في هذا النظام الشمسي الشاسع، لا تدور حول الشمس الكواكب الثمانية فحسب، بل يضم أيضًا عددًا هائلاً من الأجرام السماوية الأصغر حجمًا - الكويكبات والمذنبات - التي تتفاوت في الحجم والشكل والخصائص المدارية. الكويكبات أجسام صغيرة تدور حول الشمس، وهي أصغر حجمًا وأقل كتلة من الكواكب والكواكب القزمة، وأقل عرضة لإطلاق الغازات والغبار. توجد مليارات الكويكبات في النظام الشمسي، وهي تُمثل "أحافير حية" لتكوين النظام الشمسي وتطوره. تُعتبر الكويكبات كويكبات قريبة من الأرض إذا كانت مسافة الحضيض الشمسي أقل من 1.3 وحدة فلكية.
تُعد الكويكبات القريبة من الأرض من أكثر الأجرام السماوية تهديدًا للأرض، وقد أدرجتها الأمم المتحدة ضمن قائمة أكبر 20 تهديدًا كارثيًا لبقاء البشرية. ويُعتقد على نطاق واسع أنه قبل 66 مليون سنة، اصطدم كويكب قطره حوالي 10 كيلومترات بالأرض، مما أدى إلى انقراض ما يقرب من 75% من الكائنات الحية حول العالم، بما في ذلك الديناصورات. في 30 يونيو 1908، دمّر انفجار تونغوسكا أكثر من 2000 كيلومتر مربع من الغابات. وفي عام 2013، انفجر كويكب في سماء منطقة تشيليابينسك في روسيا، مما أدى إلى إصابة حوالي 1500 شخص وإلحاق أضرار بنحو 3000 منزل. وبالرغم من أن وقوع أحداث اصطدام شديدة التدمير أمر مستبعد للغاية، لكن الأضرار هائلة والعواقب وخيمة جدا.
إلى غاية مارس 2025، اكتشفت البشرية 38171 جرما سماويا قريبًا من الأرض، منها 38048 كويكبًا و123 مذنبًا. ومع ذلك، نظرًا لصعوبة الرصد، لا يزال عدد كبير من الأجسام القريبة من الأرض غير مُفهرس. ووفقًا للإحصاءات، لم يُفهرس منها سوى 1%. في أوائل عام 2025، أظهر الكويكب 2024 YR4 احتمال اصطدام بالأرض بنسبة 3.1% لفترة وجيزة، مما أثار قلقًا عالميًا.
كيف نتعامل إذن مع هؤلاء "الضيوف غير المدعوين وغير المرغوب فيهم"؟
في المؤتمر الدولي الثالث لاستكشاف الفضاء السحيق، قدّم العلماء الصينيون رؤيتهم لاستكشاف الكويكبات، والدفاع عن كوكب الأرض، واستغلال الموارد، موجهين دعوة مفتوحة للتعاون الدولي.
في السنوات الأخيرة، أطلقت إدارة الفضاء الوطنية الصينية برامج لاستكشاف الأجرام السماوية والكويكبات القريبة من الأرض والتصدي لها والدفاع عن الأرض، واقترحت بوضوح "دراسة بناء نظام دفاعي ضد الأجرام القريبة من الأرض". واقترح العلماء الصينيون رؤية استراتيجية شاملة لاستكشافها وحماية كوكبنا، تشمل الرصد، والإنذار المبكر، والتخلص منها في المدار، واستجابة النظام. إذ سيتم في البداية بناء نظام متكامل للرصد والإنذار المبكر بين الفضاء والأرض، يتميز بدقة الإنذار المبكر وفعالية التشغيل. ثانيًا سيتم إنشاء قدرات تركز على الصدمات الحركية، مع استكمالها بتقنيات إضافية ودعمها بمكتبة استجابة للمهمة لضمان إمكانية معالجة كل تهديد موثوق به من خلال حل مخطط مسبقًا وقابل للتنفيذ.
اقترح علماء صينيون تنفيذ مهمة تجريبية للتخلص من الكويكب في المدار والتحقق من ذلك بحلول عام 2027. وستحقق مهمة الاصطدام الحركي الأولى ثلاثة أهداف رئيسية: أولاً، تغيير مدار هذا الجرم السماوي المستهدف بنجاح؛ ثانياً، مراقبة عملية الاصطدام بأكملها للحصول على بيانات رئيسية مثل السرعة ونقل الطاقة في لحظة الاصطدام؛ ثالثاً، وبعد الاصطدام تتم المراقبة المستمرة للتغيرات المدارية لهذا الكويكب وشكله لتقييم تأثير الاصطدام.
وتتمثل هذه المهمة تحديدا في إجراء اصطدام حركي على جرم سماوي صغير يبعد عن الأرض نحو 10 ملايين كيلومتر، مما يؤدي إلى زيادة سرعته بمقدار 3 إلى 5 سنتيمترات في الثانية، وذلك لتغيير مداره الأصلي، والتحقق من إمكانية الاصطدام الحركي، والتأكد من عدم خطر اصطدامه بالأرض لمدة 100 عام.
من منظور حماية أمن الأرض واستمرار البشرية، يُعدّ بناء قدرات الدفاع ضد الكويكبات مهمة مشتركة للبشرية جمعاء. وبصفتها قوة فضائية مسؤولة، تقع على عاتق الصين المسؤولية والالتزام والقدرة على المساهمة بحكمتها وقوتها لبناء نظام منهجي لاستكشاف الكويكبات والدفاع عن كوكب الأرض، والمشاركة مع بقية دول العالم لحماية كوكبنا.
على الرغم من أن الدفاع عن الأرض ضد هذه الكويكبات حظي باهتمام كبير، فإن اكتشافها وتطوير الموارد والاستفادة منها أمران مهمان بنفس القدر.
إن الكويكبات غنية بالموارد كالحديد والنيكل ومعادن مجموعة البلاتين والجليد المائي، وهي تُصنف أساسًا إلى ثلاث فئات: معدنية، وكربونية، وسيليكاتية. ويحمل تطوير الكويكبات واستغلالها قيمة اقتصادية كبيرة، لذلك تولي الدول الرائدة في مجال الفضاء أهمية بالغة لهذا الأمر. وبحسب تقديرات المنظمات الدولية الموثوقة، فإن من بين نحو ألف كويكب تم استكشافها بالكامل، هناك أكثر من 700 كويكب تبلغ قيمة كل منها أكثر من 100 تريليون دولار، وستتجاوز قيمة تطوير موارد الحزام الرئيسي للكويكبات في الثلاثين عاماً المقبلة 700 كوينتيليون دولار. لا يعد هذا المجال اتجاهًا مهمًا لاستكشاف الفضاء السحيق فحسب، بل يعد أيضًا دعمًا مهمًا لاقتصاد الفضاء في المستقبل وإمدادات الموارد خارج الأرض.
لذلك نحن على ثقة تامة أنه مع الاختراقات المستمرة في التقنيات الجديدة مثل الطاقة النووية الفضائية وتكنولوجيا الكم والذكاء المتجسد، فإن تطوير واستغلال موارد الكويكبات سيتم تعزيزه بشكل كبير نحو نموذج تشغيل تجاري ذكي ومنخفض التكلفة، وسيتم تشكيل سلسلة صناعة تطوير واستغلال موارد الكويكبات على نطاق واسع تدريجيًا، لتصبح جزءًا مهمًا من اقتصاد الفضاء السحيق.
(بقلم/ وو وي رن: المصمم الرئيسي لبرنامج استكشاف القمر في الصين، ومدير وكبير العلماء لمختبر استكشاف الفضاء السحيق.)