أعلنت وزارة العدل الامريكية في 19 مايو الجاري، عن تقديمها شكاية في حق 5 شخصيات عسركية صينية، إتهمتهم بالتجسس على أسرار تجارية لشركات أمريكية، من خلال شبكة الإنترنت. هذا السلوك الذي يقلب الأبيض بالأسود أثار غضب الصينيين، وجعل كافة العالم يتعرف مرة أخرى على نفاق ووقاحة الحكومة الأمريكية.
بعد إنكشاف "برنامج بريزم"، عرف كامل العالم بأن أمريكا هي أكبر جاسوس على شبكة الإنترنت، فكيف يعقل أن تتجرأ أمريكا بعد ذلك على أن تتهم الصين؟ برر الجانب الأمريكي ذلك، بأن ممارساته نابعة من الحاجة الوطنية، وأن إستغلال شبكة الإنترنت في جمع المعلومات الإستخباراتية يعد أمرا عاديا، لكن من غير المسموح إستعمال التجسس على الأسرار التجارية لخدمة مصالح الشركات المحلية. ويكتسي هذا التفسير الأمريكي، مستويين من المعاني: أولا، إن أمريكا بإمكانها التجسس على أي دولة أخرى من أجل أمنها؛ ثانيا، إن إمريكا تتجسس على الأسرار التجارية للدول الأخرى، لكنها لا تستخدمها لشركاتها المحلية.
هيمنة أمريكا على العالم، هي محل إجماع كافة العالم، وتقديم أمريكا مصالحها الخاصة على مصالح الآخرين، ليس أمرا غريبا، لكن لنترك ذلك جانبا، ونرى هل تخدم أمريكا شركاتها بالأخبار التجارية التي سرقتها من دول أخرى. ووفقا لتسريبات سنودن، فقد ظلت أمريكا وقتا طويلا تمارس تجسسا وتنصتا واسع النطاق على الشخصيات السياسية الأجنبية، الشركات، والمؤسسات البحثية والأشخاص، ومن المعلومات التي تحصل عليها أمريكا، نجد طبعا كميات كبيرة من المعلومات التجارية. ولسائل أن يسأل، هل فعلا بأن العالم يوجد به كل هذا العدد من الدول، الشركات، المؤسسات، والأشخاص الذين يمثلون خطرا على أمريكا؟ وإذا كانت أمريكا لا تستخدم هذه المعلومات، فمالفائدة من إتعاب نفسها بجمعها؟
للإجابة على هذا السؤال، علينا أولا أن ننظر إلى ما قاله الإتحاد الأوروبي حليف أمريكا في هذه المسألة. قام الإتحاد بإجراء تحقيقات تواصلت سنتان متتاليتان حول عمليات التجسس الأمريكية التي تمس الأسرار التجارية للدول الأوروبية، وفي يوليو سنة 2001، قام بنشر تقرير من 200 صفحة. وقد وصل هذا التقرير إلى خلاصة، تمثلت في أن الإستخبارات الأمريكية بعد حصولها على هذه المعلومات، ستقوم بتقديمها إلى الشركات الأمريكية، لتمكين الشركات الأمريكية من الحصول على مصالح تجارية كبيرة. وقد أطلق جهاز الإستخبارات الأمريكي منذ سنة 1977، برنامجا للتجسس التجاري، يهدف للحصول على الأسرار التجارية لمختلف الدول، من خلال التنصت على المكالمات الهاتفية، قرصنة التيليغرافات، الفاكسات وغيرها من وسائل التواصل، وتقديمها إلى الشركات الأمريكية. وعلى مدى العقود الأخيرة، لم تشهد أعمال التجسسس التجاري في أمريكا تراجعا، بل على العكس ظلت تتزايد بإستمرار.
تقرير الإتحاد الأوروبي المذكور، إلى جانب تقديمه كما كبيرا من التحليلات التقنية، قدم كذلك الكثير من الأمثلة. على سبيل المثال، قام مكتب الأمن القومي الأمريكي بتقديم معلومات عن مفاوضات شركة إيرباص مع السعودية إلى شركتا بوينغ وماكدونال، مامكنهما من الفوز بعقد بلغت قيمته 6 مليارات دولار. ولنفس السبب، تمكنت شركة رايثون الأمريكية من إفتكاك صفقة بقيمة 1.3 مليار دولار من شركة تومسون الفرنسية. وإلى جانب الدول الأوروبية، طرح التقرير عدة أمثلة، عن عمليات التجسس الأمريكية ضد الشركات اليابانية. وبعد الكشف عن برنامج "بريزم"، أجرى البرلمان الأوروبي مجددا جلسة إستماع ضد عمليات التجسس الأمريكية، واعتبر بأن برنامج "بريزم" يعد إمتدادا لبرنامج "إيشلون ماتريكس"، ونصحوا جميع الدول بالإهتمام بما ورد في التقرير، مايعكس بأن هذا التقرير مازال يكتسي أهمية رغم مرور 10 سنوات على كتابته.
وإذا لم تكن حجج الدول الأوروبية مقنعة بما فيه الكفاية، يمكننا أن ننظر إلى مايقوله الأمريكيون. حيث كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير نشرته في سنة 1995 عن عمليات تجسس قام بها جهاز الإستخبارات الأمريكي، لإستغلال المعلومات الإقتصادية اليابانية، وأشارت "نظرا لأن المصالح التجارية في الخارج، أصبحت تحظى بأهمية رئيسية في السياسة الخارجية الأمريكية، أصبح إختراق معلومات الحلفاء لتحقيق المصلحة الإقتصادية، إحدى أهم المهام الرئيسية لمكتب الإستخبارات." وفي الحقيقة، إن الحالات المماثلة، التي كشفتها الصحف الأمريكية، خلال السنوات الأخيرة ليست قليلة، وقصص إستعمال الحكومة، الشركات، والإستخباريين الأمريكيين لعمليات التجسس في تحقيق المصالح، لا تحصى ولا تعد.
لذلك، فإن محاولة أمريكا الفصل بين التجسس التجاري وشن الهجمات الالكترونية بدعوى الحفاظ على الأمن القومي الأمريكي هو محظ نفاق. وإدعاء الحكومة الأمريكية بأن الهجمات الإلكترونية لأجهزتها الإستخباراتية وأنشطة المراقبة، تهدف لحماية الأمن القومي فقط، هو إدعاء لا معنى له.
1. حافظوا على القوانين، والانظمة المعنية التى وضعتها جمهورية الصين الشعبية، وحافظوا على الاخلاق على الانترنت، وتحملوا كافة المسؤوليات القانونية الناتجة عن تصرفاتكم بصورة مباشرة وغير مباشرة.
2. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين كافة الحقوق فى ادارة الاسماء المستعارة والرسائل المتروكة.
3. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين الحق فى نقل واقتباس الكلمات التى تدلون بها على لوحة الرسائل المتروكة لصحيفة الشعب اليومية اونلاين داخل موقعها الالكترونى.
4. تفضلوا بابلاغ arabic@peopledaily.com.cn آراءكم فى اعمالنا الادارية اذا لزم الامر.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn