غزة 2 نوفمبر 2025 (شينخوا) رغم مرور أسابيع على توقف الغارات الإسرائيلية، لا يزال سكان قطاع غزة يعيشون تحت وطأة صدمة نفسية عميقة خلفتها حرب مدمّرة استمرت لعامين، وحصدت معها عشرات الآلاف من الأرواح.
ورغم التفاؤل الدولي بإمكانية صمود وقف إطلاق النار الأخير، ينظر الغزيون إليه بحذر، واصفين الهدنة بأنها "هشة" في ظل غياب الاستقرار النفسي والاجتماعي في القطاع.
وتجلس مريم أبو الكاس (31 عاما) داخل خيمتها شمال غزة، تحدّق في الفراغ، بعد أن فقدت زوجها وأطفالها الخمسة في قصف إسرائيلي قبل عام ونصف العام.
وتقول مريم لوكالة ((شينخوا)) إن الحرب بالنسبة لها "لم تنته بعد".
وتروي مريم بصوت مرتجف "كلما أغمضت عيني أعود إلى تلك الليلة. أسمع الصواريخ تقترب وصراخ أطفالي، ثم صمت طويل. أشعر أنني ما زلت هناك تحت الركام أبحث عنهم بأظافري".
وتضيف "كنت أظن أن الوقت سينسيني، لكن الذكريات تطاردني كل يوم. أستيقظ ليلا على أصوات القصف في رأسي، وأضع يدي على أذني، لكن الصور لا تختفي. أرى الدماء وأسمع الصرخات وكأنها أمامي".
قبل الحرب، كانت مريم تعمل معلمة في مدرسة خاصة وتعيش حياة هادئة مع عائلتها "سعيدة" على حد قولها، ولكنها اليوم بالكاد تستطيع أن تتقبل الحياة.
وتقول مريم لـ ((شينخوا)) "اليوم، أصبحت أشعر بالغربة حتى عن نفسي، فحين أنظر إلى المرآة لا أعرف نفسي... كأن الحرب سرقت ملامحي وصوتي وروحي".
وتعكس قصة مريم معاناة آلاف الغزيين الذين يعيشون اضطرابات ما بعد الصدمة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 68 ألف شخص وإصابة نحو 170 ألفا آخرين، وفق وزارة الصحة في غزة.
وفي خيمة أخرى وسط القطاع، تتحدث سماح أحمد (22 عاما)، وهي طالبة هندسة نزحت من مدينة غزة إلى دير البلح، عن فقدانها أخاها التوأم إسماعيل في قصف استهدف حيّهما.
وتضيف سماح "رأيت الجدار ينهار، وسمعت صوته يصرخ باسمي ثم اختفى. ركضت أبحث عنه وسط الغبار والدخان، لكن لم أجد سوى الرماد. منذ ذلك اليوم، لم أستطع البكاء أبدا".
وتمضي قائلة "أحاول أن أبكي لأرتاح، لكن لا شيء يحدث. كأن قلبي تجمد. لم أعد أشعر بالحزن ولا الفرح. حتى دراستي وأصدقائي أصبحوا بعيدين عني. أعيش على ذكرى إسماعيل وأخاف من الغد".
ويعلّق الأخصائي النفسي سالم أبو طه على حالة سماح قائلا إنها "أحد أشكال الصدمة النفسية الحادة المعروفة بالخدر العاطفي، حيث يتحول الحزن إلى جمود داخلي".
ويضيف "من يعيش تجربة فقد مفاجئ كهذه، خصوصا لشخص مقرب، يدخل في حالة من الانفصال عن الواقع. من دون دعم نفسي متخصص، تتحول الصدمة لاحقاً إلى اكتئاب مزمن أو اضطرابات سلوكية".
ويشير أبو طه إلى أن مئات الشبان في غزة يعانون من حالات مشابهة، نتيجة فقدان أحبائهم أو منازلهم، مؤكدا ضرورة إطلاق برامج علاج نفسي جماعي وإعادة تأهيل للطلبة.
وفي مدينة خان يونس جنوب القطاع، تتجسد الصدمة على وجه الطفلة لانا الشريف (10 أعوام) التي أُصيبت بالبهاق بعد تعرضها لحالة رعب شديد إثر قصف منزل مجاور.
وتقول لوكالة ((شينخوا)) "كنت أحب النظر إلى المرآة، أما الآن فأخاف من وجهي. لم تعد صديقاتي يزرنني كما في السابق".
وتضيف "أستيقظ على كوابيس متكررة وأغلق أذني خوفا من أصوات القصف التي ما زالت تطاردني في المنام".
من جهته، يقول مدير مستشفى الطب النفسي في غزة عبد الله الجمل إن الوضع النفسي في القطاع "كارثي"، موضحا أن المستشفى النفسي الوحيد دُمّر خلال الحرب، مما جعل خدمات العلاج محدودة للغاية.
ويوضح الجمل لـ ((شينخوا)) "الغالبية العظمى من السكان يعانون من اضطرابات نفسية تتراوح بين المتوسطة والشديدة بسبب الخوف المستمر وفقدان الأمان".
ويتابع أن أبرز الحالات المسجلة تتعلق باضطراب ما بعد الصدمة، إضافة إلى سلوكيات مؤذية للذات لدى بعض المرضى، محذراً من أن استمرار الصدمات اليومية ونقص الأدوية قد يؤدي إلى "اضطرابات طويلة الأمد، خاصة بين الأطفال".
ويشير إلى أن نسبة توفر الأدوية النفسية لا تتجاوز 50 بالمائة من الكميات السابقة للحرب، مما يعوق متابعة المرضى، في وقت تفتقر فيه المراكز الصحية للكادر المؤهل والدعم الدولي.
وفي تقرير صدر في أكتوبر 2025 بعنوان "أزمة الصحة النفسية: عامان من العيش في ظل الإبادة الجماعية"، كشف برنامج غزة للصحة النفسية النقاب عن أن 67.8 بالمائة من سكان القطاع يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.
وأوضح أن 96 بالمائة من الأطفال يشعرون بأن الموت وشيك، وأن 92 بالمائة يجدون صعوبة في التكيف مع واقعهم الجديد، فيما تظهر على 87 بالمائة منهم علامات خوف وكوابيس مستمرة.
كما رصد التقرير أن أربعة من كل خمسة أطفال يتجنبون الحديث عن تجاربهم المؤلمة، بينما لوحظت سلوكيات عدوانية لدى نحو 73 بالمائة منهم، ما اعتبره التقرير "مؤشرا خطيرا على انهيار منظومة الأمان النفسي لدى الجيل الصغير".
ويرى خبراء أن نقص الدعم النفسي المؤسسي يمثل أحد أبرز التحديات في غزة بعد الحرب، خاصة مع تدمير عشرات المراكز النفسية والمجتمعية وتراجع أعداد الأخصائيين بسبب النزوح أو الوفاة.
ويقول الدكتور الجمل إن "الهدنة الحالية تمنح فرصة محدودة لتقديم المساندة النفسية، لكنها غير كافية إذا لم تترافق مع بيئة آمنة واستقرار دائم".
ويضيف "الناس بحاجة إلى الشعور بالأمان قبل أي علاج نفسي، لكن حتى الآن، الخوف من عودة القصف ما زال يسيطر على الجميع".
ويرى مختصون أن إعادة تأهيل البنية النفسية للمجتمع الغزي تحتاج إلى خطة طويلة المدى تركز على العلاج المجاني، وتأهيل الكوادر النفسية، وإطلاق حملات دعم اجتماعي للأطفال والنساء.
ويؤكد الأخصائي أبو طه أن "الصدمة الجمعية التي يعيشها الغزيون لا يمكن تجاوزها سريعا، لأنها مرتبطة بغياب العدالة واستمرار الخوف من المجهول".
وفي ظل الدمار الواسع وانقطاع الكهرباء والمياه، يعيش سكان غزة مرحلة ما بعد الحرب بقلوب مثقلة بالذكريات، بين أمل بسلام دائم وخشية من أن تكون الهدنة مجرد استراحة قصيرة قبل جولة جديدة من العنف.



خفي، الصين: أول روبوت تعليمي بشري بالحجم الكامل في العالم يُدرّس فصلًا دراسيًا
ذرة الزينة في يوننان، حبّاتها مثل الأحجار الكريمة
تسليم أول سفينة نقل ركاب كبيرة الحجم تعمل بالوقود المزدوج إلى إيطاليا
طيار يتجول بمركبته الصغيرة فوق ساحة بهانغتشو
ثمار الموز في قوانغشي تبدأ دخول الأسواق
أول قطار سياحي يعمل بالهيدروجين يغادر المصنع في تشانغتشون
بخور على شكل اسطوانات موسيقية قديمة
صيني أحب المعاديد القديمة فأسس لها متحفا
زفاف الرعاة في شينجيانغ: احتفال بتقاليد قديمة تعيش عبر الأجيال
الماس المُستزرع: سوق بقيمة تريليون دولار تنتظر التطوير
شركة شنتشن للطاقة والبيئة تُعزز جهود شنتشن لبناء نموذج حوكمة حديثة
البصل الرملي.. من حاجز الرمال إلى طعام شهي على موائد الاسر في الصين