تعليق: الجولة الجديدة من المشاورات الاقتصادية والتجارية الصينية الامريكية ..   انجاز تحقق بشق الانفس بحاجة الى الحفاظ عليه بشكل مشترك

عقدت الصين والولايات المتحدة جولة جديدة من المشاورات الاقتصادية والتجارية في كوالالمبور، ماليزيا في الفترة من 25 إلى 26 أكتوبر، بالتوقيت المحلي. واسترشادًا بالتوافق المهم الذي تم التوصل إليه في مكالمات هاتفية سابقة بين رئيسي الدولتين هذا العام، أجرى الجانبان مناقشات صريحة ومعمقة وبناءة حول سلسلة من القضايا الاقتصادية والتجارية الرئيسية، وتوصلا إلى توافق أساسي بشأن الترتيبات اللازمة لمعالجة شواغلهما. ولم يتحقق هذا الانجاز إلا بشق الأنفس، ويُظهر مجددًا أن اختلافات الصين والولايات المتحدة، الدولتان الرئيسيتان، في القضايا الاقتصادية والتجارية أمرٌ طبيعي. ولكن، ما دامت الدولتان تجلسان وتتحاوران، ملتزمتين بالتشاور المتساوي والنهج البنّاء، فسيمكنهما معالجة خلافاتهما بشكل سليم وإيجاد سبيل للتعايش.

لقد غطت هذه الجولة من المشاورات التجارية بين الصين والولايات المتحدة مجموعة واسعة من المواضيع، بما في ذلك إجراءات المادة 301 ضد الصين في مجال الخدمات اللوجستية البحرية وبناء السفن، وتمديد تعليق التعريفات الجمركية المتبادلة، وتعريفات الفنتانيل والتعاون في مجال إنفاذ القانون، وتجارة المنتجات الزراعية، وضوابط التصدير، وتُعد هذه القضايا التجارية والاقتصادية المهمة محل اهتمام مشترك للجانبين، وتؤثر على استقرار سلاسل التوريد العالمية. كما اتفق الجانبان على استكمال التفاصيل المحددة واستكمال إجراءات الموافقة المحلية الخاصة بكل منهما. وفي هذه القضايا، لكل من الصين والولايات المتحدة مصالحها ومخاوفها الراسخة، لكن أياً منهما لم يتجاهل المشاكل، بل ركز الجانبان على حلها، وأصرا على تفعيل دور آلية التشاور الاقتصادي والتجاري على أكمل وجه، واستمرا في الحوار والتشاور على قدم المساواة، مما هيأ الظروف المواتية للحل النهائي للمشكلة، وهذا من شأنه أن يُخفف من مخاوف جميع الأطراف، ويعود بالنفع على تنمية الجانبين والاقتصاد العالمي.

يعد التوافق المهم الذي توصل إليه زعيما البلدين، أهم شيء ينبغي على الصين والولايات المتحدة تنفيذه حتى يتمكنا من معالجة الخلافات بشكل صحيح وتعزيز التعاون. منذ بداية هذا العام، أجرى الرئيس شي جين بينغ والرئيس ترامب مكالمات هاتفية متعددة، مما حدد النبرة ورسم المسار لتحسين وتطوير العلاقات الصينية ـ الأمريكية. وبتوجيه من التوافق المهم الذي توصل إليه الزعيمان بالتحديد، عقدت الفرق الاقتصادية والتجارية من الجانبين خمس جولات من المشاورات وتوصلت إلى توافقات إيجابية. وهذا يوضح تمامًا أنه لضمان تقدم سفينتي الصين والولايات المتحدة العملاقتين معًا دون انحراف أو فقدان للسرعة، يجب عليهما الالتزام الثابت بالتوجيهات الاستراتيجية للزعيمين، وتنفيذ التوافق المهم الذي توصل إليه الزعيمان دون هوادة، والتمسك الثابت بالمبادئ الثلاثة للاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين.

إن جوهر العلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية ـ الأمريكية هو المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجانبين، فالتعاون يفيد الطرفين، بينما يضر الصراع بهما، وهذه حقيقةٌ أكّدها مرارًا وتكرارًا تطور العلاقات الثنائية على مدى العقود الماضية. وإن الحفاظ على الاستقرار الشامل وتطور العلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية ـ الأمريكية يخدم المصالح الأساسية لكلا البلدين وشعبيهما، ويلبي تطلعات المجتمع الدولي. وبالنظر إلى الجولات الخمس من المشاورات، فإن كل إشارة إيجابية صدرت من تلك الجولات قد جلبت دفئًا قيمًا للسوق العالمية. وبصفتها دولةً رئيسيةً مسؤولة، أظهرت الصين عزم وحكمة قوة عظمى، ودعت باستمرار إلى أن تُظهر الصين والولايات المتحدة منظورًا واسعًا ومسؤوليةً واسعة، وعارضت باستمرار "فك الارتباط" و"تعطيل سلاسل التوريد" من أجل الحفاظ المشترك على أمن واستقرار سلسلة الإنتاج والتوريد العالمية. كما أكدت الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا أنها لا تنوي الانفصال عن الصين، وأن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين هي العلاقات الثنائية الأكثر تأثيرًا في العالم. وبناءً على هذا التوافق، ينبغي على الجانبين الالتقاء في منتصف الطريق، والاعتزاز بكل نتائج المشاورات، ومواصلة بناء الثقة المتبادلة، وإدارة الخلافات، وضمان التنمية المستقرة والطويلة الأمد للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة على مسار التعاون ذي المنفعة المتبادلة.

وفي ظل مسيرتها نحو التحديث، ستواصل الصين توسيع انفتاحها رفيع المستوى، مما يوفر المزيد من الفرص للعالم، بما في ذلك الولايات المتحدة. وقد استعرضت الدورة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني، التي اختتمت مؤخرًا، ووافقت على مقترحات الخطة الخمسية الخامسة عشرة، التي حددت مخطط التنمية الصيني للسنوات الخمس المقبلة. ومن منظور بعيد المدى، يُعد سعي الصين نحو التحديث الاشتراكي عملية تاريخية من التقدم التدريجي والتنمية المستمرة. وبالالتزام بمبدأ السعي نحو التقدم مع الحفاظ على الاستقرار، ستتمكن الصين من مواجهة أي تحديات خارجية بثقة تامة بتنميتها الذاتية. كما اقترحت الجلسة العامة "التوسع المطرد في الانفتاح المؤسسي، ودعم النظام التجاري متعدد الأطراف، وتوسيع التداول الدولي، وتعزيز الإصلاح والتنمية من خلال الانفتاح، وتقاسم الفرص وتحقيق التنمية المشتركة مع جميع دول العالم". ويعتقد المجتمع الدولي عمومًا أن الصين، في ظل الظروف المضطربة التي نعيشها اليوم، قد أظهرت بصيرة استراتيجية واستقرارًا قويًا من خلال وضع وتنفيذ خطط متوسطة وطويلة الأجل، مما ضخّ يقينًا قيّمًا في التنمية العالمية.

لقد كانت نتائج المشاورات شاقة، وتتطلب جهودًا مشتركة من الجانبين للحفاظ عليها. وتتمتع الصين والولايات المتحدة بالقدرة والحكمة اللازمتين لإيجاد طريق للتعايش والازدهار المشترك. وعندما يحل الحوار محل المواجهة، ويتجاوز التعاون الخلافات، ستتمكن الصين والولايات المتحدة من إيجاد سبل لمعالجة شواغل بعضهما البعض بشكل سليم، وتعزيز التنمية السليمة والمستقرة والمستدامة للعلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية ـ الأمريكية، وتحقيق منافع أكبر لشعبي البلدين وشعوب العالم أجمع.