غزة أول أغسطس 2014 / فر الآلاف من الفلسطينيين من منازلهم شرق مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة اليوم (الجمعة) هربا من نيران المدفعية والطيران الإسرائيلي المتواصل بعد انهيار سريع لهدنة إنسانية اقترحتها الأمم المتحدة منتصف ليلة الخميس الجمعة.
وغصت بعض شوارع المدينة بجثث وأشلاء وجرحى من النساء والأطفال والمسنين وانتشلت سيارات الإسعاف بعضهم ولم تستطع الوصول إلى آخرين من شدة القصف الإسرائيلي.
ويقول الكثير من الفلسطينيين الذين وصلوا من الضواحي الشرقية لمدينة رفح إلى وسطها وهم في حالة رعب وهستيريا لهول المشاهد "ليس لنا الا الله أمام هذه المجازر البشعة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين".
وتناثرت الدماء على الأرض في قاعة استقبال الضحايا بمستشفى (أبو يوسف النجار)، وأخذ متطوعون نحو 40 جثة لضحايا مدنيين ووضعوها في ثلاجات الموتى بالمستشفى.
ولم يتوقف أحمد أبو عنزة الذي قتل اثنان من أفراد عائلته عن الصراخ داخل المستشفى وهو يقول "قتلوا شقيقتي وقتلوا كثيرا من الجيران..لقد كانوا يرفعون الراية البيضاء ويسيرون على بعد عشرات الأمتار من دبابتين إسرائيليتين وسمح لهم بمواصلة السير لكن القذائف قتلتهم جميعا".
ومثل أبو عنزة كثيرون فروا ونجوا بأرواحهم وكثير من أطفالهم أجهشوا بالبكاء جراء اشتداد القصف الجوي على المدينة.
وقال رجل في دوار العودة وسط مدينة رفح مخاطبا أقرباء له كانوا يبكون قبل أن ينهار مثلهم "شدوا حيلكم (...) كونوا اقوياء لقد ذهبوا شهداء وكلنا سنكون مثلهم".
وتمترست الشابة رحاب زنون مع أطفالها المرعوبين أسفل بناية سكنية وسط المدينة وصرخت "أين سنذهب الآن؟ أين سيذهبون جميعهم ؟ كل العائلات هربت من القتل إلى هنا وما زالت آلة القتل الإسرائيلية تلاحقنا (...) وين الأمم المتحدة والعرب والمسلمين من مجازر إسرائيل".
وقال عماد حجاج وهو يئن ويضع يديه على وجهه "ساعدنا يا الله ونجي عائلتي"، وأجرى الرجل اتصالا هاتفيا بعائلته لكن جميعهم لا يجيبون.
وقالت سيدة باللهجة البدوية وتجر خلفها أطفالها "في عجوز في البيارة قتلوها اليهود والناس محاصره في بيوتهم..".
وهذا الهجوم الإسرائيلي على رفح هو الأعنف منذ الهجوم الذي شن قبل أسبوعين على حي الشجاعية في غزة حيث قتل وأصيب المئات من الفلسطينيين بينما اعلنت إسرائيل أن ثلاثة عشر من جنودها قتلوا وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إنها "أسرت جنديا هناك".
وكانت مئات الأسر في رفح عادت صباح اليوم إلى منازلها شرق المدينة بعد دخول هدنة إنسانية حيز التنفيذ لكن الجيش الاسرائيلي أعلن بعد ساعات من سريانها أن وقف اطلاق النار في غزة انتهى وأن العمليات العسكرية مستمرة.
وفي المقابل ، اتهم مسؤول في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حركة حماس، ب"خرق اتفاق لوقف إطلاق النار مرة أخرى بشكل فاضح".
وفي وقت لاحق أعلن الجيش الإسرائيلي فقدان أحد جنوده بعد هجوم لكتائب القسام ضد إحدى دورياته في جنوب قطاع غزة.
وقال ناطق باسم الجيش للإذاعة الإسرائيلية العامة، إنه تم إبلاغ عائلة الجندي المفقود باحتمال تعرضه لعملية خطف، مؤكدا أن الجيش "يواصل جهوده على الصعيدين العملياتي والاستخباري للعثور على هذا الجندي".
ويستدل من تفاصيل أولية حول هذا الحادث ، بحسب الناطق ، أن ناشطا فلسطينيا "انتحاريا" خرج من فتحة أحد الأنفاق وفجر نفسه بالقرب من القوة العسكرية.
وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي، إن مسلحين فلسطينيين أسروا فيما يبدو جنديا إسرائيليا خلال اشتباك وقع في جنوب قطاع غزة اليوم.
وأضاف أنه تم إبلاغ عائلة الجندي المفقود باحتمال تعرضه لعملية خطف، وأن الجيش "يواصل جهوده على الصعيدين العملياتي والاستخباري للعثور على هذا الجندي".
وسارعت الأمم المتحدة التي توسطت في اتفاق وقف اطلاق النار لمدة 72 ساعة الى دعوة الاطراف الفلسطينية الى اعادة التزامها بالهدنة في غزة.
وقال منسق الأمم المتحدة الخاص في الشرق الأوسط روبرت سري إن أنباء عن مقتل جنديين اسرائيليين وعدد من الفلسطينيين في رفح جنوب قطاع غزة ستمثل في حال التأكد من صحتها "انتهاكا خطيرا" من جانب الفصائل الفلسطينية لوقف اطلاق النار.
واتهم كثير من السكان الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، بالمشاركة في"قتلهم"، وقال حسن أبو موسى الذي هرب مع أسرته بدراجة نارية ثلاثية العجلات (توك توك) "وين هدنة الأمم المتحدة وأمريكا .. نحن مشردون منذ أسابيع وعندما ذهبنا اليوم إلى البيت كدنا أن نقتل وجيران لنا قتلوا وهم يهربون على أقدامهم".
ويقول ناجون، إن الجيش هاجم حيي ابو الروس والتنور شرق رفح تحت تغطية من قبل المدفعية الإسرائيلية التي أطلقت مئات القذائف منذ الصباح.
ونفى متحدثان باسم حماس في غزة والدوحة ما أعلنته إسرائيل عن خطف مقاتلي الحركة الإسلامية لأحد جنودها في رفح وقالا في بيانين منفصلين "إن هذا الزعم يأتي للتغطية على الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين في رفح".
وأعلنت كتائب القسام الجناح العسكري ل(حماس)، أن مقاتليها "خاضوا معارك مع قوة إسرائيلية شرق رفح وكبدوها خسائر فادحة" ولم تتم الإشارة إلى خطف أي من الجنود الإسرائيليين خلال العملية.
وفي هذه الاثناء يتوزع الفارون بين مراكز الإيواء وأقارب لهم في وسط وغرب المدينة التي يقطنها أكثر من مائتي ألف نسمة.
وقال مسؤول في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في رفح ل((شيخوا))، إنها فتحت مزيدا من مراكز الإيواء في المدينة لكن أعداد الفارين الكبيرة تفوق الإمكانات المتوفرة لديها.
ووصف رئيس بلدية رفح صبحي أبو رضوان ما يحصل في المدينة بأنه "بمثابة مجزرة طالت البشر والحجر والشجر".
وقال أبو رضوان الذي لم يصل الى مكتبه منذ بدء إسرائيل عملية (الجرف الصامد) في السابع من الشهر الجاري لـ ((شينخوا))، إن جميع الأحياء الشرقية التي يقطنها حوالي مائة ألف مواطن هربوا من منازلهم و"مئات منهم قتلوا وجرحوا ولا يزالون في الشوارع وتحت الركام".
وأضاف أبو رضوان، أن طواقم البلدية تواصل عملها في قلب المدينة و"يقتل أفرادها مثلما يقتل المدنيين".
وبكت نساء في مركز إيواء جديد بعد أن وصلته أخبار انتشال مسعفين لجثث ثلاثة من أقاربهن وهدم لمنازلهن من شرق المدينة.
وبذل مسعفون وعمال الانقاذ والمتطوعون جهودا محمومة في نقل القتلى واسعاف الجرحى في الشوارع والمنازل التي قصفت على رؤوس ساكنيها.
وقالت مصادر طبية فلسطينية، إن ثلاثة مسعفين قتلوا عصر اليوم في غارة على سيارة إسعاف شمال شرق رفح.
وقالت إدارة مستشفى (أبو يوسف النجار) في بيان مكتوب، إن 63 فلسطينيا قتلوا وأصيب 350 آخرون بجروح وصلوا إلى المستشفى، وأن ثلاثة قذائف إسرائيلية سقطت قرب أحد مداخلها.
ونقل عشرات الجرحى بعد القصف إلى مستشفى آخر في قلب المدينة التي تشكل حدود قطاع غزة الجنوبية مع مصر.
وقال الطبيب حسام شاهين الذي لا يتوقف عن اسعاف الجرحى بالمستشفى "الوضع هنا مأساوي .. كل الإمكانات المتوفرة لا تستطيع مواجهة هذا الكم من الضحايا".
وكان شاهين يتحدث ل((شينخوا)) بينما واصل عمال النظافة سكب الماء والمنظفات على أرضية غرفة الاستقبال لإزالة الدماء.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn