21 مايو 2025/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ تصدّر خبران لافتان منصات التواصل الاجتماعي المحلية والدولية في الآونة الأخيرة. الأول كان حول تزايد شعبية السفر إلى الصين، حيث ارتفعت أعداد الرحلات الدولية، وبدأت شركات الطيران الأجنبية بإضافة المزيد من الرحلات نحو الصين تدريجيا. وتؤكد البيانات هذا الاتجاه، إذ بلغ عدد الأجانب الذين دخلوا أو غادروا البلاد خلال عطلة عيد العمال لهذا العام 1.115 مليون شخص، بزيادة قدرها 43.1% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما بلغ متوسط عدد الرحلات الدولية للركاب أسبوعيا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي 6428 رحلة، بزيادة 25.4% على أساس سنوي. وفي هذا العام، أضافت الصين روابط جوية جديدة مع عدة دول، ما أتاح للسياح من 79 دولة إمكانية السفر إلى الصين دون عناء.
أما الحدث الآخر الذي لفت الأنظار على منصات التواصل الاجتماعي في الخارج فهو نصيحة متداولة على نطاق واسع:"إذا كنت تنوي السفر إلى الصين، فلا تنس إحضار حقيبة سفر فارغة!"
من سوق الحرير ببكين، إلى منطقة هوا تشيانغ بي في شنتشن، ومن مركز التجارة الدولية في يي وو، إلى متاجر السوق الحرّة بهاينان، يتزايد عدد السياح الأجانب الذين يزورون الصين خصيصا من أجل التسوق. بل إن بعضهم كوّن مجموعات شراء منظمة، وسافر إلى الصين جماعيا لهذا الغرض. كما نشر مدونون أجانب مقاطع فيديو يطلبون فيها من متابعيهم التوجه إلى الصين أو شراء منتجات صينية نيابة عنهم.
هكذا، تحوّلت "حمّى السياحة في الصين" شيئا فشيئا إلى "حمّى التسوق في الصين"، لتشكّل موجة جديدة من السفر إلى الصين، مدفوعة هذه المرة بالاستهلاك الثقافي والسياحي، وليس فقط من منظور الاستثمار أو التصنيع.
أحد أبرز الأسباب التي دفعت هذه الموجة الجديدة من السفر إلى الصين، يعود إلى سياسة الانفتاح الواسعة التي انتهجتها الصين خلال السنوات الأخيرة. ففي 13 مايو، وخلال افتتاح الاجتماع الوزاري الرابع لمنتدى الصين وأمريكا اللاتينية، أعلنت الصين عن إعفاء خمس دول من أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي من التأشيرة، مع نية توسيع هذه السياسة لتشمل دولا أخرى قريبا. كما تعمل الصين على تحسين سياسات الإعفاء من التأشيرات بشكل مستمر لتسهيل دخول السياح الأجانب.
وفي موازاة ذلك، عززت السلطات الصينية السياسات المتعلقة باسترداد الضرائب، لتسهيل تجربة التسوق على الزوار. وكانت وزارة التجارة الصينية، قد أعلنت في 26 أبريل الجاري بالتعاون مع ست إدارات أخرى، عن خفض الحد الأدنى لنقطة استرداد الضريبة من 500 إلى 200 يوان، كما رفعت سقف الاسترداد النقدي من 10 آلاف إلى 20 ألف يوان، مما زاد من رغبة السياح الأجانب في الشراء.
السبب الآخر الذي يختفي وراء هذه الموجة، هو الجاذبية التزايدة لـ "صُنع في الصين"، والتي تطورت مع الوقت لتصبح "ابتُكر في الصين". فبفضل الجودة العالية، والتكلفة الفعّالة، والابتكارات المتواصلة، أصبحت المنتجات الصينية أكثر جاذبية للمستهلكين في جميع أنحاء العالم. وتنوعت قوائم التسوق من الملابس والأطعمة إلى الهواتف والأجهزة الذكية الصغيرة.
هذه الموجة الجديدة من السفر إلى الصين، راففها تحول ثقافي أيضا. فالسياح الأجانب أصبحوا لا يكتفون بشراء المنتجات العادية، بل صاروا أكثر إقبالا على رموز الثقافة الصينية مثل، الملابس التقليدية (الهانفو)، والمراوح اليدوية المستديرة الحريرية، وأطقم الشاي الخزفية الزرقاء والبيضاء. وبات كثير منهم يزور الصين وهم يرتدون الزي الصيني التقليدي، في مشهد يُجسّد تداخل الثقافة مع الاستهلاك، والتلاقي بين الثقافة الصينية العميقة والصناعة الصينية الحديثة. مما يُعطي عبارة "صُنع في الصين" معان أكثر عمقا.