسعار بالجهاز سبب ذلك إلى انخفاض مجموعة أسعار الأغذية والمشروبات واللحوم في السودان.
وقالت, في تصريح صحفي, إن نسبة متوسط أسعار اللحوم في الولايات السودانية انخفضت إلى 4.5 في المائة فيما سجلت نسبة انخفاض متوسط أسعار الحبوب 2.2 في المائة بالإضافة إلى البقوليات والخضراوات التي انخفضت إلى 5.4 بالمائة.
وأشارت خليل إلى أن شهر سبتمبر شهد انخفاضا أيضا في أسعار كمية كبيرة من السلع في حين ساعد انخفاض أسعار الدولار من انخفاض معدل التضخم بالبلاد.
وتراجع معدل التضخم في أغسطس كذلك بعد أن سجل زيادة متوالية خلال الأشهر السابقة وهو ما يشير إلى تحسن الأداء الاقتصادي.
وأرجع الخبير الاقتصادي السوداني الدكتور محمد الناير ارتفاع سعر صرف العملة السودانية مقابل العملات الأجنبية إلى عدة عوامل.
وقال الناير لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم (الثلاثاء) "من تلك العوامل زيادة صادرات السودان غير البترولية ولاسيما الثروة الحيوانية, وايلولة خط الأنابيب الممتد من حقول النفط في هجليج إلى ميناء التصدير (بشائر) بشرق السودان بطول 1610 كيلو متر إلى حكومة السودان".
ورأى الناير أن زيادة إنتاج المحاصيل النقدية بسبب نجاح موسم الأمطار هذا العام ساهم في تقليل حجم الواردات لبعض السلع وخاصة الحبوب, وزيادة صادرات سلع أخرى مثل السمسم, مما قلل الطلب على العملة الأجنبية.
ودعا الناير الحكومة السودانية إلى مواصلة نهجها في تقديم أسعار تشجيعية للمزارعين, وهو ما يعرف بالسعر التركيزي, وذلك لتشجيع المزارعين على زيادة الإنتاج وتوسعة الرقعة الزراعية.
وتابع الناير "ومن العوامل ايضا الإعلان عن زيادة إنتاج البترول في السودان بنسبة 20 ألف برميل يوميا, ليرتفع إنتاج السودان الكلى إلى 155 ألف برميل يوميا, ومن شأن ذلك إعادة السودان إلى منظومة الدول المنتجة والمصدرة للنفط".
وأوضح الناير أن انخفاض التضخم نتاج فعلى لتحسن سعر صرف الجنيه السوداني, ولكنه رأى أن الانخفاض قليل جدا, وقال إن "هذا الانخفاض قليل, ومتوقع أن يصل إلى نسبة انخفاض أكبر, ولابد أن يصل حجم التضخم إلى رقم أحادي".
وفى مقابل هذه النظرة المتفائلة, حذر خبير اقتصادي من مغبة عدم السيطرة على ما اسماه "المؤشرات السلبية في الاقتصاد السوداني".
وقال الخبير الاقتصادي السوداني الصادق عبدالجليل "هناك مؤشرات سلبية في الاقتصاد السوداني لابد من السيطرة عليها, ونعنى بتلك المؤشرات اتساع الفجوة في سوق النقد الأجنبى بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازى, وقلة إيرادات الموازنة العامة, واستمرار ارتفاع معدل التضخم وتدني الإنتاج المحلي وارتفاع تكلفته".
وأضاف لوكالة ((شينخوا))" لابد من التوجه نحو التغيير الجذري في الرؤية الاقتصادية والاجتماعية , مع الأخذ بالاعتبار تبعات الانفصال, وتطور الأسعار العالمية وتحول السوق السودانية إلى سوق مستوردة لا منتجة".
وتابع "لابد من تفعيل سياسة السوق المفتوحة من خلال فتح أسواق مال حقيقية وتشجيع الجمهور المحلي على المشاركة وتقليل سعر الخصم بالنسبة للمصارف التجارية وزيادة معدلات الاحتياطي النقدي ".
ومضى قائلا " لقد تعرض الاقتصاد السوداني إلى صدمات خارجية, و خاصة الصدمة الناتجة من انفصال الجنوب وفقدان ثلثي الموارد النفطية مما اثر على سعر صرف الجنيه, كما أثرت على العوامل المحددة والمؤثرة على التضخم".
وأدى انفصال جنوب السودان في عام 2011 إلى حدوث اختلالات أساسية في جسم الاقتصاد السوداني, إذا فقد الاقتصاد ما يزيد على 70 في المائة من موارد النقد الأجنبي , ما خلق فجوة كبيرة وأحدث هزة عنيفة في سوق النقد الأجنبي وسعر الصرف.
كذلك, أثر الانفصال على إيرادات الموازنة العامة فانخفضت بما يقارب 50 في المائة مما أحدث فجوة ضخمة في موازنة الدولة وارتفاعا كبيرا في عجز الموازنة.
وأدت كل تلك العوامل مجتمعة إلى ارتفاع معدل التضخم وتدني الإنتاج المحلي وارتفاع تكلفته, وشهد الاقتصاد السوداني تدنيا واضحا في معدلات النمو في الناتج الإجمالي المحلي منذ عام 2011 "عام الانفصال" حيث انخفض معدل النمو من 5.2 في المائة في عام 2010 إلى 1.9 % في عام 2011 ثم إلى 1.7 عام 2012.
وأعلنت الحكومة السودانية فى سبتمبر 2013 حزمة اجراءات تهدف الى اصلاح الاقتصاد المتعثر, تضمنت زيادة أسعار المواد البترولية, وهو ما أثار وقتها موجة احتجاجات شعبية.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn