في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتزايد حالة عدم اليقين، يواصل الاقتصاد الصيني الحفاظ على استقراره وتقدمه المطرد، مضيفًا ثقة مهمة للاقتصاد العالمي.
وقد أظهرت بيانات الأداء الاقتصادي الوطني للأرباع الثلاثة الأولى من عام 2025، الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء الصيني أن الناتج المحلي الإجمالي للصين قد نما بنسبة 5.2% على أساس سنوي في الأرباع الثلاثة الأولى، محققا نموا بـ 0.2 نقطة مئوية و0.4 نقطة مئوية مقارنة بالعام السابق والفترة نفسها من العام الماضي، مما أرسى أساسا متينا لتحقيق الأهداف السنوية الرئيسية.
ويعد معدل النمو الاقتصادي الصيني البالغ 5.2% من بين أعلى المعدلات بين الاقتصادات الكبرى، حيث تظل الصين القوة الدافعة الأكثر استقرارًا وموثوقية للنمو الاقتصادي العالمي. فمنذ بداية هذا العام، وفي ظل وضع معقد من الضغوط الخارجية المتزايدة والصعوبات الداخلية المتعددة، صمد الاقتصاد الصيني أمام هذه الضغوط، محافظًا على أساسياته، ومحققا أيضا اختراقات وتحسينات جديدة في العديد من المجالات الرئيسية، مثبتا قدرته على التكيف والتغلب على التحديات. وخلال الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام، نمت واردات وصادرات الصين من السلع بنسبة 4% على أساس سنوي، مُظهرة مرونة ملحوظة.
في هذا الصدد، علّقت رويترز قائلة إن هذا يُبرز قدرة الصين على التحرر من الاعتماد على سوق واحدة وتحقيق تنوع في المنتجات. وفي مواجهة الرياح المعاكسة للعولمة، ازدادت قوة محرّكات التجارة الخارجية الجديدة للصين، واستمر تنويع الأسواق، وأصبحت منتجات التصدير أكثر ابتكارا وجودة، مؤدية دورا هاما في الحفاظ على استقرار سلسلة التوريد العالمية وسلاسة عملها.
ويكمن مفتاح التقدم الاقتصادي المطرد للصين في إدارة تنميتها الذاتية بكفاءة، والاستجابة لظروف عدم اليقين المصاحبة للبيئة الخارجية سريعة التغير بثقة قويّة. إذ تُعزز سياسات الاقتصاد الكلي الاستباقية القدرة على إطلاق إمكانات الاستهلاك، وتحسين الصناعة وتطويرها، وتحقيق النمو المطرد للمحركات الجديدة، والتداول الاقتصادي المنتظم، والانفتاح المستمر على مستوى عال، مما يُسهم في استقرار الوضع الاقتصادي الراهن وبناء زخم التنمية طويلة الأجل.
وخلال الأرباع الثلاثة الأولى، ساهم الإنفاق الاستهلاكي النهائي بنسبة 53.5% في النمو الاقتصادي الصيني، مواصلا لعب دوره كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي. واستمرت آثار السياسات في تعزيز صناعة المعدات والصناعات المتعلقة بالسلع الاستهلاكية، وتوسيع الإنتاج والتكرار التكنولوجي في مجالات مثل التصنيع الأخضر والتكنولوجيا الرقمية.
وقد أسهم توسيع السوق الوطنية الموحدة، في تسهيل تدفق السلع والكوادر ورأس المال، وتيسير التوزيع داخل السلسلة الصناعية. حيث تظل السياسات الفاعلة والتنوع الغني في الأدوات، واحتياطي السياسات المنتظم، ضامنة لاستقرار الاقتصاد الصيني على المدى الطويل.
في معرض كانتون الـ138 الذي افتتح مؤخرًا، اصطفت طوابير طويلة من الزوار من جميع أنحاء العالم أمام أجنحة عرضت منتجات عالية التقنية، مثل الروبوتات والتصنيع الذكي. وفي ظل تعميق التكامل بين العلوم والتكنولوجيا والصناعة، تنتقل المزيد من الإنجازات الابتكارية من "المختبرات" نحو "خطوط الإنتاج"، محولة "الطاقة الكامنة" للابتكار إلى "طاقة حركية" للاقتصاد.
وتعمل الصين على تطوير قوى إنتاجية جديدة عالية الجودة خصيصا للظروف المحلية، معززة التعديل المستمر لهياكلها الاقتصادية والانتقال المنظم بين محركات النمو الجديدة والقديمة، مضفية حيوية جديدة على التنمية عالية الجودة.
وتتكامل الصناعات التقليدية بنشاط مع "الإنترنت بلس" و"الذكاء الاصطناعي بلس" و"الرقمي بلس"، مسرعة تحديث المعدات والتحول التكنولوجي، ومجددة نشاطها باستمرار.
وخلال الأرباع الثلاثة الأولى، حقق توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية على نطاق واسع في الصين نموا ثنائي الرقم على أساس سنوي. وارتفع إنتاج مركبات الطاقة الجديدة وبطاريات الليثيوم أيون للسيارات وغيرها من منتجات الطاقة الجديدة بنسبة 29.7% و46.9% على التوالي، مما يُظهر تزايد "المحتوى الأخضر" للتنمية الاقتصادية.
على مدار السنوات الخمس الماضية من الخطة الخمسية الرابعة عشرة، تجاوز الناتج الاقتصادي الصيني عتبات 110 تريليونات يوان، و120 تريليون يوان، و130 تريليون يوان على التوالي. وظل متوسط مساهمة الصين السنوية في النمو الاقتصادي العالمي عند حوالي 30%، مما يجعلها أحد أهم محركات التنمية الاقتصادية العالمية.
وفي خضم التغيرات الكبرى التي لم يشهدها العالم منذ وقت طويل، حافظت الصين على استقرارها وعززت أسس تنميتها. وأرست الإنجازات الجديدة الهامة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية أساسا أكثر صلابة وعززت الثقة لمواصلة الرحلة الجديدة للخطة الخمسية الخامسة عشرة.