من النيل إلى اليانغتسي.. باحث مصري يلمس التفاعل الحضاري بين مصر والصين

تشونغتشينغ 14 أكتوبر 2025 (شينخوا) في متحف تلال بايخهليانغ المغمور بالمياه على ضفاف نهر اليانغتسي في بلدية تشونغتشينغ بجنوب غربي الصين، تبدو الأسماك الحجرية والنقوش التي خلفها الأدباء قبل مئات السنين ظاهرة بوضوح تحت المياه. وقف الأستاذ الصاوي أحمد باحث من جامعة بنها المصرية، يتأمل المشهد بعمق، فتداعى إلى ذهنه مقياس النيل القديم في جزيرة الروضة على ضفاف نهر النيل في وطنه.

وقال الصاوي إن مقياس النيل المصري وتلال بايخهليانغ الصينية يمثلان تراثا هيدرولوجيا فريدا من نوعه، مضيفا أن الجانب المصري يعمل مع الجانب الصيني على إدراج الموقعين الأثريين القديمين على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وهذه بحد ذاتها ممارسة حية للتفاعل والتبادل بين الحضارتين.

وتقع تلال بايخهليانغ، وهي سلسلة من التلال الحجرية يبلغ طولها 1600 متر وعرضها 15 مترا، في وسط نهر اليانغتسي في تشونغتشينغ، وقد استخدمت كمقياس قديم لمنسوب المياه لأكثر من ألف عام، حيث نقشت عليها نقوش توثق أحوال النهر وترشد أعمال التخطيط الزراعي.

وبالمثل، استخدم مقياس النيل لآلاف السنين لقياس مستويات فيضان نهر النيل، ولعب دورا حاسما في التنبؤ بالمحاصيل ودعم المجتمعات القديمة.

وأكد الصاوي أنه رأى بعينيه أن هناك تشابها بين مقياس النيل وتلال بايخهليانغ فكلاهما يمثل طريقة علمية فعالة للتنبؤ بالظواهر الهيدرولوجية، مشيرا إلى أن الحضارات على ضفاف نهري النيل واليانغتسي تشهد على التعايش المتناغم بين البشرية والطبيعة، وتدعو العالم إلى التعاون لمواجهة تحديات تغير المناخ وحوكمة الموارد المائية.

وخلال السنوات الأخيرة، حقق التعاون بين الصين ومصر في مجال التبادل الحضاري نتائج مثمرة، ففي عام 2018، بدأ علماء الآثار من البلدين أعمال تنقيب مشتركة في معبد مونتو بمدينة الأقصر المصرية، واكتشفوا العديد من القطع الأثرية المهمة. وفي العام الجاري، وقع الجانبان الصيني والمصري في الإسكندرية مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الآثار البحرية والتراث الثقافي المغمور بالمياه، كما تم إطلاق العمل المشترك لتأسيس المركز المصري-الصيني للآثار البحرية والتراث الثقافي المغمور بالمياه.

ولا يقتصر التعاون على مجال الآثار وحماية التراث فحسب، فبحلول نهاية عام 2024، تجاوز حجم التجارة بين بلدية تشونغتشينغ ومصر 924 مليون يوان (حوالي 130.1 مليون دولار أمريكي)، وأقامت الصين ومصر 17 علاقة توأمة بين المقاطعات والمدن، وافتتحتا 8 خطوط طيران مباشرة للركاب، فيما تجاوز عدد السياح الصينيين الذين زاروا مصر خلال العام الماضي 300 ألف سائح.