بقلم سحر وو
بكين 19 يونيو 2014 / اختتم رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ اليوم (( الخميس)) زيارته إلى بريطانيا بعدما نجح خلالها في جني ثمار وافرة في شتي المجالات وتمتين الثقة السياسية بين البلدين وضخ حيوية جديدة في شراكتهما التي أضحت عنصرا لا غنى عنه في أجندة السياسة الخارجية لكل منهما.
-- حرص بريطانيا على تطوير علاقاتها مع الصين
وقد أوضح رون تشونغ تسه، نائب مدير المعهد الصيني لبحوث القضايا الدولية، أن أكثر ما يلفت النظر خلال زيارة لي كه تشيانغ على الصعيد السياسي هو ثلاث قضايا تكمن في استقبال ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية للسيد لي، وتأكيد بريطانيا في البيان المشترك على اعترافها بأن منطقة التبت الذاتية الحكم هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية وتعهدها بعدم تأييد استقلال التبت فيما أعرب لي كه تشيانغ عن تأييده لرؤية المملكة المتحدة موحدة في إشارة إلى دعمه لحملة رفض استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة قبل الاستفتاء المقرر إجراؤه في سبتمبر المقبل، واتفاق الجانبين على فتح قنصلية بريطانية في مدينة ووهان وقنصلية صينية في مدينة بلفاست، وموافقة لندن على تسهيل إجراءات حصول المواطنين الصينيين على تأشيرات دخول إلى بريطانيا.
وشرح رون قائلا إن لقاء الملكة إليزابيث الثانية لي كه تشيانغ في قلعة وندسور، رغم أنه ليس رئيسا للدولة، يعكس حرص الحكومة البريطانية البالغ على إنجاح الزيارة ومدى الأهمية التي تمنحها المملكة المتحدة للعلاقات الثنائية مع الصين.
وأردف يقول إن وعد لندن بعدم تأييد استقلال التبت يدل على عزم بريطانيا على فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بعدما تمكنت الدولتان من التخلص من مرحلة صعبة في علاقتهما بدأت باجتماع كاميرون بالدلاي لاما في مايو 2012 رغم اعتراضات بكين، مما أحدث فتورا عميقا في العلاقات الصينية - البريطانية اتبعته إنفراجة في العلاقات المتجمدة عندما قام وفد بريطاني رفيع المستوى برئاسة وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن بزيارة الصين قبيل زيارة كاميرون في ديسمبر2013، مؤكدا أن زيارة كاميرون علامة على عودة العلاقات بين الصين وبريطانيا إلى طبيعتها فيما تعتبر زيارة لي تتويجا لهذه العلاقات.
أما تبادل فتح القنصليات وتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرة فهما بمثابة ترجمة هذه العلاقة إلى حقيقة، الأمر الذي سيصب في صالح زيادة التبادلات بين الجانبين على جميع الأصعدة.
-- مستقبل واعد للبلدين على صعيد التعاون التجاري
وتصدر الجانب التجاري محادثات لي كه تشيانغ مع نظيره البريطاني ديفيد كاميرون، حيث يعلق الجانبان آمالا كبيرة على مواصلة دفع العلاقات التجارية بين هذين الاقتصادين العملاقين في آسيا وأوروبا نظرا لكون بريطانيا ثالث أكبر شريك تجاري وثاني أكبر مستثمر بين الدول الأوروبية بالنسبة للصين، وأعلن الزعيمان في مؤتمر صحفي مشترك التوصل إلى نتائج عديدة في هذا المجال، أبرزها عمل الجانبين على الإرتقاء بحجم التجارة الثنائية إلى 100 مليار دولار أمريكي بحلول 2015، وتوقيع عشرات الاتفاقيات التجارية بقيمة 30 مليار دولار في قطاعي الغاز الطبيعي والطاقة النووية، وكذا الاتفاق على التداول المباشر للعملة الصينية (الرنمينبي) مقابل الإسترليني وإقامة بنك صيني في لندن لتسوية الحسابات بالرنمينبي، كما اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال السكك الحديدية بما فيه القطارات فائقة السرعة على أن يشمل ذلك مجالات مثل التصميم والهندسة والإنشاء وعملية التوريد والصيانة في مشاريع تتم في كل من الصين وبريطانيا.
في هذا الصدد، وقعت شركة بريتش بيتروليوم البريطانية ((بي.بي)) والشركة الوطنية الصينية للنفط البحري ((سنووك)) عقدا بقيمة 20 ملياردولار، تزود الأولى بمقتضاه الأخيرة بالغاز الطبيعي المسال على مدى 20 عاما، ويعد هذا أضخم العقود حيث أنه يغطى على جميع العقود الأخرى ، إضافة إلى توقيع الشركة البريطانية- الهولندية ((شيل)) العقد مع شركة ((سنووك)) الصينية لتشكيل تحالف إستراتيجى شامل.
وفي هذا الصدد، قال تشن أر هون المحلل الاقتصادي بالبنك المركزي الصيني إن التوقيع على هذه الاتفاقية لا يعد فقط برهانا على متانة أواصر العلاقات التجارية الثنائية حسبما أكد كاميرون بقوله إن "بريطانيا هي الاقتصاد الأكثر ترحيبا بالصين"، وإنما سيعمل أيضا على تهيئة ظروف خارجية مواتية للصين لتحقيق التنمية طويلة الأمد.
وفسر قائلا إن التوقيع علي هذه الاتفاقية يؤكد على التكامل الاقتصادي بين الجانبين ومدى الارتقاء بمستوي التعاون وتعميقه وتوسيع مجالاته ، فعلى سبيل المثال لا الحصر، ترحب بريطانيا في البيان المشترك باستثمارات الصين ومشاركتها في برنامج الطاقة النووية البريطاني الجديد، الأمر الذي سيمنح الصين من ناحية الخبرة والتكنولوجيا في مجالات الطاقة والتكنولوجيا الفائقة ومن ناحية أخرى الفرصة للاستفادة على نحو أفضل من نمو السوق البريطاني.
أما فيما يتعلق بتزويد الصين بالغاز الطبيعي بسعر معقول على مدي طويل، فقد أكد تشن أنه سيساعد حتما الصين على تنويع مصادر الطاقة وضمان أمن الطاقة خاصة الطاقة النظيفة التي بات توفيرها يمثل حاجة ملحة للحكومة الصينية لكي تنجز مهمة الحد من التلوث وتحقيق النمو المطرد.
وتعليقا على بدء العمل بنظام التداول المباشر بين اليوان والإستراليني اليوم (الخميس) وقيام بنك الإنشاءات المحدود الصيني في لندن بعمل المقاصة، لفت تشن إلى أنه أمر جيد بالنسبة لتشكيل سعر صرف مباشر للرنمينبى والجنيه البريطاني حيث أنه يقلل التكاليف بالنقد الأجنبي للاعبين بالسوق ويمثل خطوة هامة أخرى نحو تدويل الرنمينبي.
-- تعزيز التبادلات الثنائية في مجالي التعليم والثقافة
كما تعهد لي كه تشيانغ بتعزيز التبادلات الثقافية مع بريطانيا، إذ قال خلال لقائه الملكة إليزابيث الثانية إن الصين وبريطانيا تمثلان الحضارتين الشرقية والغربية على التوالي، وإن الصين على استعداد للتعلم من بريطانيا من أجل الدفع نحو تحقيق دمج جيد بين الثقافة التقليدية والحضارة الحديثة لتقديم إسهامات جديدة لتقدم البشرية.
واتفق الجانبان على أن تقوم الصين بإيفاد عشرة آلاف من الباحثين للتعلم في بريطانيا في غضون خمس سنوات بينما ترسل بريطانيا 80 ألف طالب للدراسة في الصين بحلول عام 2020، وفي الوقت ذاته أعلن الجانبان عام 2015 عاما للتبادل الثقافي الصيني - البريطاني.
وألقي لي خلال الزيارة خطابا في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية ، الذي يعد من كبرى مراكز الأبحاث في بريطانيا، واتفقت المراكز البحثية في البلدين على عقد منتدى مشترك حول موضوع الابتكار والإصلاح .
كما غطي البيان المشترك التعاون الثنائي في مجالات مثل الحضرنة والفضاء والتنمية البحرية والرعاية الصحية والتبادلات الشعبية والتعليم والابتكار العلمي والصناعات الإبداعية والثقافية.
وأكد البيان أن الجانبين يوليان أهمية لصندوق الابتكار العلمي المشترك بين البلدين وسوف يساعدان في البحث والابتكار في المجالات الرئيسية التي تشكل أولوية للبلدين بما في ذلك الصحة والتكنولوجيا البيئية والغذاء والمياه والحضرنة والطاقة والتعليم.
وأوضح رون أن التبادلات الشعبية بين البلدين شهدت تطورا هائلا حيث فُتح في بريطانيا الآن 25 من معاهد كونفوشيوس وقرابة 100 قاعة دراسية لكونفوشيوس ليغدو هذا البلد رائدا في تعليم وتدريس اللغة الصينية في أوروبا، مؤكدا على أن تعزيز التبادلات الدراسية بين الشباب من الطرفين سيساعد قطعا في توسيع رؤيتهم وزيادة الفهم وتقوية الصداقة فيما بينهما، إضافة إلى أن ذلك يصب في صميم دعم الاقتصاد البريطاني نظرا لكون قطاع التعليم يسهم بنصيب غير صغير في الاقتصاد البريطاني.
واستطرد رون قائلا إن إقامة عام الثقافة وإجراء تعاون بين المراكز البحثية في البلدين يعد سابقة على هذا الصعيد ويساعد شعبي البلدين على فهم الآخر بشكل أكبر، فبينما يشرح الجانب الصيني مفاهيمه بشأن بناء الدولة وتشكيل العلاقات الدولية للعالم الغربي عبر هذه المنصة، يتمكن الجانب البريطاني من طرح وجهات نظره واقتراحاته، ما يساعد على الحد من سوء الفهم بين العالمين الغربي والشرقي الناتج عن اختلاف التاريخ والنظم الاجتماعية وأنماط التنمية.
ولا شك أن زيارة لي، وهي الأولى له إلى بريطانيا منذ توليه مهام منصبه في مارس من العام الماضي، تمثل حدثا دبلوماسيا كبيرا آخر في العلاقات بين الصين وأوروبا عقب جولة الرئيس الصيني شي جين بينغ الأوروبية في مارس الماضي وتمخضت عن نتائج مبهرة وغير مسبوقة سوف يستفيد منها شعبا البلدين والعالم بأسره.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn