الصفحة الرئيسية >> التبادلات الدولية

تعليق: استمرار الوفاء للمهمة التأسيسية للأمم المتحدة

كانت الحرب العالمية ضد الفاشية حربا عادلة خاضتها دول الحلفاء، إلى جانب جميع القوى المناهضة للفاشية في العالم خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، ضد عدوان دول المحور المتمثل في ألمانيا واليابان وإيطاليا والدول التابعة لها.

وقد تأسست الأمم المتحدة على الانتصار العظيم الذي حققته الحرب العالمية ضد الفاشية، لتصبح إنجازا مشتركا للدول المتحالفة، ولعبت دورا محوريا في حفظ السلام الدولي وتعزيز هياكل الحوكمة العالمية التي شُكّلت في حقبة ما بعد الحرب.

بوصفها قوة حليفة رئيسية، شاركت الصين في العملية برمتها، من إعداد الأمم المتحدة إلى إنشائها.

في يناير 1942، انضمت الصين إلى الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة في قيادة 26 دولة للتوقيع على إعلان الأمم المتحدة في واشنطن العاصمة، لتكريس التحالف العالمي ضد الفاشية.

في أكتوبر 1943، وقّعت الصين والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة إعلان الدول الأربع بشأن الأمن العام في مؤتمر موسكو، داعية إلى إنشاء "منظمة دولية عامة" (سُمّيت لاحقًا الأمم المتحدة) للحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وكانت الصين من أوائل الموقعين وسهّلت اعتماد الإعلان.

في مؤتمر القاهرة الذي عُقد في نوفمبر 1943، ساهمت الصين مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في صياغة إعلان القاهرة، مُرسيةً مبادئ قانونية أساسية لنظام ما بعد الحرب، إلى جانب إعلان بوتسدام.

وخلال مؤتمر دمبارتون أوكس (أغسطس– أكتوبر 1944)، تعاونت الصين مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد السوفيتي لصياغة إطار ميثاق الأمم المتحدة.

في فبراير 1945، أرسى مؤتمر يالطا الهيكل الأساسي للأمم المتحدة، مؤكّدا عضوية الصين كواحدة من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ومن أبريل إلى يونيو 1945، شارك الوفد الصيني في مؤتمر الأمم المتحدة حول المنظمة الدولية، ووقع ميثاق الأمم المتحدة، وفي أكتوبر تأسست الأمم المتحدة رسميا.

وقدمت الصين العديد من المفاهيم والمقترحات ذات الخصائص الصينية المميزة، والمتجذرة في تقاليدها التاريخية وممارساتها التنموية، ودافعت باستمرار عن مصالح وتطلعات الدول الصغيرة والضعيفة. وتطورت مبادئ التعايش السلمي الخمسة التي اقترحتها الصين لتصبح إطارا توجيهيا لتنفيذ مقاصد ميثاق الأمم المتحدة، وتقديم مبادئ عملية لحل النزاعات الدولية وتعزيز ديمقراطية العلاقات الدولية.

وكان أهم ما ميز المشاركة الصينية هو منح الأمم المتحدة طابعا عالميا وتمثيليا أكبر، وتعزيز إنهاء الاستعمار ودفع عملية التحديث على المستوى العالمي.

واصلت الصين إثراء محتوى ميثاق الأمم المتحدة من خلال الأفعال، ودعمت النظام الدولي الذي تشكل الأمم المتحدة جوهره، وعارضت الأحادية والهيمنة.

في سبيل صون السلام والأمن العالميين، أرسلت الصين أكثر من 50 ألف جندي إلى 30 مهمة حفظ سلام معتمدة من الأمم المتحدة حول العالم. ودعت الصين إلى الحلول السياسية وشجعت الحوار بين الأطراف المتساوية، وعارضت استخدام القوة أو العقوبات خارج تفويض مجلس الأمن.

كما أُدرجت مبادرة الحزام والطريق الصينية ورؤية بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية في قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتعمل كمنصة اتصال استفادت منها 172 دولة ومنظمة دولية، ومسار رئيسي لمواجهة تحديات الحومكة العالمية

وقد أحرزت الصين تقدما ملحوظا في التعاون بين بلدان الجنوب من خلال صناديق استفاد منها أكثر من 60 دولة و30 مليون شخص، إلى جانب إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك التنمية الجديد لتقديم دعم مالي حيوي للاقتصادات النامية وتسريع الرخاء الإقليمي.

وفي مجال حوكمة المناخ العالمية، التزمت الصين بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى ذروتها قبل عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060، وعززت تنفيذ اتفاقية باريس، وأخذت زمام المبادرة في قيادة التحول الأخضر العالمي.

كما أحرزت الصين تقدما ملموسا في الحد من الفقر، إذ أصبحت أول دولة تحقق الأهداف الإنمائية للألفية للأمم المتحدة، وحققت هدف الحد من الفقر في خطة التنمية المستدامة للأمم المتحدة لعام 2030 قبل الموعد المحدد بعشر سنوات، مسهمة بأكثر من 70% من الحد من الفقر العالمي.

وتُعد الصين أيضا ثاني أكبر مساهم في الميزانية العادية للأمم المتحدة وعمليات حفظ السلام، ودعم صندوق الصين-الأمم المتحدة للسلام والتنمية نحو 180 مشروعا استفادت منها أكثر من 100 دولة، مساهمةً بقيمة ملموسة في السلام والتنمية العالميين.

على مدى ثمانية عقود، شهد العالم تحولات عميقة. من ساحات المعركة الشرقية الملطخة بالدماء في الحرب العالمية ضد الفاشية، إلى كون الصين أول دولة توقع على ميثاق الأمم المتحدة؛ ومن دعم حق تقرير المصير للدول الناشئة، إلى المساهمة في التنمية المستدامة للدول النامية؛ ومن تجاوز عقلية المحصلة الصفرية إلى دفع مبادرة الأمن العالمي لحماية النظام الدولي لما بعد الحرب، ظلت الصين، كدولة كبرى مسؤولة، وفية لطموحها الأصلي. وقدمت مساهمات بارزة في حماية السلام العالمي، وتعزيز التنمية المشتركة، ومواجهة التحديات العالمية.

واليوم، تواصل الصين سعيها نحو التحديث لتعزيز الرخاء العالمي المشترك، وبث اليقين في عالم مضطرب، مسهمة بالحكمة والقوة في قضايا السلام والتقدم والتنمية البشرية.

(بقلم/ وو شيان، باحث زائر خاص في مركز أبحاث فكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية.)

صور ساخنة