اختتمت الدورتان الوطنيتان للصين بنجاح يوم 11 مارس الجاري. وخلال فترة انعقاد الدورتين السنويتين، أولت وسائل الإعلام الأجنبية اهتماما وثيقا للاقتصاد الصيني، وطرحت سلسلة من الأسئلة. ومن خلال التركيز الذي توليه وسائل الإعلام الأجنبية، يمكننا ملاحظة النبض القوي للتنمية الاقتصادية عالية الجودة في الصين.
هدف النمو يسلط الضوء على مرونة الاقتصاد الصيني
ذكر تقرير عمل الحكومة، أن هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي المتوقع للصين بحلول عام 2025 سيكون حوالي 5٪. ومن بين الاقتصادات الكبرى في العالم، فإن معدل النمو هذا يعد عند مستوى مرتفع نسبيا وأعلى من التوقعات السابقة لبعض المنظمات الدولية. قال تشنغ شان جيه، رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في مؤتمر صحفي، إن الصين تتمتع بمزايا مؤسسية وإمكانات سوقية هائلة وحيوية شركاتية، وتمتلك الشجاعة والثقة لمواجهة المخاطر والتحديات، وهناك أساس ودعم وضمان لتحقيق الهدف الذي يقارب الـ 5% هذا العام.
إذا نظرنا إلى الماضي، نرى أن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين رائعة. من عام 2020 إلى عام 2022، حقق نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين نمواً بمعدل سنوي متوسط يبلغ حوالي 4.5٪. وفي عام 2023، حقق نمو بنسبة 5.2٪. وفي عام 2024، وفي مواجهة الوضع المعقد والخطير في الداخل والخارج، تجاوز الناتج الاقتصادي الإجمالي للصين 130 تريليون يوان لأول مرة، محققًا معدل نمو اقتصادي بنسبة 5.0٪.
وفي الوقت الحاضر، يكتسب الاقتصاد الصيني زخما للتنمية عالية الجودة. وقد شكّلت القيمة المضافة للاقتصادات الجديدة الثلاثة، أي الصناعات الجديدة، وأشكال الأعمال الجديدة، ونماذج الأعمال الجديدة، أكثر من 18% من الناتج المحلي الإجمالي. وتجاوز إنتاج مركبات الطاقة الجديدة 13 مليون مركبة، ما يمثل أكثر من 60% من الإنتاج العالمي، وسجّل إنتاج وصادرات الدوائر المتكاملة مستويات قياسية. كما تجاوز إجمالي الإنفاق على البحث والتطوير في المجتمع بأكمله 3.6 تريليون يوان، بزيادة قدرها 8.3٪. وبلغ عدد الشركات التي لديها براءات اختراع ما يقرب من 500 ألف شركة، بزيادة قدرها 16.1٪. وتسلط هذه البيانات الضوء على أن زخم النمو الجديد للاقتصاد الصيني يتشكل بوتيرة أسرع، وأن الاتجاه الإيجابي طويل الأمد أصبح أكثر وضوحا.
سلسلة من السياسات لتعزيز الاستهلاك
يحتاج تحقيق هدف النمو الاقتصادي البالغ قرابة 5٪، الى توسيع الطلب المحلي في كافة الجوانب. ويقترح تقرير عمل الحكومة أن يتحول التركيز في تنفيذ السياسات الاقتصادية بشكل أكبر نحو الاستفادة من معيشة الشعب وتعزيز الاستهلاك، واستخدام الاستهلاك لتعزيز الدورة الاقتصادية وتيسيرها، واستخدام ترقيات الاستهلاك لقيادة الترقيات الصناعية.
اقترح تقرير عمل الحكومة سلسلة من التدابير السياسية، استجابة للمشاكل التي تواجه تعزيز الاستهلاك، مثل عدم كفاية القدرة على الاستهلاك، وعدم كفاية الامدادات عالية الجودة، والحاجة الى تحسين بيئة الاستهلاك. وتشمل هذه الإجراءات تنفيذ سياسة مالية أكثر استباقية وسياسة نقدية متساهلة بشكل معتدل، مع توقع زيادة نسبة العجز بمقدار نقطة مئوية واحدة عن العام السابق. وتنفيذ إجراءات خاصة لتعزيز الاستهلاك، وترتيب 300 مليار يوان من السندات الحكومية الخاصة طويلة الأجل لدعم استبدال السلع الاستهلاكية القديمة بأخرى جديدة. وتهدف هذه السياسات إلى زيادة الدخل وتخفيف الأعباء لتعزيز القدرة الاستهلاكية، وزيادة العرض عالي الجودة لخلق طلب فعال، وتحسين بيئة الاستهلاك لتعزيز الرغبة في الاستهلاك.
استمر حجم سوق الاستهلاك في الصين في التوسع خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت سيناريوهات الاستهلاك أكثر ثراءً وابتكارًا. في عام 2024، بلغ إجمالي مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية في الصين حوالي 48.8 تريليون يوان، بزيادة قدرها 3.5٪ عن العام السابق. ويشهد تحول الإنجازات العلمية والتكنولوجية تسارعا ملحوظاً، وأصبحت الملكية الفكرية الثقافية الصينية "متميزة" و"عالمية"، مما يساعد على مواصلة تطوير أنواع جديدة من الاستهلاك مثل الرقمي والأخضر والذكي.
الانفتاح رفيع المستوى يعزز التنمية العالمية
في ظل خلفية عدم كفاية زخم النمو الاقتصادي العالمي، والرياح المعاكسة في العولمة الاقتصادية، التزمت الصين بثبات بالانفتاح، ووسعت الانفتاح المؤسسي بشكل مطرد، وتوسعت بشكل منظم في الانفتاح المستقل والأحادي الجانب، واستخدمت الانفتاح لتعزيز الإصلاح والتنمية.
وقد نص تقرير عمل الحكومة بوضوح على أن الصين ستوسع الانفتاح على مستوى عال، وتعمل بنشاط على استقرار التجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي، وتواصل توسيع الشبكة العالمية لمناطق التجارة الحرة عالية المستوى، وتعارض جميع أشكال الأحادية والحمائية. ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد الصيني نموا بنسبة 5% في عام 2024، وستظل مساهمته في النمو الاقتصادي العالمي عند حوالي 30 ٪. بالإضافة إلى ذلك، تطبق الصين تعريفات جمركية صفرية على 100٪من بنود التعريفة الجمركية لجميع البلدان الأقل نمواً التي تربطها بها علاقات دبلوماسية، مما يدفع نمو الواردات من البلدان المعنية.
تكتب الصين فصلا جديدا من التنمية عالية الجودة مع سوق استهلاكية أكثر ديناميكية ووتيرة أكثر حزما للانفتاح ومشاركة فرص التنمية مع العالم. وإن الاستثمار في الصين هو الاستثمار في المستقبل.