الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

رؤية شرق أوسطية: تداعيات حرب إسرائيل وإيران تطال الدول العربية اقتصاديا

/مصدر: شينخوا/   2025:06:18.09:16

عواصم عربية 17 يونيو 2025 (شينخوا) تمثل الحرب الإسرائيلية - الإيرانية خطرا استراتيجيا واقتصاديا على الدول العربية، التي طالها بالفعل تداعيات اقتصادية مباشرة وغير مباشرة جراء هذه الحرب، بحسب محللين عرب اليوم (الثلاثاء).

ورغم إقرار هؤلاء المحللين بأن هذه التداعيات لا تزال محدودة إلى الآن، إلا أنهم حذروا من "السيناريو الأسوأ"، وهو غلق مضيق هرمز الذي تعبر منه أكثر من 20% من تجارة النفط العالمية أو إطالة أمد الحرب واتساع رقعتها الجغرافية لتشمل دولا أخرى، ما يفاقم التداعيات الاقتصادية.

وشنت إسرائيل يوم الجمعة الماضي هجوما واسعا على إيران "لضرب برنامجها النووي"، في عملية أطلقت عليها اسم "الأسد الصاعد"، امتدت على عدة موجات، وطالت عددا من المنشآت النووية الإيرانية، إضافة لقيادات وأهداف عسكرية ومدنية إيرانية أخرى.

وردت إيران مساء الجمعة بعملية "الوعد الصادق 3" بتوجيه "ضربات دقيقة وقوية ضد عشرات الأهداف" في إسرائيل، ومنذ ذلك الوقت تتبادل البلدان الهجمات العسكرية وتتوسع دائرة استهداف المنشآت في الجانبين.

-- منعطف خطير

وقال المحلل الاقتصادي اليمني عبد الحميد المساجدي إن الحرب بين إسرائيل وإيران تمثل منعطفا خطيرا في المنطقة، لكن تداعياتها على اليمن خصوصا في مناطق سيطرة الحوثيين (صنعاء ومعظم مناطق الشمال ذات الكثافة السكانية في اليمن) تبدو أشد وطأة من غيرها، لأن الجماعة تعتمد بشكل شبه كلي على الدعم الإيراني سواء في الجوانب العسكرية أو الاقتصادية".

وأضاف المساجدي، وهو رئيس منتدى الإعلام والبحوث الاقتصادية، لوكالة أنباء ((شينخوا)) أنه "في حال استمرت هذه الحرب أو تصاعدت، فإن تدفق المواد الحيوية من إيران مثل الوقود والأدوية وقطع الغيار سيشهد اضطرابا حادا، ما يعني ارتفاعا كبيرا في الأسعار وانتعاشا للسوق السوداء وفوضى في آليات الاستيراد والتوزيع".

بدوره، قال الدكتور سمير أبو مدللة أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة إن "الاقتصاد الفلسطيني يعاني من تبعية عميقة للاقتصاد الإسرائيلي، والإجراءات الإسرائيلية المشددة التي فرضت منذ بدء الحرب على غزة، أدت إلى إضعاف شامل في قدرة المواطن والحكومة والمؤسسات على الصمود الاقتصادي، والحرب الإسرائيلية الإيرانية فاقمت هذا الوضع الهش".

وأوضح لـ ((شينخوا)) أن "هذه الحرب تسببت في ارتفاع في الأسعار واضطراب في أسواق العملات ما انعكس سلبا على الأسواق الفلسطينية، في وقت تعاني فيه الحكومة من عجز عن دفع الرواتب ما أدخل السوق المحلية في حالة ركود شبه كامل".

فيما قال الدكتور يعرب محمود أستاذ الاقتصاد بالجامعة العراقية إن "العراق دولة نفطية وارتفاع أسعار النفط يحقق لها مكاسب مالية، بالمقابل فإن استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران سوف يبدد هذه المكاسب لأن أسعار جميع البضائع سوف ترتفع خاصة المواد الغذائية خصوصا أن العراق يستورد أغلبها من الخارج".

وتابع أن "الحركة السياحية تأثرت كثيرا بالفعل نتيجة غلق الأجواء وإيقاف الرحلات الجوية، حيث توقف وصول أي مجموعات سياحية للعراق، وهذا سيعرض الفنادق والمؤسسات السياحية لخسائر مالية وقد يعرض بعضها للانهيار إذا استمرت الحرب لفترة طويلة".

بينما رأى الباحث السعودي عبدالعزيز الشعباني أن "الحرب بين إسرائيل وإيران، حتى لو بقيت محدودة، سيكون لها تداعيات مباشرة وغير مباشرة على السعودية، ومن أبرزها ارتفاع أسعار النفط، وهو ما قد يكون إيجابيا للموازنة العامة لكنه ينعكس سلباً على الاقتصاد العالمي وشركاء المملكة التجاريين، والبورصة السعودية قد تتأثر سلباً نتيجة حالة القلق وعدم اليقين".

وأضاف الشعباني، وهو باحث في مركز الرياض للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هناك احتمالات لاضطراب في سلاسل الإمداد خاصة الغذائية، وهروب الأموال الساخنة من الأسواق المحلية، كما أن بعض خطوط الطيران قد تعاد جدولتها.

في حين أكد مدير مركز إشراق للدراسات في لبنان الدكتور أيمن عمر أنه "في حال بقيت الحرب كما هي حاليا بطريقة الهجمات والضربات المتبادلة، وهو أمر مستبعد، فإن التداعيات الاقتصادية على لبنان ستقتصر بالدرجة الأولى على القطاع السياحي، الذي كان واعدا مع حجوزات في الفنادق الكبرى في بيروت وجبل لبنان تجاوزت نسبة الـ 85% لشهري يوليو وأغسطس".

وأضاف أن "التقديرات كانت تشير إلى أن عدد السياح قد يتجاوز 1.6 مليون سائح، إلا أنه بفعل الحرب تم إلغاء آلاف الحجوزات"، ونوه بأن تأثير الحرب على إمدادات الطاقة وسلاسل توريد الغذاء سيبقى محدودا طالما لم تتأثر الملاحة في باب المندب ومضيق هرمز.

أما الخبير الاقتصادي المصري الدكتور وليد جاب الله فقال إن "مصر دولة محورية تتأثر بما يحدث في العالم، وحتى الآن لم تحدث ارتفاعات كبيرة في البترول، كما أن مصر كانت تستعد لعدم الاعتماد بصورة كبيرة على الغاز الإسرائيلي، وقامت بتوقيع اتفاق مع قطر من أجل إمدادها بشحنات الغاز".

وأضاف أنه "حتى الآن لم تخرج أموال ساخنة من مصر، وحتى إذا خرجت خلال الفترة المقبلة مع استمرار الحرب فإنها سوف تعود" مجددا.

وتابع أن "قناة السويس بالفعل متأثرة بالصراع في المنطقة قبل حتى أن تبدأ الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وهناك تراجع كبير في إيراداتها، وإذا تصاعدت وتيرة الأحداث وتم غلق مضيق هرمز أو تم التأثير على باب المندب من خلال الحوثيين، فسوف يكون هناك تأثير سلبي كبير على قناة السويس والاقتصاد العالمي بالكامل".

ومن الكويت، قال الدكتور ناصر محمد إن الحرب بين إسرائيل وإيران، وما يتبعها من تهديدات بغلق مضيق هرمز، تشكل خطرا استراتيجيا واقتصاديا كبيرا على الكويت والمنطقة بأكملها.

وأضاف أنه في حال تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران إلى مواجهة شاملة، فإن الاقتصاد الكويتي سيكون عرضة لتداعيات مباشرة وغير مباشرة.

ومن هذه التداعيات، ارتفاع أسعار النفط نتيجة القلق من تعطل الإمدادات ما سيؤدي إلى زيادة الإيرادات النفطية للكويت بشكل كبير، في الوقت نفسه قد يقابل هذا الارتفاع بتباطؤ عالمي في النمو الاقتصادي، ما يؤدي لاحقا إلى انخفاض الطلب على النفط وتقلبات في العائدات.

-- تأثيرات مباشرة

وستشمل هذه التداعيات، وفق الخبير الكويتي، تراجع أداء البورصة وصعوبات في سلاسل الغذاء والتوريد، وارتفاع تكلفة التأمين والنقل، فضلا عن ضغوط على الدينار الكويتي.

بينما قال مدير مركز الدستور للدراسات الاقتصادية بالأردن عوني الداود إن هناك تأثيرات مباشرة للحرب الاسرائيلية الإيرانية على دول المنطقة لأنها منطقة ساخنة جدا وتمتلك ثروات كبيرة من النفط والغاز وأهم ثلاثة مضائق في العالم، وهي هرمز وباب المندب وقناة السويس.

وأكد الداود أنه "كلما امتد أمد هذه الحرب كلما زادت الخسائر من خلال زيادة أسعار السلع والخدمات والنفط، وكلما زاد الضغط على الاقتصادات في المنطقة وعلى الاقتصاد العالمي".

بينما قال المحلل الكويتي داهم القحطاني إن الحرب بين إسرائيل وإيران لم تحدث حتى الآن أي آثار مباشرة على الاقتصاد الكويتي، لكن المخاوف الحقيقية ترتبط بإمكانية إغلاق مضيق هرمز، الذي وصفه بـ"باب الخليج"، محذرا من أن مثل هذا التطور رغم أنه لم يحدث تاريخيا، سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة التأمين على الشحنات النفطية ورفع أسعار السلع عالميا.

-- السيناريو الأسوأ

وأوضح الباحث اللبناني أيمن عمر أن السيناريو الأشد سوءا هو اتساع رقعة الحرب وشمولها لمناطق أخرى مثل لبنان والعراق واليمن، وعندها سيقضى على الموسم السياحي اللبناني نهائيا، كما ستتأثر الملاحة البحرية العالمية برمتها، وسنشهد ارتفاعا دراماتيكيا في أسعار الطاقة عالميا، إذ من المتوقع أن يتجاوز سعر برميل النفط 100 دولار وسيستمر في الارتفاع مع اشتداد حدة الحرب.

وأضاف "عندها سنكون أمام كساد اقتصادي عالمي وتضخم في الأسعار سيطال لبنان والمنطقة".

أما المساجدي فرأى أنه "في حال استمر النزاع بين إيران وإسرائيل لفترة طويلة، فإن انعكاساته على الاقتصاد الحوثي باليمن كبيرة".

وأشار إلى أن استمرار النزاع قد يتطور إلى مستوى خطير وربما كارثي، إذ سيؤدي استمرار الانقطاع في خطوط الإمداد والدعم، إلى تآكل تدريجي في البنية الاقتصادية للحوثيين، خاصة مع اضطراب شبكات الحوالات وغسل الأموال المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، والتي تشكل أحد أهم مصادر التمويل غير الرسمي للحوثيين".

وتابع أن ذلك "قد يخلق حالة من الشلل الاقتصادي تدفع الجماعة إلى تصعيد الجبايات والضغوط على القطاع الخاص لتعويض الفجوة المالية، وهو ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى ازدياد السخط الشعبي وتراجع شرعية الجماعة داخليا".

بينما حذر أبو مدللة من أن استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران قد يقود إلى تدهور أكبر في الوضع الاقتصادي الفلسطيني، الذي يعاني أصلا من ضعف بنيوي وهشاشة شديدة، وأكد أن بعض مظاهر الأزمة بدأت تتجلى بالفعل من خلال نقص واضح في المواد الأساسية، في ظل استمرار القيود الإسرائيلية على حركة البضائع.

وأضاف أن استمرار الحرب في ظل إغلاقات إسرائيلية محتملة للموانئ والمطارات قد يؤدي إلى شلل تام في سلاسل الإمداد، ما يعني نقصا متزايدا في السلع وارتفاعا حادا في الأسعار، لا سيما في قطاع غزة الذي يعاني أصلا من الحصار، وحذر من أن هذه التطورات ستدفع أعدادا متزايدة من الفلسطينيين نحو حافة الفقر وربما المجاعة.

في حين رأى المحلل العراقي يعرب محمود، أن استمرار الحرب ستكون له نتائج سلبية على الشعب العراقي، خصوصا أن العراق جار لإيران وقد يشهد نزوح العديد من الإيرانيين للمدن العراقية وهذا سيشكل تحديا للحكومة العراقية.

وأردف أن استمرار الحرب سيقود إلى توقف بعض المشاريع الصناعية والتجارية والسياحية في العراق أو انخفاض مستوى تنفيذها وبالتالي ستزداد نسبة البطالة.

بدوره، أوضح الشعباني أنه "كلما طال أمد الحرب أو توسعت رقعتها الجغرافية، زادت التداعيات، واستمرار الحرب قد يخلق موجة تضخم عالمي ويزيد الضغط على ميزانيات الدول المستوردة للغذاء والطاقة، وفي الحالة السعودية أعتقد ستزداد مخاطر سحب الاستثمارات الأجنبية أو تأجيلها، كما قد ترتفع تكلفة التأمين والنقل في المنطقة".

-- تحذيرات من غلق مضيق هرمز

وقال المساجدي، إنه "إذا تطورت الحرب إلى درجة قيام إيران بغلق مضيق هرمز، وهو أحد السيناريوهات المحتملة، فإن التداعيات ستكون عالمية بالدرجة الأولى، وستشمل ارتفاعا هائلا في أسعار النفط والغاز نتيجة توقف جزء كبير من الإمدادات العالمية، وستتأثر الأسواق المالية بشدة، وستواجه سلاسل التوريد في آسيا وأوروبا ارتباكا واسعا، وربما تعود المخاوف من الركود الاقتصادي العالمي".

ورأى أنه "بالنسبة لليمن، فإن هذا السيناريو (غلق هرمز) سيمثل كارثة اقتصادية مزدوجة خصوصا أن الحوثيين يعتمدون بشكل كبير على الوقود الإيراني الذي يصل عبر البحر، ومع توقف هذا الإمداد ستقفز كلفة الوقود بشكل حاد وسيتضرر النقل والكهرباء وسلاسل الإمداد الغذائي في عموم اليمن".

من جهته، أوضح أبو مدللة أنه إذا أقدمت إيران على إغلاق مضيق هرمز فإن ذلك سيشكل ضربة قاصمة للاقتصاد العالمي، وسينعكس مباشرة على الأراضي الفلسطينية عبر ارتفاع أسعار النفط وتكاليف الشحن، ما يؤدي إلى موجة غلاء جديدة في السلع الأساسية.

بدوره أوضح يعرب محمود أنه إذا أقدمت إيران على غلق مضيق هرمز فإن ذلك سيؤثر على جميع دول العالم ويشل الحركة الاقتصادية خاصة بالشرق الأوسط، وأوضح أن إمدادات النفط العراقي سوف تتوقف وهذا سيؤدي إلى حصول أزمة مالية وربما لا تستطيع الحكومة دفع رواتب الموظفين لأن العراق يعتمد على بيع النفط بنسبة أكثر من 90% من موازنته العامة، كما أن غلق المضيق سيؤدي أيضا إلى توقف عمليات الإعمار والتنمية في العراق.

بدوره قال ناصر محمد إن أكثر من 20% من تجارة النفط العالمية تمر عبر مضيق هرمز، وفي حال قامت إيران بغلقه سيؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط وأزمات طاقة في الدول الصناعية وركود اقتصادي عالمي بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والشحن.

وأضاف أن أكثر من 90% من صادرات الكويت النفطية تمر عبر المضيق، وبالتالي غلقه يعطل التصدير مؤقتا، ما يؤدي إلى انخفاض إيرادات الدولة بشكل مباشر إذا طال الإغلاق.

صور ساخنة