غزة 24 أغسطس 2025 (شينخوا) كثف الجيش الإسرائيلي اليوم (الأحد) عملياته البرية في شمال وجنوب قطاع غزة، وتقدم في أحياء سكنية بمدينة غزة ومحيطها، تحت غطاء من القصف الجوي والمدفعي، وسط تحذيرات من اجتياح المدينة المكتظة بالسكان.
وقال شهود عيان ومصادر أمنية فلسطينية إن دبابات إسرائيلية تقدمت في حيي الزيتون والصبرة جنوب مدينة غزة، ومنطقة جباليا شمال القطاع، في وقت نفذت فيه طائرات حربية ضربات متواصلة على المباني والمنازل في تلك المناطق.
وأفاد الشهود أن أصوات الانفجارات و"الأحزمة النارية" سمعت على نطاق واسع، بينما نزحت عشرات العائلات إلى غرب المدينة وجنوب القطاع بحثاً عن مأوى أكثر أمناً.
وذكر الفلسطيني أحمد حمد، وهو أحد سكان حي الصبرة، في اتصال هاتفي مع وكالة أنباء ((شينخوا)) أن الأهالي فوجئوا بانتشار الدبابات قرب منازلهم، ما حال دون مغادرتهم أو النزوح إلى مناطق أخرى.
وأكد أن الوضع في المنطقة "أصبح غير آمن"، وأن السكان يعيشون حالة من الذعر والارتباك.
وفي حي الزيتون المجاور، الذي يشهد عمليات توغل إسرائيلية منذ نحو أسبوعين، قال شهود عيان إن الحي تحول إلى "مدينة أشباح" في ظل استمرار القصف الإسرائيلي.
وقال إبراهيم شحيبر، وهو أحد سكان الحي "إن الوضع في حي الزيتون لا يطاق، ولا يستطيع أحد العيش فيه نظرا لكثافة القصف والاستهدافات"، مضيفا "أن كل من يحاول البقاء أو الوصول إلى الحي يتعرض لإطلاق النار".
من جهته، قال الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في غزة محمود بصل، لـ((شينخوا)) إن الطائرات والمدفعية الإسرائيلية استهدفت عمارات سكنية مرتفعة في تلك المناطق.
وأشار إلى وجود عشرات العائلات العالقة في حيي الزيتون والصبرة وجباليا، فيما اضطرت أخرى إلى النزوح خوفاً على مصيرها باتجاه غرب غزة وجنوب القطاع.
وتابع بصل أن النازحين لا يعلمون إلى أين يذهبون في ظل انعدام المناطق الآمنة في القطاع، مشيراً إلى أن المستشفيات تعاني من الدمار وتفتقر بشدة إلى المستلزمات والطواقم الطبية.
وفي الثامن من أغسطس الجاري، وافق المجلس الأمني المصغر في إسرائيل على خطة للسيطرة على مدينة غزة.
وصادق وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، مساء الثلاثاء الماضي على "خطة احتلال مدينة غزة"، وأصدر أوامر باستدعاء 60 ألفاً من قوات الاحتياط، وفق وسائل إعلام محلية.
من جهتها، قالت الإذاعة العبرية العامة إن الجيش صعد غاراته خلال الساعات الماضية على مناطق مختلفة في القطاع، واستهدف مدينة غزة وخان يونس جنوب القطاع، وجباليا في شماله.
واستهدفت الغارات منذ فجر اليوم منازل وشققاً سكنية ومدرسة وخياماً تؤوي نازحين في مناطق متفرقة من القطاع، وفق بصل.
وتزامناً مع الغارات، أطلق الجيش الإسرائيلي النار على فلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على الطعام قرب مركزي توزيع مساعدات عند محور نتساريم وسط وجنوب القطاع.
وقال بصل إن 25 فلسطينياً على الأقل قتلوا منذ فجر اليوم، وأصيب العشرات بجروح متفاوتة جراء الغارات وإطلاق النار.
وأدان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ما وصفه بمخططات وتهديدات الجيش الإسرائيلي باجتياح مدينة غزة، التي يقطنها أكثر من مليون إنسان، بينهم ما يزيد عن 500 ألف طفل، معتبراً أن هذه الخطوة تمثل "تصعيداً خطيراً وتهديداً مباشراً لحياة مئات آلاف المدنيين".
وحذر المكتب في بيان من أن أي اجتياح لمدينة غزة سيشكل "جريمة حرب كبرى، خاصة في ظل التدمير الممنهج للمنظومة الصحية وتوقف المستشفيات عن العمل بكامل طاقتها".
وطالب البيان المجتمع الدولي بالوقوف أمام مسؤولياته "لردع الاحتلال ووقف جرائمه وحماية المدنيين، وضمان بقاء المنظومة الصحية فاعلة داخل المدينة".
من جهتها، حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان من المخاطر المترتبة على إعادة "احتلال مدينة غزة ونتائجه الكارثية في تعميق الإبادة والمجاعة".
ودعا البيان إلى إجراءات دولية حازمة وترتيبات عملية ملزمة لإنقاذ الحياة في قطاع غزة والتحلي بالجرأة اللازمة لمواجهة "الاستخفاف الإسرائيلي"، معتبراً أن المجاعة في القطاع "ليست طبيعية أو ناتجة عن شح الإمكانيات بل هي سياسة إسرائيلية متعمدة".
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة اليوم تسجيل ثمان حالات وفاة نتيجة سوء التغذية والمجاعة خلال الـ24 ساعة الماضية، ما يرفع إجمالي ضحايا المجاعة منذ بداية الحرب إلى 289 حالة، من بينهم 115 طفلاً.
وتشن إسرائيل حرباً واسعة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، في أعقاب هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب إسرائيل، أسفر، بحسب السلطات الإسرائيلية، عن مقتل 1200 شخص واحتجاز رهائن.
فيما بلغت حصيلة القتلى الفلسطينيين منذ بدء الحرب 62686 شخًصا، إضافة إلى 157951 جريحاً، وفق وزارة الصحة في غزة.
ويأتي التصعيد العسكري في وقت لم تقدّم فيه إسرائيل بعد ردًا رسميًا على مقترح قدمه الوسطاء المصريون والقطريون الأسبوع الماضي بشأن صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق النار وافقت عليه حركة حماس.