الصفحة الرئيسية >> الثقافة والحياة

جمال الفصول: إشراقة الخريف

7 أغسطس 2025/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ مرحبا بكم، أنا سيسي، عاشقة السفر والطبيعة. يصادف اليوم بداية الخريف وفق التقويم الشمسي الصيني، أو ما يُعرف بـ"لي تشيو"، أول فصول الخريف الشمسية. دعونا نستكشف معا ملامح هذا التحول الموسمي في مدينة تشنغده، بمقاطعة خبي شمال الصين.

في اللغة الصينية، يُشير الحرف "لي" إلى "البداية"، بينما يدل "تشيو" على "نضج الحبوب". ومع حلول "لي تشيو"، تبدأ حرارة الصيف بالتراجع تدريجيا، لتفسح المجال لبرودة الخريف اللطيفة، مُعلنة انتقال الطبيعة من دورة النمو إلى مرحلة النضج والاكتمال. وقد شكّل هذا التحول، منذ العصور الزراعية القديمة، محطة محورية في الحياة الريفية، كونه يبشّر باقتراب موسم الحصاد.

في هذه الفترة من العام، تكشف زيارة إلى منتجع تشنغده الجبلي عن مشهد بديع: أشجار صنوبر زيتي شاهقة، بإبر خضراء داكنة تتلألأ تحت سماءٍ صافية. تحمل هذه الأشجار بين طبقات لحائها حلقات نمو صامتة، توثّق مرور الفصول الشمسية الأربعة والعشرين. وتتدلّى منها أقماع صنوبر في سكون، بينما تفوح رائحة الراتنج العطرة مع نسيم الخريف العابر. لا يقتصر دور الراتنج على تحصين الأشجار لمواجهة برد الشتاء، بل يحمل في طياته أيضا رمزية "روح الحرفية الدائمة"، حيث تُشبّه شجرة الصنوبر بالفضيلة الثابتة.

ورغم أن "لي تشيو" يعلن دخول الخريف، فإن أجزاء واسعة من الصين لا تزال ترزح تحت وطأة "سانفو" – أشد أيام الصيف حرارةً. وتُشبّه هذه الحرارة المستمرة بـ"نمر الخريف" (تشيولاوهو)، في إشارة إلى عنفوانها المتأخر. من هنا، فإن "لي تشيو" يمثل بداية رمزية أكثر من كونه تغيرا فعليا في الطقس، وكما يقول المثل الصيني: "دخل الخريف، لكن الحرارة لم ترحل".

ترتبط طقوس "لي تشيو" بعدد من العادات الغذائية التقليدية، أبرزها: "التزود بالطاقة في الخريف" (تيه تشيو بياو) و"مضغ الخريف" (كين تشيو). الأولى تعني تناول اللحوم لتعويض ما فُقد من طاقة خلال الصيف القائظ، فيما تشير الثانية إلى عادة أكل البطيخ في هذا اليوم تحديدا – كرمز لتوديع حرارة الصيف ومضغ آخر ما تبقّى من وهجها.

وفي نفس الفترة تقريبا، يحتفل الناس في تركمانستان بـ"مهرجان البطيخ" السنوي. حيث يتوافد الناس لتذوّق وعرض أصناف البطيخ الحلوة والعصيرية، احتفاء بعطاء الأرض وموسم الحصاد. هذا التلاقي بين طقوس الشعوب المختلفة يعكس احتراما مشتركا لإيقاع الطبيعة، وشغفا إنسانيا بالوفرة والرخاء.

"بعد المطر المنعش في الجبال الجرداء، يهبّ نسيم المساء محملا بروح الخريف." أينما كنتم، نتمنى أن تصلكم برودة الخريف اللطيفة وسكينته، عابرة للحدود، حاملة معها سلاما نقيا يلامس أرواحكم.

صور ساخنة