تقرير إخباري: "محادثات غزة" تتواصل في مصر وسط جهود مكثفة للتوصل إلى "اتفاق واضح"

القاهرة/ غزة 7 أكتوبر 2025 (شينخوا) تواصلت المحادثات غير المباشرة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في مدينة شرم الشيخ المصرية اليوم (الثلاثاء) في إطار الجهود الرامية لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين في قطاع غزة.

وأفاد مصدر مصري مطلع وكالة أنباء ((شينخوا)) بانطلاق الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة بوساطة مصرية-قطرية اليوم في مدينة شرم الشيخ المطلة على البحر الأحمر.

وكانت المحادثات غير المباشرة بين وفدي حماس وإسرائيل بدأت الاثنين، وذلك عشية الذكرى الثانية للحرب بين الجانبين.

وتأتي المفاوضات بعد موافقة حماس على إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء والأموات الذين تحتجزهم منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023، وفقا لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة.

-- قوائم أسرى وخرائط انسحاب

ومع انطلاق اليوم الثاني من المباحثات، وصفت مصادر فلسطينية مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة بأنها "صعبة ومعقدة".

وقالت المصادر لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن المفاوضات الجارية حاليا بين الفرق الفنية من الطرفين تتمحور حول وضع "الآليات الفنية للمرحلة الأولى" من خطة ترامب.

وقدم الرئيس ترامب في 29 سبتمبر خطة من 20 بندا لوقف الحرب في غزة، وافقت عليها إسرائيل.

وتتضمن الخطة تسليم حماس لكافة الرهائن في غضون 72 ساعة من الإعلان العلني عن موافقة حماس وإسرائيل على الخطة، ونزع سلاح الحركة، وألا يكون لها أي دور في حكم غزة مستقبلا، إلى جانب انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع الساحلي.

والجمعة، أعلنت حماس أنها جاهزة لتسليم الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لديها في قطاع غزة وفقا لخطة ترامب، الذي رحب بذلك وطالب إسرائيل بوقف قصف غزة على الفور.

وقالت المصادر إنه بحسب خطة ترامب من المفترض أن تفرج حماس عن جميع الرهائن، الذين تقول إسرائيل إن عددهم 48 شخصا، من بينهم 20 على قيد الحياة، في مقابل إفراج إسرائيل عن المئات من الأسرى الفلسطينيين.

وأوضحت المصادر أن الفرق الفنية تناقش حاليا الخرائط المفصلة التي قدمها الوفد الإسرائيلي لمناطق انسحاب الجيش، إضافة إلى قوائم الأسرى الفلسطينيين الذين ستفرج عنهم إسرائيل.

في المقابل قدمت حركة حماس الآليات التي ستفرج بموجبها عن الرهائن الإسرائيليين في غزة، والتصور الخاص بكيفية تسليم جثث الرهائن القتلى، وما يصاحب ذلك من معيقات تتعلق بوجود بعض الجثث في مناطق يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي حاليا.

وقال مصدر قيادي في حماس إن وفد الحركة ركز خلال جلسات اليوم الثاني على مناقشة خرائط الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وآلية وجدولة تبادل الأسرى.

وأوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن وفد حماس "طالب بربط مراحل الإفراج عن أسرى الاحتلال بمراحل الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع"، مؤكدا أن الحركة "تصر على أن يتزامن الإفراج عن آخر أسير إسرائيلي مع آخر انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة".

وأضاف أن وفد الحركة شدد خلال الاجتماع على "ضرورة وجود ضمانات دولية تضمن وقفا نهائيا للحرب وانسحابا كاملا وشاملا للقوات الإسرائيلية".

وبالتزامن قال رئيس وفد حماس المفاوض خليل الحية إن الحركة جاءت إلى شرم الشيخ "لإجراء مفاوضات مسؤولة وجادة تهدف إلى وقف الحرب على قطاع غزة"، مضيفا أن "الاحتلال الإسرائيلي شن حربا مجنونة على القطاع منذ عامين".

وأوضح الحية في تصريح متلفز لقناة ((القاهرة الإخبارية)) أن الوفد "يحمل طموحات الشعب الفلسطيني في تحقيق الاستقرار وإقامة الدولة وتقرير المصير".

وأكد الحية استعداد حماس "لوقف الحرب بكل مسؤولية"، لكنه أشار إلى أن "الاحتلال يواصل القتل والإبادة وينكث وعوده بشأن وقف العدوان"، مشددا على ضرورة "وجود ضمانات دولية تضمن إنهاء الحرب بشكل نهائي".

وجاءت الجولة الجديدة من المفاوضات بعد أسابيع من توقفها، فيما قالت وسائل إعلام مصرية إن جولة المفاوضات التي عقدت الاثنين كانت "إيجابية".

وتتزامن المفاوضات مع الذكرى الثانية للهجوم الذي شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل، ما أشعل فتيل حرب طاحنة بين الطرفين.

-- "جهود مكثفة"

ونقلت قناة ((القاهرة الإخبارية)) اليوم عن مصادر لم تسمها، قولها إن "مصر تكثف جهودها مع مختلف الأطراف من أجل التوصل إلى اتفاق واضح، وتحديد الآليات والإجراءات المطلوبة لتنفيذ خطة ترامب".

وأضافت أن "مصر بدأت مناقشة قوائم الأسرى الفلسطينيين المزمع الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية وفق اتفاق التبادل".

وأشارت إلى أن "قوائم الأسرى التي تطالب حماس بالإفراج عنهم تضم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وحسن سلامة وعباس السيد وآخرين".

ولفتت إلى أن "حماس أكدت استعدادها لتسليم جميع الرهائن والمحتجزين الأحياء والجثامين".

وفي السياق، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن مفاوضات شرم الشيخ تبحث "إنشاء آلية أمنية" تضمن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، مشيرا الى إحراز "تقدم كبير فى سبيل إنهاء الحرب على غزة".

وقال عبد العاطي، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته السلوفينية تانيا فايون بالقاهرة، إن المفاوضات الجارية في شرم الشيخ تعمل على التوصل إلى اتفاق حول المرحلة الأولى من المقترح الأمريكي، من خلال "العمل على إطلاق سراح الرهائن وعدد من الأسرى الفلسطينيين، وإعادة انتشار القوات الإسرائيلية لتهيئة المناخ على الأرض لإتمام خطوة إطلاق سراح الرهائن".

وأضاف أنه "يجرى أيضا الحديث عن النفاذ الكامل للمساعدات الإنسانية لداخل القطاع ضماناً لعدم تهجير الفلسطينيين، وأن يتم ذلك عبر القنوات الأممية، وأيضا إنشاء آلية أمنية تضمن أمن جميع الأطراف وتضمن الانسحاب الكامل الإسرائيلي من قطاع غزة".

ومن المتوقع، بحسب الإذاعة العبرية، أن ينضم ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، إلى جانب جاريد كوشنر صهر ترامب، إلى المفاوضات يوم غدٍ (الأربعاء).

ولم تستبعد الإذاعة انضمام وزير الشؤون الاستراتيجية رون دريمر إلى المفاوضات في وقت لاحق لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق.

وفي الدوحة، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن المفاوضات في شرم الشيخ مستمرة، ومن السابق لأوانه الحديث عن نتائج.

وأضاف الأنصاري، في مؤتمر صحفي، أن خطة ترامب تتألف من 20 نقطة، وتتضمن الكثير من التفاصيل، محملاً إسرائيل مسؤولية استمرار القصف في غزة، مؤكدا أن جميع الأطراف وافقت على خطة ترامب، وأن العقبات الآن تكمن في "التطبيق".

ميدانيا، شن الجيش الإسرائيلي اليوم هجمات جوية ومدفعية على مناطق متفرقة من غزة المدمر أوقعت عشرة قتلى على الأقل منذ صباح اليوم، بحسب الدفاع المدني في القطاع.

-- القصف مستمر على غزة

وأفادت مصادر محلية وشهود عيان بأن طائرات حربية ومسيرة إسرائيلية استهدفت منازل وشققا سكنية في مناطق متفرقة من القطاع لاسيما حيي الصبرة وتل الهوى جنوب مدينة غزة ومخيم الشاطئ غربها ومدينة خان يونس جنوب القطاع.

كما قصفت المدفعية الإسرائيلية شقة سكنية في حي الرمال وسط مدينة غزة ومناطق في أحياء الزيتون والصبرة وتل الهوى والشجاعية والتفاح، بالإضافة إلى تفجير آليات عسكرية محملة بالمتفجرات قرب الأحياء السكنية، بحسب المصادر وشهود العيان.

وقال الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في غزة محمود بصل لـ ((شينخوا)) إن عمليات القصف الجوي والمدفعي على القطاع خاصة مدينة غزة أسفرت منذ صباح اليوم عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل وإصابة عدد آخر بجروح متفاوتة.

وأفاد سكان محليون بوقوع اشتباكات بين مسلحين فلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع، وسط إطلاق نار من قبل الطائرات المروحية التي كانت تحلق على ارتفاع منخفضة.

في المقابل، ذكرت الإذاعة العبرية العامة أن عناصر حماس هاجموا مواقع للجيش الإسرائيلي ونفذوا عمليات إطلاق نار وقذائف مضادة، ما أدى إلى مقتل جندي على الأقل وإصابة خمسة آخرين بجروح.

ولم يصدر أي تعليق من قبل حماس وجناحها العسكري كتائب القسام أو من قبل الجيش الإسرائيلي على تلك التطورات الميدانية.

وفي الذكرى السنوية لهجوم السابع من أكتوبر 2023 على إسرائيل، قالت حركة حماس في بيان بالمناسبة إن الهجوم شكل "نقطة تحول كبيرة في المشهد السياسي والعسكري للمنطقة".

بدورها قالت فصائل المقاومة الفلسطينية، وتشمل حماس والجهاد الإسلامي، في بيان منفصل، إن "خيار المقاومة بكل أشكالها سيظل السبيل الوحيد لمواجهة العدو ولا يحق ولا يجوز لأي أحد التنازل عن سلاح الشعب الفلسطيني".

وأضاف البيان أن "هذا السلاح المشروع والذي كفلته كافة القوانين والمواثيق الدولية، وستتوارثه الأجيال الفلسطينية جيلاً بعد جيل، حتى تحرير أرضه ومقدساته ونيله الحرية وحقوقه المشروعة مهما كانت جسامة التضحيات والأثمان".

من جهته قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى في مستهل اجتماع حكومته في مدينة رام الله اليوم إن سكان قطاع غزة "بحاجة إلى تكاتفنا جميعاً، لنضمد جراحهم ونخفف آلامهم"، مؤكدا أنه "من غير الممكن تحقيق ذلك إلا عبر تمكين الحكومة الفلسطينية من القيام بدورها الكامل في تنفيذ خطة الإغاثة والإنعاش المبكر وصولاً إلى إعادة الإعمار، بدعم من جميع الأشقاء والشركاء لتثبيت صمود أهلنا في القطاع".

وشنت حماس هجوما مفاجئا وغير مسبوق على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 أطلقت عليه اسم "طوفان الأقصى" أودى بحياة 1200 شخص وفقا لأرقام إسرائيلية رسمية.

فيما ردت إسرائيل بحملة عسكرية واسعة النطاق على قطاع غزة أسفرت عن مقتل ما يزيد على 67 ألف فلسطيني بينهم 20179 طفلا و10427 سيدة و4813 من كبار السن و31754 من الرجال، وفق وزارة الصحة في غزة، بالإضافة إلى دمار غير مسبوق.