الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

تغطية حية: "أريد فقط أن أحتضن عائلتي" .. أسرى فلسطينيون محررون يلتقون ذويهم بالضفة الغربية

/مصدر: شينخوا/   2025:10:14.09:26

رام الله 13 أكتوبر 2025 (شينخوا) مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أُفرج اليوم (الإثنين) عن أكثر من 80 أسيراً فلسطينياً كانوا محتجزين في سجن عوفر بمدينة بيتونيا غرب رام الله بالضفة الغربية.

ومنذ الصباح الباكر، وقف مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) على تلة مطلة على سجن عوفر، حيث احتشدت وسائل الإعلام وسكان محليون لمتابعة هذه اللحظة التي انتظرها كثيرون بشغف.

قرب السجن، لفتت مجموعة من المراهقين الأنظار بصخبهم. كانوا طلاباً من مدرسة قريبة حصلوا على يومي عطلة بسبب الحدث. سألهم المراسل إن كان أحد أقاربهم ضمن المفرج عنهم، فأجابوا بالنفي، لكنهم قالوا بثبات: "لا، ولكنهم إخوتنا، إنهم فلسطينيون."

فرح الأطفال بالإفراج، لكنهم لم يُبدوا أملاً في السلام. قال أحدهم: "الإسرائيليون يروننا تهديداً، ولن يتركوا شعبنا بسلام."

وقبل أن يُكمل حديثه، حلّقت طائرة إسرائيلية مسيّرة فوق المكان، وتناثرت منشورات صغيرة كالثلج كتب عليها: "نحن نراقبكم في كل مكان وزمان. من يدعم أو ينضم لأي منظمة إرهابية سيتعرض للاعتقال والعقاب الشديد. تحذير رسمي!".

وفي الوقت ذاته، كانت عربات الجيش الإسرائيلي تجوب محيط السجن، فيما بدأ شبان غاضبون يقذفون الحجارة بأيديهم أو باستخدام مقاليع مصنوعة من القماش والحبال، يصبّون جام غضبهم في وجه المركبات العسكرية.

وردّ الجنود بإطلاق النار عدة مرات. وأصيب أحد الشبان بشظايا الرصاص، بينما أصيب فتى آخر في ركبته، فسال الدم بغزارة. حمله أصدقاؤه على أكتافهم كما لو كان بطلاً، قبل أن يسعفه المسعفون الذين قال أحدهم للمراسل: "الأمر شائع هنا، عليك أن ترتدي درعاً واقياً وخوذة."

عند الساعة 11:40 صباحاً (08:40 بتوقيت غرينتش)، غادرت مركبات الجيش السجن. وبعد نحو ساعة، وصلت حافلات الصليب الأحمر الدولي التي تقل الأسرى المفرج عنهم إلى قصر رام الله الثقافي.

وأطلقت إسرائيل اليوم سراح 1968 أسيرا فلسطينيا مقابل الإفراج عن 20 رهينة أحياء كانت حماس تحتجزهم في قطاع غزة، وذلك في إطار اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا.

وشملت صفقة التبادل الإفراج عن نحو 250 أسيرًا فلسطينيا من ذوي الأحكام العالية أو المؤبدات، إضافة إلى أكثر من 1718 أسيرا من قطاع غزة اعتقلتهم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر 2023، وفق مكتب إعلام الأسرى التابع لحماس ومؤسسات فلسطينية.

ووفق مصادر فلسطينية، أفرجت إسرائيل عن 88 أسيرًا من الضفة الغربية والقدس ضمن الصفقة.

داخل القصر الثقافي، كان الأهالي ينتظرون خلف البوابة الحديدية، يتطلعون بقلق ولهفة. وبينما كان المراسل يبحث عن زاوية للتصوير، شدّت طفلة صغيرة تبلغ من العمر تسع سنوات طرف سترته قائلة: "من فضلك، هل يمكنك أن تبتعد قليلاً؟".

وكانت الطفلة وتدعى زينب تنتظر والدها الذي قضى أكثر من عامين في السجن. إذ قالت بخجل: "أفتقد أبي كثيراً، لكني بالكاد أتذكر ملامحه."

انتظرت زينب مع عمتها أكثر من ثلاث ساعات. قالت العمة بصوت منخفض: "نأمل أن يكون السلام هذه المرة حقيقياً. لم نعد نحتمل الخوف."

وعندما ظهر أول المفرج عنهم نازلاً من الحافلة، دوّى المكان بالتصفيق والهتافات والدموع. هرع الأهالي نحو البوابة الحديدية، يكادون يحطمونها من شدة الشوق.

واحتضن والد زينب طفلتيه بقوة. حاول المراسل الحديث معه، لكن الرجل دمعت عيناه وقال بصوت مرتجف: "لا أريد أن أقول شيئاً الآن... أريد فقط أن أحتضن عائلتي."

عندما دخلت الدفعة الأولى من المفرج عنهم بوابة القصر الثقافي، وبينما كان المراسل يلتفت لالتقاط مشهد آخر، لاحظ صبياً صغيراً يبكي بصمت. سألَه لماذا يبكي، فلم يُجب، واكتفى بتكرار السؤال:" أين أبي؟ أين أبي؟".

وفجأة، اندفع نحو الخارج بين الجموع المتدفقة. جسده الصغير يتعثر بين الأقدام حتى غاب في الزحام. وبعد لحظات، رآه المراسل بين ذراعي والده الذي رفعه عالياً، فيما تنهمر دموع الفرح على وجهه الصغير.

ومن بين هؤلاء الأسرى المفرج عنهم، قضى محمد دراغمة، الذي لم يُدن بأي تهمة، تسع سنوات كاملة في السجون الإسرائيلية.

احتضن دراغمة أبناءه الثلاثة بهدوء يقطّع القلب، وقال: "ما عشناه داخل السجون وخلال النقل لا يمكن وصفه." قبل أن يرفع معصمه ليُظهر آثار القيود العميقة على جلده -- ندوب حمراء لم تزل شاهدة على المعاناة.

خارج القاعة، جلست نساء في سيارة صغيرة، لا تزال دموعهن على وجوههن. أقاربهن لم يُفرج عنهم، وترددت أنباء عن نقل بعضهم إلى مصر، أو احتمال ترحيلهم إلى دول أخرى.

عاد بعض الأحباء إلى أحضان أسرهم، لكن يبقى السؤال الموجع يتردّد في الأذهان: أين هو الوطن الذي يعودون إليه؟.

صور ساخنة