4 يونيو 2025/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ التحق 27 طالب من القوات الجوية الجزائرية بمدارس الطيران الصينية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حيث فتحت مدارس الطيران في هاربين وشنيانغ وشيجياتشوانغ ووهان وأماكن أخرى دورات مهنية لهم، مثل قيادة المقاتلات وصيانة آلات الطيران. ويُمثل هؤلاء الطلاب الجيل الأول من الطيارين والفنيين في الجزائر، وقد أصبحوا ركيزة أساسية لتطوير القوات الجوية في البلاد بعد الاستقلال.
بعد أكثر من 60 عامًا، عاد بعض المحاربين القدامى الجزائريين الذين تلقوا تدريبهم في الصين إلى أرض الوطن، والتقوا مجددًا بالمدربين الصينيين السابقين، ولمسوا إنجازات الصين التنموية في العصر الجديد. وبعد اختتام زيارتهم للصين التي استمرت خمسة أيام، صرّح المحاربون الجزائريون لمراسل صحيفة الشعب اليومية بالجزائر، بأن الصين شهدت تغيرات هائلة مقارنةً بما كانت عليه قبل أكثر من 60 عامًا. مع ذلك، عندما التقوا بالمعلمين الصينيين مرة أخرى، بدا لهم أن الشعور المألوف أعادهم إلى ما قبل أكثر من 60 عامًا.
شهدت الزيارة التنظيم بشكل مشترك من قبل وزارة شؤون المحاربين القدامى الصينية، والسفارة الصينية في الجزائر، ووزارة المجاهدين وذوي الحقوق الجزائرية. وخلال زيارتهم للصين، زار المحاربون الخمسة من القوات الجوية الجزائرية وأقاربهم بكين وشيجياتشوانغ وشيآن وأماكن أخرى، وزاروا المتحف العسكرى للثورة الشعبية الصينية، وأكاديمية شيجياتشوانغ للطيران التابعة للقوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني، ومعهد الشرق الأوسط بجامعة نورث ويست.
"بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل أكثر من 60 عامًا، شهدت الصين تغيرات هائلة، ومستوى تحديثها يفوق التصور: البنية التحتية متطورة، ومظهر المدينة يأسر الألباب، وشبكة السكك الحديدية عالية السرعة سريعة ومستقرة ونظيفة ومرتبة، والخدمة جيدة." وقال المجاهد مشري عمر: "هذه كلها ثمرة العمل الدؤوب للشعب الصيني والقيادة الحكيمة للحزب الشيوعي الصيني. لا يمكن لمثل هذه الإنجازات أن تتحقق إلا في الصين. لقد قدمت الصين مثالاً يُحتذى به للدول النامية في جميع أنحاء العالم، والجزائر تفتخر بصداقتها مع الصين، وتأمل أن تستفيد من تجربتها." معبرا عن تأثره بشكل خاص عندما رأى صوره وهو يتلقى تدريبًا في الصين بالمتحف العسكري.
قال المجاهد بوداود الوناس، إن العلوم والتكنولوجيا في الصين تتطور بسرعة، "كأننا ندخل عالم المستقبل". مضيفاً: "رأيتُ روبوتًا يكنس الارضية أثناء تسوقي في مركز تجاري. كان ذكيًا جدًا لدرجة أنني اشتريتُ واحدًا مباشرا."
وبالنسبة للمجاهد حمودي عمر، فإن لهذه الزيارة نكهة واهمية خاصة، حيث صادف يوم 29 مايو عيد ميلاده الـ85 في الصين. قال: "هذه مفاجأة غير متوقعة! إن قضاء عيد ميلادي بحضور أصدقائي الصينيين أمر لن أنساه أبدًا."
حقق المجاهد دريد أحمد لخضر أمنيته، والتقى بتشانغ ماندونغ، المدرب الصيني آنذاك، البالغ من العمر 90 عامًا، وكان شارك في حرب مقاومة العدوان الأمريكي ومساعدة كوريا، وحظي بإشادة الرئيس ماو. وبسبب محدودية حركته، جاء إلى لخضر على كرسي متحرك، وأصرّ على الوقوف بمساعدة آخرين لاحتضانه، عانق الاثنان بعضهما البعض وبكيا، وانهمرت دموع الحاضرين أيضًا. قال لخضر، إن تلك اللحظة كانت مألوفة بالنسبة له، "كأنني عدت إلى ما قبل أكثر من 60 عاما."
قال المجاهد مغني محند سعيد: "في ذلك الوقت، كان الذهاب إلى الصين للدراسة حلمًا كبيرًا بالنسبة لنا. كانت الصين دولة محترمة، وإن لم تكن غنية، وقد شهدت حربًا ومعاناة شديدة. ومع ذلك، لا يزال الصينيون يرحبون بنا بحرارة."
بحسب ذكريات المجاهدين، كان المدربون الصينيون يرددون دائمًا: "سنحمي سمائكم". ولمساعدة المتدربين الذين لا يجيدون اللغة الصينية على إتقان التكنولوجيا بأسرع وقت ممكن، رسم المدربون يدويًا مئات المخططات التخطيطية لأجزاء الطيران، مع شرحها باللغات العربية والفرنسية والصينية.
في خضم التكامل الثقافي، تجذرت بذور الصداقة الصينية الجزائرية بهدوء ونمت. وفي صورة قديمة باهتة، يتعلم شابان جزائريان متدربان على الطيران مهارات الطيران الاحترافية تحت إشراف مدربين صينيين. وبعد أكثر من 60 عامًا، أصبح الشابان النشيطان في الصورة في الثمانينيات من عمرهما، لكنهما لا يزالان يغنيان العديد من الأغاني الصينية المعروفة.
ومع مرور الوقت، تتألق الصداقة الصينية ـ الجزائرية بزهو جديد في العصر الجديد. ويساهم مشروع محطة الطاقة الكهروضوئية الذي تنفذه الشركات الصينية في جنوب الجزائر في أن تصبح المنطقة قاعدة مهمة للطاقة النظيفة في شمال أفريقيا. وقد ساهم الطريق السريع شرق-غرب في الجزائر، الذي شاركت الشركات الصينية في إنشائه، في اختصار زمن السفر بين المناطق الساحلية والداخلية بشكل كبير.
قال لخضر: "يتزايد الآن عدد الشباب الجزائريين الذين يتعلمون اللغة الصينية، مما يدل على تفاؤلهم بالصين واستعدادهم لاستخدام المعدات والتكنولوجيا الصينية، إنهم ينجذبون إلى النمو السريع للصين في الاقتصاد والبناء الحضري."
صرح لخضر بأنه بالإضافة إلى المجال العسكري، ساعدت الصين الجزائر أيضًا في تدريب المواهب المهنية في مجالات العمارة والأدب والفن، وقد أصبحوا مهندسين معماريين وموسيقيين ومخرجين مسرحيين، إلخ، "نحن ممتنون للغاية لهذا الدعم السخي."
من النضال جنباً إلى جنب في العصر الثوري إلى التنمية جنباً إلى جنب في زمن السلم، الصداقة الصينية ـ الجزائرية في تألق مستمر.