بكين 23 مايو 2025 (شينخوا) يشهد قطاع الذكاء الاصطناعي في الصين طفرة متسارعة، لكن هذا الازدهار يصاحبه تحد كبير يتمثل في نقص حاد في الكفاءات البشرية، في ظل سباق محموم بين شركات التكنولوجيا من رواد مصنعي الروبوتات إلى عمالقة الحوسبة السحابية، لسد ملايين الوظائف المطلوبة.
وفي منتدى حول الابتكار وريادة الأعمال أقيم مؤخرا في شانغهاي، صرح وانغ شينغ شينغ المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة يونيتري للروبوتات البشرية، قائلا "نعاني من نقص حاد في الموظفين، فكل الوظائف تقريبا تفتقر إلى كوادر".
وقال رائد الأعمال الصيني إن الشركة التي تتخذ من هانغتشو مقرا لها قد أنشأت بالفعل فرعا في شانغهاي وتسعى بشكل مكثف لتوظيف المهنيين الشباب. وأرجع جنون التوظيف إلى ارتفاع الطلب في السوق والسياسات الوطنية الداعمة، مشيرا إلى أن شركة يونيتري وغيرها من شركات الروبوتات تشهد نموا قويا.
يشتد السباق على المواهب في جميع أنحاء البلاد، حيث عرضت 830 شركة 21000 وظيفة في معرض الوظائف الذي أقيم مؤخرا بمدينة هانغتشو شرقي الصين، وهي مركز للمؤسسات الابتكارية. ويركز نصف هذه الوظائف على خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتطوير النماذج الكبيرة. وبالمثل، أعلن حدث توظيف في قوانغتشو جنوبي البلاد عن أكثر من 50 ألف فرصة عمل، معظمها في الإلكترونيات والتصنيع المتقدم وغيرها من المجالات ذات الصلة.
ومن جانبه، قال ليو تسي يين، مدير العمليات بشركة تكنولوجيا في مدينة تيانجين شمالي الصين، إن "شركتنا بدأت في إطلاق مشاريع تشمل الروبوتات والنماذج الكبيرة في العام الماضي، ونحن بحاجة ماسة إلى مواهب محترفة متخصصة في الذكاء الاصطناعي"، مضيفا أنه يزور بشكل مستمر أحداث التوظيف مؤخرا للبحث عن كفاءات.
وبحسب تقرير لمركز معلومات شبكة الإنترنت الصينية حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، تضم الصين حاليا أكثر من 4500 شركة عاملة في قطاع الذكاء الاصطناعي، وتبلغ القيمة الإجمالية لصناعات الذكاء الاصطناعي الأساسية قرابة 600 مليار يوان (حوالي 83.41 مليار دولار أمريكي).
ويشير التقرير إلى أن الصين تمتلك سلسلة صناعية تضم رقائق وخوارزميات وبيانات ومنصات وتطبيقات، ما يجعل الذكاء الاصطناعي محركا رئيسيا للتصنيع الجديد، ويخلق طلبا متزايدا على الكفاءات.
لكن الفجوة بين العرض والطلب لا تزال تتسع، إذ تعد وظائف الذكاء الاصطناعي من بين الأكثر افتقارا للكوادر في الصين، وفقا لمنصة "مايماي" للتواصل المهني، حيث تقل نسبة المعروض إلى المطلوب عن 1.0، بينما تنخفض في مجالات الحوسبة السحابية والتعلم العميق إلى 0.27 فقط.
وتتوقع شركة "ماكينزي وشركائه" أن الصين ستحتاج إلى 6 ملايين متخصص في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، ولكنها قد تواجه عجزا قدره 4 ملايين متخصص.
وذكر وانغ ليانغ، الباحث في معهد الأتمتة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، أن هناك حاجة إلى خبراء متخصصين في مجالات البحث وخبراء متعددي التخصصات، بهدف تطوير خوارزميات أصلية وتسريع تكامل الذكاء الاصطناعي عبر الصناعات.
ولمعالجة الفجوة المتزايدة الاتساع في المواهب، تكثف المؤسسات التعليمية وقادة الصناعة في الصين جهودها، حيث تقدم أكثر من 500 جامعة الآن تخصصات مرتبطة بالذكاء الصناعي أو أطلقت كليات مخصصة لهذا المجال.
وأدرجت جامعتا تسينغهوا ورنمين الذكاء الاصطناعي ضمن خطط التوسع في تسجيل الطلاب لعام 2025، كما أدخلت جامعة نانكاي أكثر من 130 دورة متخصصة في إطار مبادرة تطوير مهارات الذكاء الاصطناعي أطلقتها في العام الماضي.